العمارة والتشييد > الترميم وإعادة التأهيل

حوت بودابست

تبقى قضية الدمج المعماري بين الحاضر والماضي، والقديم والمعاصر، محطةً لاختلاف وجهات النظر بين مؤيِّدٍ ومتحفِّظ، ولكن لا شك أنَّ المباني التي حقَّقت نجاحًا في هذا الدمج تجعلك مشدودًا لها، كمبنى حوت بودابست (CET).

يقدِّم مفهوم مبنى الحوت العاصمة الهنغارية بودابست على أنَّها مركزٌ حضريٌّ مهم في منتصف أوروبا، ويرمز شكل المبنى إلى جسد الحوت الانسيابي اللطيف (1).

 يشكِّل نهر الدانوب فاصلًا بين طرفي المدينة؛ ضفَّة بودا وضفَّة بست، ولكنَّه يشكِّل العصب الأساسي الذي يربط الضفِّتين، وقد اتُّخذ موقع حوت بودابست في شارع كوزراكتاراك (Közraktárak) في محاولةٍ لتشكيل نقطةِ اتصالٍ بصريٍّ في هذه النقطة من جانبي النهر (1).

ينساب هيكل المبنى المنشأ بتعابيره المعمارية والحضرية مع اتجاه جريان نهر الدانوب، لينطلق من جهة مركز المدينة ويكبر حجمه مع الامتداد بين المبنيين التراثيين القديمين الموجودين مسبقًا، ثمَّ يبلغ أوج ضخامته من الجهة الجنوبية؛ جهة المسرح الوطني والمركز الثقافي الجديد، مقدِّمًا معلمًا في المدينة وتحفةً فنيةً معمارية (1).

أُنشئ أنبوب الفولاذ والزجاج المعاصر هذا بين مباني مستودعٍ يعود إلى القرن التاسع حيث كانت تُوزَّع البضائع، ونسجت هذه الإضافة تحويلًا ماديًّا ووظيفيًّا، من نمطٍ معماريٍّ كلاسيكي إلى نمطٍ معاصرٍ مُنفتح، ومن مستودعاتٍ للتخزين إلى بناءٍ متعدِّد الاستعمال (2).

إذ شكَّلت شبكة بودابست للإمداد بالغذاء وقطَّاع بيع وتوزيع الطعام في المدينة تحديًا وفرصةً للمهندسين المعماريين، فبُني هذا المستودع الرئيسي العام في المدينة بين العامين 1879 و1881، وضمَّ أربعة مبانٍ من القرميد تتوضَّع على ضفة نهر الدانوب وتخترقها السكة الحديدية لتسمح بنقل واستقبال البضائع عن طريق السفن العابرة في النهر والقطارات بعد رفعها باستعمال الرافعات، لتُخزَّن في المستودعات الخشبية الضخمة داخل هذه المباني التي يغطِّي كلُّ مبنىً منها مساحة 101.2 م*15.2 م (3).

يبدأ التسقيف الزجاجي الشفاف في الإضافة الحديثة للمبنى عند المدخل ويمتدُّ على جانبي الجداران الأصلية للمبنى القديم نحو الأعلى وإلى الأمام ليخلق بذلك مكانًا وفراغًا داخليًّا واسعًا منارًا بضوء النهار الطبيعي كلَّ اليوم (2).

يأمل المستثمرون أنَّ تطور وظيفة مبنى الحوت قد يضع بودابست مرَّةً أخرى على خارطة العالم، إذ يرمز باسمه وشكله إلى إمكانيات العاصمة الثقافية بوصفها موقعًا لقطبٍ تجاريٍّ في واحدة من أهمِّ مدن العالم (1).

فهل نجح هذا الحوت وأدَّى الغاية المرجوة منه؟

المصادر

1

CET Building / ONL [Internet]. ArchDaily. 2012 [cited 2 March 2020]. Available from: هنا

2

ONL oosterhuis_lénárd: CET, budapest [Internet]. designboom | architecture & design magazine. 2012 [cited 2 March 2020]. Available from: هنا

3

Sisa J. Motherland and Progress: Hungarian Architecture and Design 1800-1900. Switzerland: Birkhäuser; 2016.

هنا