التاريخ وعلم الآثار > منوعات تاريخية وأثرية

عيد الأم في أيّار.. ما قصته؟

يُحتفَل بعيد الأم بكونه عطلة لتكريم الأمهات في أنحاء العالم، وقد بدأ بشكله المعاصر (أي أن يحتفل به في شهر أيار/ مايو) من الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ عُيِّن في الأحد الثاني من شهر أيار/مايو وما زالت عديد من الدول تحتفل به في هذا اليوم؛ أما الباقي فقد وضعوه في أيام أخرى تناسب مناسباتٍ أخرى لديهم؛ مثل يوم الأم في بريطانيا المستمر منذ العصور الوسطى، أو الحادي والعشرين من آذار/مارس في الشرق الأوسط. [1]

بدأت (آنا ماري جارفيس - Anna Maria Jarvis) من فيلادلفيا في الولايات المتحدة تقليد عيد الأم بحفل تأبين أقامته لوالدتها في كنيستها في الثاني عشر من أيار عام 1907، وخلال خمس سنوات انتشر التقليد في أنحاء الولايات المتحدة واعتُمِد عيدًا رسميًّا [3] من قِبل الرئيس الأمريكي (وودرو ويلسون - Woodrow Wilson) وكانت (آنا) من بدأ عادة ارتداء القرنفل الأبيض في عيد الأم الذي تطورت لاحقًا لارتداء القرنفل الأحمر أو الوردي إذا كانت الأم على قيد الحياة أو الأبيض إذا كانت متوفاة. [1]

صورة:

Ann Reeves Jarvis 

وكانت والدة (آنا) (آنا ريفز جارفيس Ann Reeves Jarvis) قد قضت حياتها خلال القرن التاسع عشر في تنظيم النساء لنشر ثقافة تقديم العون للآخرين وتأمين حصول الأطفال على ما يحتاجونه من رعاية وحب؛ إذ ساعدت في بدء نوادي خاصة للأمهات؛ لتعليمهن كيفية العناية بالأطفال عناية صحيحة، وذلك نتيجة لفقدانها أكثر من ثمانية من أطفالها بسبب الأمراض؛ إضافةً إلى جمع التبرعات لشراء الأدوية والأدوات الصحية وتقديمها لمن كن غير قادرات على شرائها، وقد تطورت هذه الأندية لاحقًا لتعزيز قوة توحيد البلاد التي كانت منقسمة بسبب الحرب الأهلية؛ إذ نظمت (جارفيس) عام 1868 "يوم صداقة الأمهات"؛ إذ اجتمعت الأمهات مع جنود سابقين لتعزيز المصالحة؛ إضافة إلى مهام تلك النوادي في تقديم الملابس والطعام والرعاية الطبية للجنود من كلا الجيشين، وكان هذا نتيجة لفكر (جارفيس) في تعزيز السلام وجعل الأم عنصرًا محايدًا في أثناء الصراعات. [2] [4]

وهكذا كان عيد الأم طريقة (آنا) في تكريم عطاء والدتها من أجلها، ولتكريم عطاء كل أم في سبيل أولادها، واستطاع هذا الهدف جمع الناس خلفه، خصوصًا كونه جرى في أيام الآحاد الذي أسهم في نشره في الكنائس أيضًا، وقد وزعت (آنا) في عيد الأم مئات أزهار القرنفل للأمهات اللواتي حضرن وسرعان ما انتشر في أنحاء الولايات المتحدة؛ فأصبح عيدًا رسميًّا في ولاية "فرجينيا الغربية" في 1908 ثم في الولايات المتحدة في عام 1914، وقد جرى ذلك نتيجة لجهود (أنا)؛ إذ راسلت كثيرًا من الصحف والسياسيين البارزين لجعل يوم الأم يومًا وطنيًّا يُضاف إلى التقويم الأمريكي بحجة أن الأعياد الأمريكية كلها منحازة للذكور. [2] 

وعلى الرغم من أن (آنا) لم ترغب في تحوّل العيد إلى الشكل التجاري [3]؛ فإن ذلك ما حدث؛ إذ نشطت تجارة الأزهار وبطاقات المعايدة والحلوى، وكان ارتفاع أسعار الورود ما جعلها تطلب من الناس ألا يشتروا الورود والبطاقات والحلوى، وعلى الرغم من أنها شاركت في البداية مع بائعي الأزهار في تنظيم الاحتفالات في البداية؛ فإنها رفضت تسليع "يوم الأم"؛ إذ لجأت جارفيس في نهاية المطاف إلى حملة مفتوحة ضد المستفيدين من عيد الأم، وتحدثت علانية ضد الحلوانيين وبائعي الزهور وحتى الجمعيات الخيرية، وأطلقت دعاوى قضائية كثيرة ضد المجموعات التي استخدمت اسم "عيد الأم" على نحو تجاري، وفي النهاية أنفقت معظم ثروتها على الأمور القانونية، وبحلول وقت وفاتها عام 1948، كانت (آنا) قد تبرأت تمامًا من هذا اليوم حتى إنها ضغطت بشدة على الحكومة لإزالته من التقويم الوطني. [2]. 

ولكن على الرغم من ذلك ما زال الاحتفال بهذا اليوم مستمرًا بالتاريخ ذاته حتى يومنا هذا في أمريكا وغيرها من الدول. 

المصادر:

1-هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا