الفنون البصرية > أيقونات فنية خالدة

عُزلةٌ بين الناس لوحة أمسية زرقاء.

إدوارد هوبر(Edward Hopper) هو فنان أمريكي، ولد بمدينة نيويورك، في الثاني والعشرين من عام 1882م، وتوفي عام 1967م، امتازت أعماله الواقعية -التي صوّرت الواقع المتمدّن- بغرابة الواقع المحيط الذي لا نعدَّهُ عادةً مألوفًا(1)؛ إذ كان الفنان شديد الاهتمام بتصوير الشكل البشري في هذا المحيط الغريب الهادىء؛ إذ أنّ الفنان ينتمي للمدرسة الفنية الواقعية الاجتماعية(1)، الواقعية الأمريكية.(5)

صورة الفنان

أكدّت الواقعية الأمريكية (American Realism) على المشاعر وعلى الخيال وعلى الفرد كعناصر أساسية في أعمالها، بدأت هذه الحركة في ثلاثينات القرن التاسع عشر، ولكنَّها وصلت إلى الصدارة في الحرب الأمريكية الأهلية وحتى نهاية القرن التاسع عشر، كانت هذه الحركة مخلصة للحياة الحقيقية أو الحياة الواقعية، يهتمُّ الفنان الواقعيُّ فيها مركّزًا عمله في وقته وواقعه، متعاملًا مع المحيط المألوف الذي يراه كلَّ يومٍ ومع النَّاس الذين يعيشون ويشغلون هذا المحيط متأثّرًا بالمناخ الاجتماعي السياسي لعصره.(6)

تُعَدُّ لوحة أمسية زرقاء (Soir Bleu) -المحفوظة في متحف ويتني للفن الأميريكي، نيويورك، الولايات المتحدة. (Whitney Museum of American Art, New York, United states)- اللوحة الأكثر طموحًا في حياة Hopper المهنية.

رسمها الفنان في عام 1914م، وهي لوحةٌ تجسّد الإنسان وتهتم بوجوده. اسم هذه اللوحة مأخوذٌ من تأثير تواجد الفنان في ذلك المكان، الاسم باللغة الفرنسية "Soir Bleu"؛ لم يطلقه عليها الفنان Blue Night، إنّما هو يريد منّا أنْ نفكّر بالفرنسيين وبفرنسا خاصةً.(2)

اللوحةُ تُشعرنا بأنّنا نمرُّ في ذلك المشهد بالصدفة، لا أحدٌ يَنظُر إلينا من شخوص اللوحة، لا أحدٌ إلّا تلك المرأة.(3) يُصوّرُ (Hopper) مجموعةً ذات تركيبةٍ غريبة من النّاس المجتمعين تحتَ خيمةٍ في نهاية حفلة ما. النَّاسُ هم من اليسار: رجلٌ من الطبقة العاملة يُدخِّنُ سيجارة (2)، وربَّما ينتظرُ وجبته أو ينتظر قدوم صحبه(3)، في المُنْتصف نرى تلك المرأة التي يمثّلها الفنان كبائعةِ هوى(2)، ونرى مهرِّجًا لا يشارك حديث الرَّجُلينِ الذين يبدو أحدهم بثياب العمل والآخر وكأنّه من عمال السيرك بزيِّه ذو القميص الأزرق والجاكيت الزرقاء المزّينة بالخيوط المذّهبة على الأكتافِ والبنطال الأحمر.(3) ونرى في يمين اللوحة زوجين يبدون كبرجوازيين أو من الطبقة المتوسطة العليا.(2)

تمثّل اللوحة جوًّا أمريكيًّا بامتياز، يمثّله الفنان هنا باستعارة صورة من الحياة الباريسيّة -في أوائل القرن العشرين- التي انتقل إليها الفنان متأثّرًا بحياة السيرك.(3) لا يشبه أيُّ أحدٍ في هذه اللوحةِ الآخر، الكلُّ مختلفٌ تمام الاختلاف، يمثّل (Hopper) الناس هنا منفصلين عن واقعهم، باحثين عن معنىً لوجودهم في مكانٍ آخر.(2) نرى المهرِّجَ هنا صامتًا وتائهًا في انعكاسه على ذلك الإبريق الذي أمامه، نشعر بأنَّه عالقًا في أفكاره، إنَّه عالقٌ تمامًا مثل تلك السيجارة التي في فمه، وهو مخبّأٌ وراء مكياجه ولباسه، ونظرته وهيئته يُلقيانِ علينا شعورًا -غير مريح من الوحدة- يُجبرنا على تفحّصِ اللوحة مجددًا، ولكنّنا نستمرُّ في العودة لمشاهدة حضوره الذي يشير لغيابه كليًّا عن اللوحة.(3)

هناك شيءٌ ما يحصل دائمًا في لوحات Hopper؛ شيءٌ يبدو أنَّ الشخصيات قادرة على تجاهله بهدوء، وفي حالة هذه اللوحة الشخصيات تتجاهل وجودنا، وتخترق ذلك التجاهل نظرة خافتة من المرأة في المُنتصف، لنعود ونشعر بالوحدة مع المهرِّج من جديد.(3)

رُسمت اللوحة بالألوان الزيتية على قماش (4).

أبعادها: 182.7 * 91.7 سم. (4).

المصادر:

1- Edward Hopper | American artist [Internet]. Encyclopedia Britannica. 2020 [cited 8 May 2020]. Available from: هنا

2- Edward Hopper, Soir Bleu, 1914 [Internet]. Whitney.org. 2020 [cited 8 May 2020]. Available from : هنا

3- Morganti E. Soir Bleu. The loneliness of Edward Hopper [Internet]. 2012 [cited 8 May 2020]. Available from: هنا

4- Soir Bleu Edward Hopper 1914, Whitney Museum of American Art, New York. [Internet]. Google Arts and Culture. [cited 10 May 2020]. Available from: هنا

5- Edward Hopper Biography [Internet]. Edwardhopper.net. [cited 11 May 2020]. Available from: هنا

6- American Realism [Internet]. Longwood.edu. [cited 11 May 2020]. Available from: هنا