الطب > مقالات طبية

هاوس وعلاجه التبريدي في محكمة "الباحثون السوريّون" العلميّة

الطبيب الشهير، المميّز والمتعجرف "غريغوري هاوس" يوقف قلب مريضته ذات الـ 9 سنوات ويبرّد جسدها حتى الـ 21 درجة مئوية ... كي يَحُلَّ لغز تشخيصها -هادا كل همو- ... ثم يعيد ضخَّ دمِها ويحرّضُ قلبها على النّبض تحت ما يسمّيه إعادة الإقلاع!!

الباحثون السوريون تقاضي هاوس، كما يفعل أغلب مرضاه بسبب أسلوبه، ولكن هذه المرّة بقوانين العلم!

تابعوا معنا مجريات المحاكمة...

- تعاني الطفلة آندي ذات التسع سنوات من سرطان نهائيّ (ساركوما العضلات المخططة التنفسيّة)

(Alveolar Rhabdomyosarcoma)، وتدخل المستشفى بشكوى هلوسة ولكن ليس لهذا علاقةٌ بالسرطان!

نُضيف على ذلك الشّجاعة الملفتة التي تتميّز بها هذه الفتاة، ممّا دفع هاوس وفريقه للشكّ بأن تكون أعراضها النفسيّة علامةً لأذيّةٍ (غالباً خثرة) في اللّوزة Amygdala (جزء من الدّماغ مرتبط بالخوف).

- ورمٌ في القلب تكشفه الجراحة الاستكشافيّة بعد ذلك ليتمّ استئصاله بلا فائدة، إذ يتبيّن أنّه حميد ولا علاقة له بالهلوسة!

- يصرّ هاوس عندها على نظريّة الخثرة، إذ قد يكون السرطان طوّرها، وقد لا تظهر على تصوير الأوعية، وعندها يقترح إجراء ما يسمّيه إعادة إقلاع الجسد البشريّ، وهو #العلاج_بالتبريد ، لاكتشافها.

وتمّ ذلك بتبريد جسد المريضة حتى الـ 21 درجة مئويّة ممّا يوقف قلبها ويجعلها "ميّتةً نظريّاً"، حيث يقوم الأطباء بسحب 2-3 لتر من الدم ويكتشفون مكان الخثرة، ثم يعاد ضخّ الدم إلى المريضة وكأنّ شيئاً لم يَكُن! ويشبّه هاوس هذا بـ "تشريح انسانٍ حيّ".

لسنا بصدد مناقشة ما انتهى إليه التشخيص فالحالة معقدّةٌ قليلاً، ولكن ما هذا العلاج بالتبريد؟ هل ابتدعه مُعِدّو المسلسل لتشويق متابعيهم؟ ولماذا سميّ بالعلاج، فهل له فائدة فعلاً؟! هل يمكننا فعلاً إعادة إقلاع الجسم البشريّ كالآلات وبهذه البساطة؟! أم أنّه مجرّد خيال علميّ؟.

بالطبع ممكن! فالعلاج بالتبريد ليس خيالاً، ولكن حتماً ليس بهذه البساطة حيث:

• أُدخل هذا العلاج عام 2003 إلى البيان الاستشاريّ للجنة الاتّصال الدوليّة بشأن الإنعاش (ILCOR) ومجلس الإنعاش الأوروبيّ (ERC).

• أُدخِل في البيان الإرشاديّ لجمعيّة القلب الأمريكيّة عام 2005 للإنعاش القلبيّ الرئويّ والعناية الإسعافيّة بالقلب والأوعية.

وعلى الرغم من ذلك يُعتبر علاجاً غير مفهومٍ بشكلٍ كامل! ولكن في دراسة تحليلية أُجريَت عام 2011 تبيّن أنّه يُساعد مرضى أزمات القلب على النجاة وبشكلٍ أفضل دون مضاعفات عصبيّة.

