الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

النفايات الرقمية؛ الخطر المختبئ في البيانات

غزت الثورةُ الرقميةُ نواحي حياتنا كافة، من رقمنة التسوق والاجتماعات والعلاقات الاجتماعية إلى الحاجات الأساسية اليومية كالتواصل والعمل عن بعد وغيرها. وعلى الرغم من هذا الغزو؛ فقد كان لا بدَّ من دراسة الأثر البيئي لهذه الثورة؛ إذ يعدُّ التلوث البيئي مشكلةً كبرى في مواجهة الصحة العامة، خصوصاً بعد الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر (1).

ازدادت كمية النفايات الرقمية والإلكترونية في العقد الماضي بكثرةٍ في ظلِّ تحول وسائل التخزين الرقمية إلى الفضاء الرقمي، مثل تخزين الرسائل الإلكترونية والملفات الصوتية والمرئية. وقد أدَّى تقدمُ الخدمات الإلكترونية إلى وصول الملفات الرقمية والبيانات كافة إلى مجمَّعات إلكترونية واحدة حلَّت محلَّ الأشرطة والأقراص التي غالباً ما ينتهي بها المطاف في مكبَّات النفايات.

يشير مصطلحُ الفضاء الرقمي والحَوْسَبة السحابية إلى البِنى التحتية السائدة وأنظمة العمل التي تنتقل فيها البيانات والمعلومات والموارد إلى المستخدمين عبر الإنترنت عند الحاجة إليها، ويلزم لحدوث ذلك كميات هائلة من مراكز البيانات المستهلِكة للطاقة (2).

لكن ما نعرفه أن الإنترنت قد ساهم في توفير الطاقة، أليس كذلك؟

أشار تقريرُ (The Internet Economy and Global Warming) إلى أنَّ المبيعات الرقمية والأسواق الإلكترونية قد تسهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2010، لكنَّ الأمور أخذت منحىً مختلفاً، فإننا من خلال النشاطات الإلكترونية ننتج كثيراً من البيانات، وتُكوِّن هذه البياناتُ والنشاطاتُ الإلكترونية بصمتك الرقمية (Digital Footprint) التي يمكن وصف جزءٍ منها بالنفايات الرقميّة. إذاً لنتخيل معاً كمية البيانات والمعلومات التي أنتجها البشر منذ بداية استخدامهم الإنترنت والتي لم نعد بحاجتها، مثل رسائل البريد الإلكتروني والملفات غير اللازمة والتالفة وغيرها.

وبذلك فإن النشاطات الرقمية كافة التي تُجريها تزيد من بصمة الكربون خاصّتك. كذلك تشير تقارير أخرى إلى أن المليارات من رسائل البريد الإلكتروني المهملة التي تُرسَل إلى المستخدمين سنوياً تستهلك كميةً من الطاقة تعادل استهلاك طاقة مليونَي منزلٍ أمريكي وتسبب انبعاث غازات تعادل انبعاثات 3 ملايين سيارة (2).

وبحسب تقريرٍ من منظمة غرينبيس (Greenpeace) بعنوان (Make IT Green: Cloud Computing and its Contribution to Climate Change)؛ سيبلغ استهلاك تقنيات الحَوْسَبة السحابية من الكهرباء قرابة 1963 مليار كيلو واط ساعي في عام 2020 (3).

وفي السياق ذاته؛ يسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (Information and Communication Technology - ICT) في الانبعاثات الغازية الضارة التي يأتي معظمها عن طريق الإنتاج والعمليّات.

إذ يعدُّ هذا القطاع مسؤولاً عن 1.5% من البصمة الكربونية الرقمية العالمية، ومن المتوقّع أن يصل تأثيره إلى 14% بحلول عام 2040 إذا ما استمرت العمليات بالمستوى ذاته؛ وهو ما يعادل نصف مساهمة قطاع النقل العالمي في هذه البصمة.

لتحليل هذه المساهمة؛ تخيل أن لكل رسالة نصية أو مكالمة هاتفية أو فيديو ترفعه أو تحمله هنالك مركز بيانات يجعلُ هذه المَهمَّة ممكنة، وتستهلك مراكز البيانات هذه كثيراً من الطاقة التي غالباً ما تُولّد باحتراق الوقود الأحفوري. ونظراً إلى ما فعلناه في خلال الأعوام الماضية وما تفعله الشركات والدول في أنحاء العالم؛ فعلينا الانتباه أكثر إلى أثرنا البيئي في كوكب الأرض، لا سيما أننا مسؤولون عنه مباشرة (4).

تابعوا منشوراتنا القادمة بمناسبة يوم الأرض لتتعرفوا بعضَ الخطوات المفيدة لتقليل البصمة الكربونية الرقمية الخاصة بكم، وذلك ضمن مشاركتنا في حملة Let's Do It العالمية بالشراكة مع الغرفة الفتية الدولية سورية JCI Syria.

المصادر:

1. Ozcan B, Apergis N. The impact of internet use on air pollution: Evidence from emerging countries. Environ Sci Pollut Res Int 2018;25:4174–89. هنا

2. A Growing Digital Waste Cloud - Our World [Internet]. [cited 2020 Apr 24]. Available from: هنا

3. Make IT Green: Cloud computing and its contribution to climate change [Internet]. Greenpeace International. [cited 2020 Apr 24]. Available from: هنا

4. Belkhir L, Elmeligi A. Assessing ICT global emissions footprint: Trends to 2040 & recommendations. Journal of Cleaner Production 2018;177:448–63. هنا