الكيمياء والصيدلة > علاجات صيدلانية جديدة

إبر منع حمل طويلة الأمد يمكنكِ استخدامها بنفسك!

تقسمُ موانع الحملِ المتوافرة  في الأسواق حاليًّا إلى نمطين رئيسين: الأول: موانع حمل طويلة الأمد؛ ومنها اللصاقات التي يجب ارتداؤها باستمرار، والأجهزة الرحمية (Intrauterine devices IUDs) كاللولب، والتي يجب أن يضعها متخصصو رعاية صحية مُدرَّبون، بالإضافة إلى الغرسات التي تُحقن تحت الجلد. وتوفِّر هذه الوسائل أعلى مستوى من الفعالية، ولكنَّها تتطلَّب عادةً متخصِّصًا طبيًّا لحقن الدواء أو غرس الجهاز. 

ومن ناحيةٍ أخرى، فإنَّ التقنيات قصيرة الأمد -مثل حبوب منع الحمل- تتطلَّبُ امتثالًا متكرِّرًا من المستخدمين، وبذلك؛ تكون غير فعَّالة غالبًا (1).

أمَّا وسائل المنع الميكانيكة/الحاجزية فقبولها أقل، ونسبة فشلها أكبر بسبب استخدامها الخاطئ (3).

وتقترح دراسة حديثة (نُشرت في الرابع عشر من كانون الثاني/يناير، 2019 في دورية Nature Biomedical Engineering) وسيلةً جديدة طويلة الأمد لمنع الحمل تطبِّقها النساء بأنفسهن، وهذا يوفر خيارًا جديدًا لتنظيم الأسرة، خاصة في الدول النامية؛ إذ يكون الوصول إلى الرعاية الصحية محدودًا. 

ويوصل مانع الحمل عن طريق تقنية الإبر الميكروية الموجودة في لصاقة جلدية، وقد طُوِّرت هذه التقنية سابقًا لتخفيف ألم اللقاحات المحقونة (1).

تحتوي اللصاقة على مواد داعمة فوَّارة خاصة، بالإضافة إلى مجموعة من الإبر الميكروية التي تحمل هرمون منع الحمل ليفونورجيستريل (هرمون بروجستيني). 

وتضغط اللصاقة على الجلد قرابة دقيقة، وهذا يسبب انفصال الطبقة الفوَّارة الداعمة عن الإبر؛ إذ تبقى الأخيرة تحت الجلد، لتتدرَّك حيويًّا ببطء وتحرِّر الليفونورجستريل مع مرور الوقت (2). 

ونظرًا إلى وجوب بقاء الإبر الميكروية تحت الجلد في أثناء فترة تحرير الهرمون، كان لا بُدَّ من إيجاد تقنية تسمح لهذه الإبر التي تحتوي على الدواء بالانفصال عن المواد الداعمة للصاقة. 

ولتحقيق ذلك، شكَّل العلماء فقاعات هواء صغيرة في أعلى الإبر الميكروية؛ مما أدى إلى خلق ضعف هيكلي.

وكانت النتيجة أنَّ الإبر الميكروية كانت قوية بما يكفي لتُضغط على الجلد، ولكن؛ عندما تُنقل اللصاقة باتجاه واحد، فإنَّ قوة القصِّ تُحطمُ البنى الصغيرة في الجلد، ثمَّ تُزال اللصاقة الداعمة (1, 3).

يقول البروفسور ستيفن شويندمان Steven Schwendeman -رئيس قسم العلوم الصيدلانية في جامعة ميشيغان، والمشارك في هذا المشروع- «تتكوَّن هذه الإبر الميكروية من مزيج من البوليمرات القابلة للتدرُّك حيويًّا (مثل: poly lactic acid وpoly lactic-co-glycolic acid) والتي تستخدم في الغرز القابلة للامتصاص عادةً، ثمَّ إنَّ هذه الحموض (حمض اللبن وحمض الغليكوليك) توجد في الجسم طبيعيًّا، فتساهم بذلك في التوافق الحيوي مع البوليميرات الداخلة في تركيب الإبر» (1).

ويُكمل شويندمان بقوله: «نختار مواد البوليمير لتلبية أهداف تصميم محددة؛ مثل قوة الإبر الميكروية، والتوافق الحيوي، والتدرُّك الحيوي، وزمن تحرير الدواء، وثباتية الصيغة. 

ومن ثم نُحوِّل البوليمير إلى إبر ميكروية بحلِّ البوليمير والدواء في مُحلٍّ عضوي وصبِّ القالب، ثمَّ تجفيف المُحلِّ لتشكيل الإبر الميكروية. 

