الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية

الجهاز المناعي والأغذية.. ماذا علينا أن نأكل؟

ماذا عليّ أن أتناول لتقوية جهازي المناعي؟ ما هي الأغذية التي يُنصح بها؟

من أكثر الأسئلة التي انتشرت بعد تفشي مرض كورونا المستجد COVID-19، فهل حقًا يمكن أن نقوي جهازنا المناعي بهذه السرعة وماذا يجب علينا أن تناول؟

سنبدأ - وعلى غير العادة - بإعطائكم الجواب الذي تتساءلون عنه مباشرةً، وذلك قبل أن نترككم مع التفاصيل!

الجواب هو لا؛ لا يمكننا تقوية الجهاز المناعي في يومٍ وليلة! فالجهاز المناعي كغيره من أجهزة الجسم يُعزَّز تدريجيًّا وتراكميًّا عن طريق التغذية السليمة وممارسة الرياضة المنتظمة، إضافة إلى الأمراض التي يصاب بها الجسم ويكتسب مناعة ضدها..

وكما رأينا في مقالٍ سابق هنا فالمكملات الغذائية وأقراص الفيتامينات ليست حلًا سحريًا ولا يمكنها تعزيز النظام المناعي ما لم يكن الجسم يعاني عوزًا لتلك العناصر أو حالةً صحيةً تستوجب تناولها، لذا يُنصح الأصحاء دائمًا بالحصول على هذه المغذيات الصغرى - من أملاح وفيتامينات ومضادات أكسدة وغيرها - عن طريق الأغذية الصحية الطبيعية وخصوصًا الأغذية الكاملة من حبوبٍ وخضار وفواكه، جنبًا إلى جنب مع ممارسة الرياضة (1).

ولكن ما هي هذه المغذيات الضرورية وفي أي الأغذية نجدها؟ وما هي الممارسات التي يُنصح بها؟

إن أفضل ما يمكن فعله للحفاظ على صحة جهاز المناعة هو اتباع أسلوب حياة صحي عن طريق الإستراتيجيات الآتية:

1-اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات

2-ممارسة الرياضة بانتظام

3-الحفاظ على وزن صحي

4-الإقلاع عن التدخين

5-تناول الكحول باعتدال إن كان لا بد منه 

6-الحصول على قسط كاف من النوم

7-تجنب العدوى عن طريق غسل اليدين بانتظام

8-تخفيف الضغط

وبالطبع فإن اتباع النظام الغذائي الصحي يعد من أهم تلك السلوكيات التي يجب أن نسعى إلى اتباعها، فما هي المغذيات التي تتفوق في كونها أساسيّةً لدعم مناعة الجسم؟

1. الفيتامين C: لهذا الفيتامين الموجود في الحمضيّات مثل الليمون والبرتقال والكريب فروت دورٌ في تعزيز مناعة الجسم عن طريق زيادة إنتاج الكريّات البيض (11) وتحفيز تشكيل الأجسام المضادة (12)، وتوجد أدلّةٌ علميّةٌ حديثةٌ (14) على ارتباط الاستجابة المناعية بمدخول الجسم من الفيتامين C، ولا بدّ من الحصول على هذا الفيتامين يوميًّا لكون الجسم لا ينتجه ولا يصنّعه ولا يخزِّنه في أنسجته، والجدير بالذّكر أنّ فيتامين C موجودٌ في مصادر أخرى غير الحمضيّات مثل الفريز والكيوي والسبانخ والبروكلي والكرنب والفلفل الأحمر والبابايا (10،11،15).

2. الفيتامين A: يساعد على تنظيم عمل جهاز المناعة ويقي من العدوى لمساهمته في الحفاظ على صحّة الجلد وأنسجة الفم والمعدة والجهاز التّنفسي (12)، وبحسب الدّراسات، فإنّ نقص فيتامين A قد ارتبط بتراجعٍ في وظائف بعض خلايا الجهاز المناعي، وبالعكس فإنّ تعويض ذلك النّقص قد أظهر تحسّنًا في الوظائف المناعيّة وزيادةً في مقاومة العدوى (14)، ومن أهمّ مصادره: البطاطا الحلوة، والجزر، والبيض، والمشمش، والسبانخ، والبروكلي (12).

3. الفيتامين E: فهو مضاد أكسدةٍ فعال وذو قدرةٍ على تحسين الوظائف المناعيّة في الجسم والمحافظة على كفاءة الجهاز المناعة وخاصّة لدى كبار السن، وبالمقابل فقد ارتبط نقصه بتراجعٍ في بعض الوظائف المناعيّة (14،15)، ويوجد الفيتامين E في المكسّرات والحبوب والسبانخ (15) وبذور دوار الشمس وبعض الزيوت النباتية (12).

* ومن الجدير بالذكر أنّ الفيتامينات الثلاثة السابقة هي مضادات أكسدة، ولكون الجذور الحرة تشكل خطرًا على الجهاز المناعي، فإنّ توفّر مضادات الأكسدة ضروريٌّ لتقليل أثر هذه الجذور الحرة، وقد وجدت عدّة دراساتٍ ارتباطًا قويًّا بين تناول الغذاء الغني بمضادات الأكسدة وتراجع حدوث الإصابة بالسّرطانات (14)، وهناك أغذيةٌ تحوي مضادات أكسدة أخرى أيضًا مثل البطيخ، وجنين القمح، والشّاي، والزنجبيل (10،11).

4. الفيتامين B6: الذي يؤدّي دورًا أساسيًّا في دعم التّفاعلات الكيميائيّة الحيويّة في جهاز المناعة وكذلك في تكوين الكريات الحمر (11،15)، ويوجد هذا الفيتامين في بعض أنواع الأسماك مثل التونا والسلمون والخضراوات الخضراء والحمّص (15) ولحم الدّجاج أو الدّيك الرومي، الذي يعد - إلى جانب غناه بفيتامين B6 - غذاءً مناسبًا لمكافحة الزّكام وتقليل أعراضه، وإضافة إلى ذلك، فإنّ مرق الدّجاج يحتوي على مغذّياتٍ أخرى جيّدةٍ للمناعة (11).

5. البروتين: له دورٌ في في الحفاظ على مناعة الجسم وفي الشّفاء والتّعافي من الأمراض، ويوجد البروتين في البيض، والدجاج، والمأكولات البحرية، والفاصولياء، والبازلاء، والمكسّرات غير المملحة (12).

6. الزّنك: يمكن أن يساعد في تحسين عمل جهاز المناعة وتفعيل عمل الكريات البيض، وكذلك شفاء الجروح ومقاومة الفيروسات، ويوجد في عدّة أغذية مثل الحليب، ومنتجات الحبوب الكاملة، والدجاج، والفاصولياء، والمأكولات البحريّة مثل الرّخويات والكركند والمحار (10،11،12).

7. السيلينيوم: لهذا المعدن أهمية في الاستجابة المناعيّة ومكافحة الأمراض الفيروسيّة والسّرطانات، ووفقًا لعدة دراساتٍ، فقد ارتبط نقص السيلينيوم بنقص الكفاءة المناعيّة، وبالمقابل فإنّ إعطاء المكمّلات قد أظهر تأثيرًا إيجابيًا في تكاثر بعض أنواع الكريات البيض ونشاطها (14)، ويعد الفطر الزراعي من أهم مصادر السيلينيوم (10). 

إلى جانب المغذيات المذكورة سابقًا مع مصادرها، هناك أغذية أخرى مهمة نذكر منها:

- الرّمان: يحتوي على عدّة مركّبات فعّالة حيويًّا وذات أهميّةٍ في مكافحة الأمراض الالتهابية المزمنة، إضافة إلى أنّه يملك خصائص مضادةُ للأورام أيضًا (13)، وعلى الرغم من انصباب التّركيز في الدّراسات على فعاليّة خلاصة الرّمان، لكن يبدو أنّ دراسة فعاليّة عصير الرمان ستعطي نتائج واعدة؛ إذ يمكن أن يكون له دورٌ في مكافحة البكتريا وبعض الفيروسات (10).

