البحث العلمي والمنهجية العلمية > البحث العلمي

مراجعة الأقران- Peer review، الجزء الثالث

بعض الأخطاء الشائعة في الأوراق العلمية

هناك بعض الأخطاء العلمية الشائعة التي يجب الانتباه إليها في أثناء المُراجعة، تكونُ في مُعظمها انتهاكاتٍ للمنطق والحس السليم؛ مثل: العبارات المتناقضة أو الاستنتاجات غير المبررة أو اقتراح للسببية حين مُجرد الارتباط، أو الاستقراء غير المناسب أو الاستنتاج المنطقي أو البحث عن سؤال غير ذي قيمة (4).

من الأخطاء الشائعة أيضًا أن يقترح المؤلفون، اختلاف متغيرين فقط لأن تأثيرات أحدهما ذات دلالة إحصائية في حين أن تأثيرات المتغير الآخر ليست كذلك، بدلاً من المقارنة المباشِرة بينهما. أيضًا؛ قد يفشل المؤلف في تحديد المصطلحات أو في استخدام الكلمات بدقة ومثل هذه الممارسات قد تضلل القراء. كما تُشكل المصطلحات غير المفهومة أو المُساء استخدامها مشكلة خطيرة في الأوراق العلمية، بالإضافة إلى النقل غير الدقيق للعبارات والفقرات المُقتبسة (4).

على الرغم أهمية معرفة النقاط الآنفة الذكر فيما يخص الأخطاء الشائعة؛ إلا أنه عند إجراء مراجعة، من الأفضل عمومًا بالنسبة للمُراجع عدم التركيز على قائمة مرجعية بالأخطاء المُحتملة، بل عليه تحديد المشكلات الخاصة بكل ورقة بعناية والتساؤل -باستمرار- عما إذا كانت تفتقر إلى شيء (4).

الانتقادات الموجهة إلى عملية مراجعة الأقران

أصبحت هذه المَرحلة مكوّنًا أساسيًا في عملية الكتابة الأكاديمية وعلى الرغم من التطبيق الواسع لها في معظم المجلات المُحكَّمة، إلا أنها عُرضة للنقد بسبب بطء عملية نشر النتائج الجديدة وبسبب التحيز الإدراكي من قبل المحررين و/ أو المراجعين (4). نعم؛ تُظهر بعض الدراسات أن بعض المقالات لا تزال تحتوي على معلومات غير دقيقة حتى بعد مراجعة الأقران، وتوضح أن الكثير من المقالات المرفوضة لدى أحد الجهات ربما تُنشَر  في مكان (3).

إن أحد الانتقادات الموجهة هي أن العملية لا تتم دائمًا بالشكل المطلوب؛ وذلك بسبب استخدامها في بعض المؤتمرات العلمية التي تهدف للحصول على أعداد كبيرة من الأوراق المقدمة، وغالبًا ما تقبل الكثير من الأوراق بغض النظر عن مصداقيتها بغية مضاعفة الأموال الحاصل عليها من رسوم تسجيل المؤلفين. فقد تم الكشف عن سوء السلوك هذا في عام 2014 ميلادية على يد ثلاثة من طلاب الدراسات العليا من معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) الذين طوروا برنامجًا بسيطًا أسموه SCIgen؛ يولد أوراقًا علمية مزيفة؛ وعند تقديم أحد أوراق SCIgen المُزيفة إلى أحد المؤتمرات قُبِلَت على الفور! (4,6)

كما أفادت دورية Nature مؤخرًا أن الباحث الفرنسي سيرِل لابِّ Cyril Labbé اكتشف أن 16 ورقة مُزيفة -من أوراق SCIgen- قد استخدمتها دورية النشر الأكاديمية الألمانية Springer. كما نُشرت أكثر من 100 ورقة مزيفة -من أوراق SCIgen أيضًا- في المعهد الأمريكي للمهندسين الكهربائيين والإلكترونيين IEEE؛ إلا أنهما عملا لاحقًا على إزالة هذه الأوراق. فيما بعد؛ طور سيرِل لابِّ برنامجًا للكشف عن أوراق SCIgen المزيفة، وأتاحه مجانًا لضمان عدم قبول الناشرين ومنظمي المؤتمرات أيَّ أعمال مزيفة في المستقبل، وهي متاحة على هذا الرابط: هنا (4,6).

