الطب > مقالات طبية

أكثر التأثيرات غرابة التي يسببها سمّ العناكب

على الرغم من أنّ سبايدر مان (الرجل العنكبوت) اكتسب قدراته الخارقة إثر تعرّضه للدغة عنكبوت، إلّا أنّ ضحايا لدغات العناكب العادييّن يعانون من تأثيرات لا صلة لها بالقدرة على تسلّق الجدران أو الصعود إلى السقف.

بعض أكثر التأثيرات غرابة التي يسببها سمّ العناكب على الأشخاص الطبيعيين غير الخارقين تتضمّن النعوظ (الانتصاب) غير المرغوب وتموّت أنسجة الجلد وأخذها اللون الأسود، بالإضافة إلى طفح غير طبيعيّ وبول غامق وتعرّق غزير لدرجة تشكليه بركاً على الأرض.

ولكن يجب علينا أن نتذكّر أنّ مثل هذه الأعراض غير الاعتيادية نادرة جداً، ومعظم لدغات العناكب غير مؤذية أو أنّها تُسبّب حكّة وتخريشاً خفيفاً فقط.

في الواقع، لا تلدغ العناكب الناس عادةً، وفي حال حدث ذلك فلأنّها تكون قد شعرت بالتهديد. عناكب الأرملة السوداء وعناكب العصلاء البنيّة "brown recluse" هما الجنسين الوحيدين من العناكب في أمريكا الشماليّة التي تتظاهر لدغاتها أحياناً بأعراض أكثر شدّة من مجرّد الألم الموضعيّ والتورّم، وذلك حسب "ريك فيتر" عالم العنكبوتيات في جامعة ريفرسايد في كاليفورنيا.

وفيما يلي بعض أغرب التأثيرات التي تسبّبها لدغات العناكب على البشر:

أولاً : الفياغرا السامة!!

إنّ سمّ العنكبوت البرازيليّ الجوّال يحتوي على ذيفان (سمّ) ذو مُميّزات غير عادية محرّضة للانتصاب ممّا جذب انتباه معامل صناعة الأدوية.

في عام 2007 وجد الباحثون أنّ سمّ هذه العناكب يمكن أن يُسبّب انتصاباً مديداً ومؤلماً عند الذكور بالإضافة إلى أعراض أخرى، حيث أنّ هذا السمّ يزيد من مستويات أوكسيد الآزوت Nitric Oxide، وهي مادة كيميائية تزيد من التدفّق الدموي (عن طريق توسيع الأوعية وبالتالي زيادة الجريان الدمويّ).

قام الباحثون بتجريب هذا الذيفان على أمل تطوير دواء جديد لعلاج مشاكل الانتصاب.

إنّ هذه العناكب كبيرة الحجم مما يجعلها مُخيفةً، إلّا أنها ليست عدوانيّة وهي كمعظم العناكب لن تُهاجِم إلا إذا شعرت بما يُهدّد حياتها.

ثانياً : تموّت الأنسجة:

على الرغم من وجود حالات تسمّم نخريّ بلسع العناكب حيث يقوم السمّ بقتل الأنسجة الحية، إلّا أنّ مثل هذه الحالات نادرة جداً.

والعنكبوت الوحيد في أمريكا الشماليّة الذي يُسبّب تموّتاً في الأنسجة هو عنكبوت العصلاء البنيّ.

عندما يحدث التنخّر ، تأخذ الأنسجة أحياناً اللون الأسود الذي يدلّ على تموّت الخلايا.

ذُكرت حالة السنة الفائتة عن امرأة كانت في عطلة في إيطاليا أصيبت بتنخر في الأذن بعد أن لدغها عنكبوت العصلاء البنيّ، حيث تحوّل جزء من أذنها للون الأسود فقام طبيبها باستئصال الأنسجة الميتة وقام بتعويضها باستخدام غضاريف من الأضلاع.

ثالثاً : الطفح الجلديّ الغريب :

بعض الأشخاص يطورون ارتكاسات جلديّة غير متوقّعة نتيجة لدغة العنكبوت.