- الثّوم: يمكن للثّوم النيئ أن يساعد في مكافحة العدوى الجلديّة لقدرته على مكافحة الجراثيم والفيروسات والفطريات (10)، وقد تُعزى خصائصه المعزّزة للمناعة إلى المركّبات ذات التّركيز العالي من الكبريت مثل الأليسين Allicin؛ ففي دراسة عن فعالية الأليسين (المادة الفعالة في الثوم) في محاربة الزكام تبين أن عدد الإصابات بنزلات البرد بين المشاركين الذين تناولوا الدواء الوهمي Placebo كان ضعف عدد إصابات المشاركين الذين تناولوا الأليسين (2،7،11).

- اللبن: يحتوي على الفيتامين D الذي يعزّز مناعة الجسم ضد الأمراض، وكذلك البروبيوتيك، وهي نوع من البكتريا النّافعة التي عادة ما توجد في اللبن والأطعمة المخمَّرة (10،11).

- التوت الأزرق (البلوبيري): تحتوي حبات التوت على نوع من المركبات تدعى الأنثوسيانينات وهي مركبات فلافونوئيدية تمتلك خواصَّ مضادة للأكسدة من شأنها تعزيز المناعة؛ إذ وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتناولون أغذية غنية بالفلافونوئيدات هم أقل عرضة للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي العلوي، أو نزلات البرد، من أولئك الذين لا يتناولونها (2،3).

- الشوكولا السوداء: تحتوي على مضاد أكسدة يدعى الثيوبرومين Theobromine، من شأنه تعزيز مناعة الجسم عن طريق حماية الخلايا من تأثير الجذور الحرة التي تدمر خلايا الجسم، ولكن ينبغي تناولها باعتدال نظرًا إلى ارتفاع محتواها من الدهون المشبعة والسعرات الحرارية (2).

- الكركم والزنحبيل: الكركم تابلٌ أصفر اللون يستخدم كثيرًا في الطبخ، وتأتي أهميته من احتوائه مضاد أكسدة هو الكركمين Curcumin إضافة إلى أنه مضاد التهاب فعال. كذلك يعد الزنجبيل من المواد الشائعة الاستهلاك، ويحتوي كثير من المواد المضادة للالتهاب والأكسدة (2).

- الأسماك الدهنية: مثل سمك السلمون، والتونة وغيرها من الأنواع الدهنية التي تعد من أهم مصادر أحماض الأوميغا 3، ووفقًا للتقارير الطبية فإن تناول الأوميغا 3 على المدى الطويل يقلل التهاب المفاصل الروماتيزمي (2،4).

- البروكلي: يعد مصدرًا جيدًا للفيتامين C، إضافة إلى احتوائه على مضادات أكسدة قوية مثل السلفورافان Sulforaphane، لذلك يعد من الخضار الواجب تناولها بانتظام لتعزيز المناعة (2،5).

- البطاطا الحلوة: غنية بالبيتا كاروتين وهو مضاد اكسدة ويعد أحد مصادر فيتامين A، من شأنه الحفاظ على صحة الجلد وكذلك حماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية (2،6).

- السبانخ: يحتوي السبانخ على العديد من المغذيات الأساسية ومضادات الأكسدة التي تعزز المناعة وهي الفلافونوئيدات، والكاروتينوئيدات، والفيتامين C، والفيتامين E والحديد (2،3).

- الشاي الأخضر: يحتوي على كمية قليلة من الكافيين قياسًا بالشاي الأحمر، إضافة إلى أنه يحتوي على كثيرٍ من الفلافونوئيدات (2).