حيث يُعتبر توقّف القلب من الحالات الّتي تُسبِّب نقص التروية للجسم كاملاً، وقد تُسبِّب ضرراً كبيراً على المستوى الكيميائيّ الحيويّ والبنيويّ والوظيفيّ، والّتي قد تتداخل بشكلٍ معقّد مما يُسبِّب تدميراً تدريجياً للخلايا، وخللاً وظيفياً في عديد من الأعضاء، وموت الخلايا العصبية، وحتى الموت!

يرمي هذا العلاج - الغير مفهومٍ تماماً كما ذكرنا- لتخفيف الآليّات المؤذية الحسّاسة للحرارة (أي أنّ هذه الآليّات قد تتوقّف عن التسبُّب بأذيّة النسج إذا غيّرنا درجة الحرارة)، إلّا أنّ تخفيض الحرارة يترافق عادة مع الآليّات التالية ...

- تقليل فعاليّة المخّ (تقريباً 6-8% لكل 1 درجة مئويّة من الانخفاض)

- تقليل إفراز الأحماض الأمينيّة المنبّهة.

- تقليل أو عكس تنبيه الجملة العصبيّة المركزيّة الناجم عن نقص التروية، والحفاظ على توازن السوائل الخلويّة.

- تقليل الجذور الحرّة الأكسجينيّة (وهي شكل من أشكال الأكسجين الضارّة وشديدة القدرة على الأكسدة).

- استعادة الشكل الصحيح للإشارات العصبيّة.

- استعادة آليّات تركيب البروتين والتعبير المورّثيّ.

- حظر المركبات الالتهابيّة المؤذية (مثل السيتوكينات، الإنترلوكينات، منتجات حمض الأراشيدونيك أو حمض الفول السودانيّ متعدّد اللاإشباع).

- تقليل التخرّب البنيويّ للخلايا.

وبالتالي فقد يُساهم العلاج في تقليل المساحة المتضرّرة من النسيج القلبيّ والمساعدة في إعادة إحيائه والحفاظ على مخازن الطاقة فيه، وبالتالي يُجرى هذا العلاج على مرضى الأزمات القلبيّة وفق شروطٍ محدّدة ولحالاتٍ معيّنة.

يُذكر أنّه لا يجوز إجراؤه لكلّ ممّن تعرّض لجراحة خلال الأيّام الـ14 السابقة لأنّه قد يزيد من احتمال النزف أو الإصابة بعدوى، أو لمرضى الإنتانات، أو لمن لديهم مشاكل في التخثّر (استعداد للنزف) أو مرضى الكوما (الغيبوية) من أسباب دوائيّة.

كما يُذكر أنّ ما فعله هاوس لا ينطبق تماماً على عمليّة العلاج بالتبريد الحقيقيّة، فأقلّ مثال أنّ التبريد لا يصل لأقل من 32 درجة مئويّة، ولكن لسنا بصدد الحديث عن ذلك الآن.

قد يُستعمل هذا العلاج الفريد أيضاً لحالاتٍ أخرى كإصابات المخّ الرّضحية (الرّضح هو النّزف بسبب أذيّة نسيجيّة كما يحدث عن تخريش الجل)، والسكتة الحادّة، وتوقّف القلب عند الأطفال، واعتلال الدماغ الإقفاريّ-ناقص الأكسجة- الولاديّ، وإصابات النخاع الشوكيّ الرضحيّة.

لم يستخدم “غريغوري هاوس” هذه الآليّة الغريبة لتحسين أو إنقاذ مريضته، ولكنّ عمليّة سحب الدم أمكنت فريقه من رؤية الخثرة الصغيرة على تصوير الأشعة، والّتي تبيّن فيما بعد أنّها ليست في المكان الّذي توقّعوه وإنّما بجزءٍ آخر من المخّ، ومكّنهم ذلك من إيقاف الهلوسات ومنح الفتاة الصغيرة مدّة أطول قبل أن يقضي عليها السرطان!

يعني صح غشاش وبيستعمل الآليات الطبية ع كيفو بس اسمحولنا بدنا نحكم عليه بالبراءة لأنو الآليّة موجودة طبيّاً ومستخدمة بأكتر من دولة ومانا خرافة ولا خيال علمي ... وأنتو شو رأيكن؟؟

المصادر:

هنا

House، MD. Season 2 | Episode 2