مريض من فرنسا عمره 66 عاماً أظهر طفحاً غريباً بعد أن لدغه أحد العناكب، حيث رجّح طبيبه أن يكون من عناكب العصلاء البنيّة. وقد اشتكى المريض من نتوءات صغيرة ظهرت على الساعد ثم ما لبثت أن انتشرت إلى كامل أنحاء الجسم .

شخّص الأطباء هذا المريض بحالة تُدعى "الطفح البثاري الحاد المعمم"*، والتي تحدث عادة عند الأشخاص الذين يتناولون المضادات الحيويّة. تعافى المريض خلال خمسة أيام بعد أن عولج بالستيروئيدات (الكورتيزونات) الفمويّة.

رابعاً : اضطرابات دمويّة غريبة واغمقاق لون البول :

في حالة المريض الفرنسيّ السابق وجد الأطباء أنّ لديه اضطراباً دموياً يدعى "التهاب الشرايين العقديّ المتعدّد (PAN)"، حيث تتورّم الشرايين الصغيرة وتتأذّى .

عزى الأطباء هذه الحالة إلى لدغة عنكبوت العصلاء، إذ أنّ تقارير سابقة ذكرت حدوث حالات مشابهة في الحيوانات التي حُقنت بسمّ عنكبوت العصلاء البنيّ .

في الواقع تعتبر الاضطرابات الدمويّة واحدة من الأعراض النادرة التي تحدث عند الأشخاص الذين تعرضوا للدغ عناكب العصلاء.

قد يُسبّب سمّ هذه العناكب انحلال الكريات الحمر وبالتالي خروج محتوياتها إلى بلاسما الدم، وهذا ما يسمى "الانحلال الدموي"، وكنتيجة لهذا فقد يصاب المريض بفقر دم قد يستمرّ من أربعة إلى سبعة أيام .

إنّ مثل هذه الاضطرابات الدمويّة قد يقود إلى أعراض أخرى مثل القصور الكلوي الحاد واليرقان والذي ينتج عن تحطم بروتين الهيموغلوبين الموجود داخل الكرية الحمراء (نتيجة انحلالها). إنّ نواتج تحطّم الكريات الحمر ستتجمّع في الدم، وعندما يتمّ طرحها (عبر الكلية) ستؤدي إلى اغمقاق بلون البول .

خامساً : بركة من العرق :

وُجد أنّ بعض ضحايا لدغ عناكب الأرملة السوداء في أستراليا كانوا يتعرّقون بشكل غزير لدرجة أن تتشكّل بقع من العرق على الأرض، حسب ما ذكر فيتر في إحدى دراساته .

إنّ التعرّق الغزير هو أحد الأعراض الناتجة عن لدغ عناكب معيّنة تؤثّر على الجهاز العصبي. فعلى سبيل المثال، سمّ الأرملة السوداء يهاجم الأعصاب حيث يؤدّي إلى إرسال النواقل العصبيّة باستمرار من الأعصاب إلى العضلات، ممّا سيجعل العضلات تتقلّص بشكل متكرّر، لحين نفاذ هذه النواقل، مما سيُسبّب إحساساً بالألم والإجهاد .

قد يعاني هؤلاء المرضى أيضاً من أعراض عصبية أخرى، كارتفاع ضغط الدم والهياج وتشنّجات شديدة في الوجه .

من هم الذين تظهر عليهم هذه الأعراض؟

إنّ ظهور مثل هذه الأعراض المتوسّطة أو الشديدة يعتمد على عدّة عوامل مثل كميّة السمّ المحقون وحجم وعمر الشخص الملدوغ، فالأطفال وكبار السنّ لديهم قابليّة أكبر لتطوير مثل هذه الأعراض الشديدة، إلّا أنّ أغلب الأشخاص نادراً ما تظهر عليهم مثل هذه الأعراض.

*Acute generalized exanthematous pustulosis (AGEP)

المصادر

هنا

هنا