- الفلفل الأحمر: بالنسبة إلى الأشخاص الذين يحاولون تجنب السكريات الموجودة في الفواكه، يعد الفلفل الأحمر بديلًا جيدًا للحصول على فيتامين C، ويمكن الحفاظ على خصائصه الغذائية المميزة على نحو أفضل عن طريق اتباع إجراءات الطهي البسيط التي تعد أفضل من السلق الذي يجعله يفقد كثيرًا من المغذيات في ماء السلق (2).

- اللوز: يعد اللوز أحد المصادر الممتازة للفيتامين E، إضافة إلى احتوائه على المنغنيز والمغنيزيوم والألياف. ويعد مقدار ربع كوب (أو ملء قبضة صغيرة) سناكًا (وجبةً خفيفةً) مميزة لتعزيز المناعة واتباع حمية صحية (2).

في النهاية، لا بد من التّذكير بأهميّة التّنوع الغذائي وتحقيق التّوازن لتقوية المناعة، وذلك بعدم الاعتماد على أغذيةٍ محددّةٍ دون غيرها (11)، ومراعاة العوامل الأخرى الّتي تضمن نمط حياةٍ صحّيٍ وسليمٍ مثل الحفاظ على وزنٍ صحيٍّ وممارسة التّمارين الرياضيّة والحصول على النّوم الكافي ومراعاة قواعد النّظافة والتّعقيم كغسل اليدين وتجنب ملامسة الوجه (16).

 المصادر:

1-Do You Need to Take Vitamins? [Internet]. Healthline. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

2-15 foods to boost the immune system [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

3-Somerville V، Braakhuis A، Hopkins W. Effect of Flavonoids on Upper Respiratory Tract Infections and Immune Function: A Systematic Review and Meta-Analysis. Advances in Nutrition. 2016;7(3):488-497. doi:10.3945/an.115.010538 هنا

4-Di Giuseppe D، Wallin A، Bottai M، Askling J، Wolk A. Long-term intake of dietary long-chain n-3 polyunsaturated fatty acids and risk of rheumatoid arthritis: a prospective cohort study of women. 2020. هنا

5-Porter Y. Antioxidant properties of green broccoli and purple-sprouting broccoli under different cooking conditions. Bioscience Horizons. 2012;5(0):hzs004-hzs004. هنا

6-Vimala B، Nambisan B، Hariprakash B. Retention of carotenoids in orange-fleshed sweet potato during processing. Journal of Food Science and Technology. 2011;48(4):520-524. doi:10.1007/s13197-011-0323-2 هنا

7-Allan G، Arroll B. Prevention and treatment of the common cold: making sense of the evidence. Canadian Medical Association Journal. 2014;186(3):190-199. doi:10.1503/cmaj.121442. هنا

8-Rosa D، Dias M، Grześkowiak Ł، Reis S، Conceição L، Peluzio M. Milk kefir: nutritional، microbiological and health benefits. Nutrition Research Reviews. 2017;30(1):82-96. هنا

9-(COVID-19) C، Health E، Disease H، Disease L، Management P، Conditions S et al. What to Eat to Boost Your Immune System [Internet]. WebMD. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

10-(COVID-19) C، Health E، Disease H، Disease L، Management P، Conditions S et al. Slideshow: Immune-Boosting Foods [Internet]. WebMD. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

11 Foods That Boost the Immune System [Internet]. Healthline. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

12-Support Your Health With Nutrition [Internet]. Eatright.org. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

13-Cooper E، Ma M. Understanding nutrition and immunity in disease management. Journal of Traditional and Complementary Medicine. 2017;7(4):386-391. .هنا. هنا

14-López-Varela S، González-Gross M، Marcos A. Functional foods and the immune system: a review. European Journal of Clinical Nutrition. 2002;56(S3):S29-S33. .DOI: 10.1038/sj.ejcn.1601481. هنا

15-  3 Vitamins That Are Best for Boosting Your Immunity [Internet]. Health Essentials from Cleveland Clinic. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا

16-Publishing H. Coronavirus Resource Center - Harvard Health [Internet]. Harvard Health. 2020 [cited 26 March 2020]. Available from: هنا