الهندسة والآليات > الطاقة

تشغيل 100 مصباح من قطرة ماء واحدة

يغطي الماء قرابة 71% من سطح كوكب الأرض، وقد حاول الإنسان جاهدًا استغلال هذه الكمية الهائلة من المياه من أجل توليد الطَّاقة بطرائق متعددة، مثل: الاستفادة من حركة المد والجزر وحركة الأمواج، واستخدام السدود وغيرها…

ورغم ذلك لم تكن إنتاجية الطَّاقة الصادرة عن هذه المحاولات كبيرة بما تكفي لسدِّ احتياجات العالم من الكهرباء بعيدًا عن مصادر الطاقة الأحفورية.

الماء مصدر للطاقة الكهربائيَّة. 

يُعدُّ التكهرب بالتلامس ظاهرة طبيعية متعارف عليها منذ القدم، تحدث عند تلامس مادتين مختلفتين في الشحنة معًا، واستُفيد مؤخرًا من هذه الظاهرة في توليد الكهرباء من مصادر بيئية مختلفة باستخدام مولدات نانوية nanogenerator؛ إذ يعمل المولد الكهربائي النانوي (Triboelectric Nanogenerator TENG) على إنتاج الطَّاقة الكهربائيَّة من خلال الخلط بين ظاهرتي التكهرب بالتلامس والشحن بالحث أو التحريض الكهروستاتيكي، فعندما تتلامس مادتان مختلفتان في الشحنة يحدث انتقال للإلكترونات بين سطحي المادتين، وعند فصلهما يتولد فرق في الجهد بين السطحين، وبذلك يُمكن تكرار عملية الوصل (الاحتكاك) والفصل دوريًا؛ لتوليد تيار مستمر من الإلكترونات (تيار كهربائي) [1].

وتوفر مصادر الطاقة المتعلقة بالمياه مثل أمواج البحار والشلالات ومياه الأمطار كميات كبيرة من الطاقة؛ إذ يوجد نوعين من الطَّاقة في قطرة الماء الواحدة: النوع الأوَّل هو الطَّاقة الميكانيكية الناتجة عن سقوط قطرة المياه فوق سطح ما، أمَّا النوع الثاني فهو الطَّاقة الكهروستاتيكية المتولدة في أثناء عملية التكهرب بالتلامس بين الماء من جهة والهواء أو الأنابيب من جهة أخرى. 

وبذلك نجد أن الاستفادة من طاقة المياه باستخدام المولدات النانوية هي فرصة جيدة لتأمين طاقة مستدامة تلبي حاجاتنا [1]، ولكن للأسف تقف مقدرة هذه المولدات النانوية على حدود عتبة أقصاها 1 واط لكل متر مربع من المولد، بسبب التأثيرات التي تفرضها حالة الاحتكاك في المولد على كمية الشحنة الناتجة [3].

أمَّا اليوم نحن أمام اكتشاف جديد يُعدُّ نقلةً نوعيةً في تكنولوجيا المولدات النانوية/ المائية؛ إذ طور فريق بحثي من جامعة City University في هونغ كونغ مولد كهربائي يعتمد على قطرات المياه (DEG)، ويتميز بهيكل يشبه الترانزستور (field-effect ) قادر على تحويل طاقة المياه بفعالية كبيرة وبكثافة آنية أعلى بآلاف المرات من المولدات التقليدية النظيرة له [2].

توصل القائمون على هذا الاكتشاف إلى أن تساقط الماء المستمر على مادة مفلورة يولد كثافة شحن عالية على سطح المادة، ومنه فإنَّ كل ما علينا فعله هو إضافة مادة مفلورة على سطح المولدات التقليدية للحصول على كثافة شحن أعلى [3].

آلية العمل: 

صبَّ الفريق مركب Polytetrafluoroethylene - متعدد رباعي فلورو الإيثيلين (PTFE) المودع بقطعة صغيرة من الألومنيوم فوق قطعة زجاجية مطلية بأكسيد قصدير الإنديوم (ITO) كما في الشكل الآتي:

عند التساقط المستمر للمياه على الجهاز يشحن PTFE وهو خزان مثالي للشحنة ويشحن القطب الآخر ITO بشحنة معاكسة بالإشارة مساوية بالقيمة، ومنه يتولد فرق في الجهد، بمعنى آخر عندما تنتشر قطرة الماء على PTFE تعمل على شكل موصل كهربائي حيث تصل الأجزاء غير المتصلة ببعضها ( PTFE/ITO والكترود الألمنيوم) ضمن حلقة كهربائية مغلقة [3,2].

وتتناسب كمية الشحنة المخزنة مع كمية القطرات المتساقطة على اللوح كما في الشكل الآتي:

بالنظر إلى الجهاز على أنه دارة إلكترونية يمكننا عدُّ قطرات الماء المنتشرة على سطح PTFE مقاومة كهربائية R ويكون السطح PTFE هو المكثف لهذه الدارة CP والسطح ماء- PTFE لوح علوي للدارة و ITO-PTFE لوح سفلي [3].

الحالة a: حالة الفصل off لا يتشكل مكثف على سطح الألومنيوم/ الماء، وعليه يكون كل من C1 و CP في دارة مفتوحة ولا يمر تيار بينهما. (مكثف C1 يتشكل في السطح ماء- PTFE)

الحالة b: حالة الوصل On تصل قطرة المياه الكترود الألومنيوم مع PTFE، وعليه يتشكل مكثف آخر C2 في السطح ماء-ألومنيوم؛ إذ تكون Rw مقاومة الماء، Rl مقاومة الحمولة السطحية، dq(t)/dt مشتق الشحنة بالنسبة للزمن (شدة التيار).

يظهر لنا الشكل c علاقة التناسب الطردي بين سماكة PTFE والطاقة الناتجة عن الدارة [3].

يقول مهندس الطب الحيوي Wang Zuankai/ وانغ زوانكاي: إنَّ قطرة ماء واحدة بحجم 100 ميكرولتر إذا سقطت من ارتفاع 15 سم على هذا المولد ستولد جهدًا يزيد عن 140 فولت، وبذلك هي قادرة على تشغيل 100 مصباح صغير من نوع LED. ويجدر الإشارة إلى أن نتائج البحث أظهرت أن انخفاض الرطوبة النسبية لا يؤثر أبدًا على كفاءة الطاقة التي تُولد [2].

يُعدُّ هذا المشروع البحثي خطوةً كبيرةً للاستفادة من المياه (مياه الأمطار أو البحار) بوصفها مصدرًا متجددًا من أجل الحصول على الطاقة عوضًا عن مصادر الطاقة الأحفورية وغيرها من المصادر التي تؤثر سلبًا في البيئة.

المصادر: 

1- [Internet]. Nanoscience.gatech.edu. 2020 [cited 3 April 2020]. Available from: هنا

2- New droplet-based electricity generator: A drop of water generates 140V power, lighting up 100 LED bulbs [Internet]. ScienceDaily. 2020 [cited 3 April 2020]. Available from: هنا

3- Xu W, Zheng H, Liu Y, Zhou X, Zhang C, Song Y et al. A droplet-based electricity generator with high instantaneous power density. Nature. 2020;578(7795):392-396.