وعندما يتشكل مطرس البوليمير بهذه الطريقة، سيُحرِّر هرمون منع الحمل ببطء تحريرًا آمنًا مدة أسابيع أو أشهر عند وضعه في الجسم» (1).

وقد وجد الباحثون في الفحوصات المخبرية على الجرذان أنَّ الإبر الميكروية حافظت على مستويات من الليفونورجيستريل أعلى من العتبة المطلوبة لمنع الحمل عند البشر مدة شهر، ولكن؛ لم تُختبر فيما إذا منعت الحمل بالفعل أم لا. 

وقد احتوت هذه اللصاقات التي اختُبرت على الحيوانات 100 إبرة ميكروية، ولإيصال جرعة من الليفونورجيستريل تكفي ستة أشهر عند البشر سيتطلب ذلك لصاقة أكبر، وهي لصاقةٌ صُنِّعت، ولكن؛ لمَّا تُختبَر بعد (2).

وشرح مارك براوسنيتز Mark Prausnitz -بروفسور في كلية الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية في معهد جورجيا للتكنولوجيا، والمؤلف الأساسي للورقة- «لقد كان الهدف التأكُّد من إمكانية الوصول إلى تركيز من الليفونورجيستريل أعلى من المستويات التي يعرف بأنَّها تمنع حدوث الحمل لدى البشر» (1).

وصرَّح الباحثون سابقًا بأنهم اختبروا أنموذجًا من اللصاقات الخالية من هرمون منع الحمل على عشرة نساء؛ بهدف اختبار بضعة تساؤلات: هل هي مؤذية؟ هل تنفصل الإبر عن الطبقة الداعمة في فترة قصيرة؟ هل هذه الطريقة مرغوبة؟ واتَّضح بالفعل أنَّ الإبر توضَّعت تحت جلد النساء بسرعة، وأنَّ الألم لم يكن مدعاةً قلق؛ فقد أوضحت النساء جميعهنَّ أنَّ العملية إمَّا كانت غير مؤلمة وإمَّا تسببت بانزعاج بسيط، على الرغم من أنها خلَّفت احمرارًا جلديًّا خفيفًا، ولكنَّه زال في غضون ساعة (2). 

وقد قال براوسنيتز: «لانعرف إلى الآن كيف ستعمل لصاقات الإبر الميكروية في منع الحمل عند البشر»، وأضاف: «نظرًا إلى أنَّنا نستخدم هرمون منع حمل موثوق، فإنَّنا متفائلون بأنَّ اللصاقة ستكون فعَّالة في منع الحمل، ولكن؛ يجب علينا التحقُّق من هذه التوقعات في التجارب السريرية» (1).  

وأعربت سوزان ويسوكي Susan Wysocki -ممرضة متخصِّصة في صحة المرأة والمستشارة الطبية للجمعية الأمريكية للصحة الجنسية- عن أملها في أن يمضي البحث قدمًا؛ «لأن وسيلة منع حمل طويلة الأمد يمكن تطبيقها ذاتيًّا قد تجذب كثيرًا من النساء، وإن كنا جادين بالفعل في منع الحمل غير المرغوب فيه، فمن المهم جعل وسائل منع الحمل الفعَّالة متاحة على نطاق واسع» (2).

وأخيرًا، نُذكِّر بأنَّ هذه الطريقة لم تُختبر بصفتها مانعًا للحمل بعد، والخطوة القادمة لمعرفة هل ستكون هذه اللصاقة وسيلة منع حمل فعَّالة مدة ثلاثة -أو ستة- أشهر ربما؟ (2)  إذا تمَّت الموافقة على استخدام لصاقات الإبر الميكروية هذه لمنع الحمل، فستكون أول وسيلة منع حمل طويلة الأمد تُطبَّق ذاتيًّا، دون الحاجة إلى حقن الإبر التقليدي (1).

المصادر:

1- Long-Acting Contraceptive Designed to be Self-Administered Via Microneedle Patch | Research Horizons | Georgia Tech's Research News [Internet]. Rh.gatech.edu. 2019 [cited 3 April 2020]. Available from: هنا

2- Norton A. Long-Acting Birth Control in a Patch? [Internet]. WebMD. 2019 [cited 3 April 2020]. Available from: هنا

3- Li, W., Terry, R.N., Tang, J. et al. Rapidly separable microneedle patch for the sustained release of a contraceptive. Nat Biomed Eng 3, 220–229 (2019). هنا

4- Benefits Of Contraception Use - Family Planning [Internet]. Familyplanning.org.nz. 2013 [cited 1 April 2020]. Available from: هنا