ويزعم البعض أن مراجعة الأقران تخفض من جودة البحث لأنها تحدّ من الإبداع بين الباحثين؛ يدعي مؤيدو هذا الرأي أن مراجعة الأقران تمنع العلماء من متابعة الأفكار البحثية المبتكرة وأسئلة البحث الجريئة التي لديها القدرة على إحراز تقدم كبير في المجال البحثي؛ لأنهم يظنون أن من المحتمل رفض عملهم في أثناء مراجعة أقرانهم له. في الواقع؛ قد تؤدي مراجعة الأقران في بعض الحالات حقًا إلى رفض الأبحاث المبتكرة خاصة في حال عدم عرضها بالشكل اللازم؛ إذ قد لا تبدو بعض الدراسات قوية -خاصةً في البداية- ومع ذلك قد تكون قادرة على تحقيق تطورات مفيدة للغاية ومثيرة للاهتمام عند دراستها في ظروف مختلفة، أو في حال توفر معلومات جديدة (4,7).

أيضًا؛ هناك عددٌ محدودٌ من الأشخاص المؤهلين لإجراء مراجعة الأقران مقارنة مع العدد الهائل من الأوراق التي تحتاج إلى مراجعة: عدد هائل من الأوراق المنشورة (نحو 1.3 مليون ورقة في 23750 مجلة في عام 2006 ميلادية)؛ لكن عدد المراجعين المتاحين ربما لم يكن كافيًا لمراجعتهم كلهم. وبالتالي؛ لربما يُستَعانُ بأشخاص يفتقرون إلى الخبرة اللازمة وقد تقبل الأوراق الضعيفة نتيجةً لذلك (4).

أصبح الآن من الممكن نشر أي ورقة في مجلة غامضة تدعي أن منشوراتها خضعت للمراجعة؛ على الرغم من أن المجلة نفسها يمكن أن تكون دون المستوى المطلوب. وفي ملاحظة مماثلة، فهرست "المكتبة الوطنية الأمريكية للطب" 39 مجلة متخصصة في الطب البديل، ورغم ادعاء هذه المجلات بخضوع منشوراتها للمراجعة، إلا أنها نادراً ما تنشر أي أبحاث عالية الجودة. هذا يسلط الضوء على حقيقة أن مراجعة الأقران قد تكون مُثيرة للجدل حين يُجريها خبراء لديهم آراء مشابهة للمؤلف، والتي يمكن أن تسبب الانحياز في مراجعتهم؛ على سبيل المثال: من المحتمل أن تتم مراجعة ورقة عن المعالجة المثلية-homeopathy (هنا) من قبل زملاء المؤلف الممارسين في هذا النوع من المعالجة، وبالتالي؛ من المحتمل أن يتم قبولها على أنها ذات مصداقية، على الرغم من كون تقييمها منخفضًا لدى عُلماء آخرين. في بعض الحالات، تُنشَر الأوراق، ويُطعَن في مصداقيتها لاحقًا ويتم التراجع عنها (انظر مثالًا عن هذه الحالة: هنا). Retraction Watch (هنا)؛ هو موقع ويب مخصص للكشف عن الأوراق التي تم التراجع عنها بعد النشر (4).

* * *

أصبحت مراجعة الأقران مرحلة أساسية في مساعدة المحررين على اختيار أوراق بحثية موثوقة وعالية الجودة وحديثة ومثيرة للاهتمام بغية نشرها في المجلات العلمية المُحكَّمة ولضمان تصحيح أي أخطاء أو مشكلات موجودة فيها. على الرغم من أن هذه العملية لا تخلو من بعض العيوب وأوجه القصور؛ إلا أنه لم تُقتَرَح بعد أو تطوَّر أية طريقة تقييم أكثر ملاءمة للأوراق العلمية. لقد بدأ الباحثون -ويجب عليهم الاستمرار- في البحث عن وسائل لمعالجة المشكلات الحالية من خلال مراجعة الأقران للتأكد من أنها نظام مُتكامل يضمن إصدار الأوراق البحثية العالية الجودة فقط في المجتمع العلمي.

المصادر:

1- What is peer review? [Internet]. Elsevier.com. 2020 [cited 8 March 2020]. Available from

هنا

2- Peer review process [Internet]. Biomedcentral.com. 2020 [cited 8 March 2020]. Available from

هنا

3- What is Peer Review? | Wiley [Internet]. Authorservices.wiley.com. 2020 [cited 8 March 2020]. Available from

هنا

4- Jacalyn Kelly K. Peer Review in Scientific Publications: Benefits, Critiques, & A Survival Guide [Internet]. PubMed Central (PMC). 2020 [cited 8 March 2020]. Available from

هنا

5Peer reviewers satisfied with system [Internet]. Times Higher Education (THE). 2020 [cited 8 March 2020]. Available from 

هنا

6- PoFo P. How computer-generated fake papers are flooding academia [Internet]. Politicsforum.org. 2020 [cited 8 March 2020]. Available from

هنا

7- Call to scrap peer review in hunt for brilliant ideas [Internet]. Times Higher Education (THE). 2020 [cited 8 March 2020]. Available from

هنا