الغذاء والتغذية > حميات وأنظمة غذائية

الحمية الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات Low-carb diet

تعدُّ الكربوهيدرات المصدرَ الأساسي للطاقة؛ إذ يفككها الجسم إلى جزيئات الغلوكوز مستخدمًا الأنسولين، ومن ثم يُنقَل الغلوكوز إلى خلايا الجسم حيث يتم استهلاكه مصدرًا للطاقة، لذلك عند استهلاك كميات كبيرة من الكربوهيدرات يرتفع مستوى سكر الدم ويزيد إفراز هرمون الأنسولين وغالبًا ما تكون النتيجة لهذا الإفراط هي زيادة الوزن (1). وللمزيد عن الكربوهيدرات؛ يمكنك الاطلاع على مقالنا (هنا).

ولإنقاص الوزن؛ يلجأ عديدُ من الناس إلى اتباع حميةٍ منخفضةٍ الكربوهيدرات، هذا المكون الذي يوجد بصورة طبيعية في العديد من الأطعمة مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، كذلك يمكن إضافته إلى بعض الأطعمة المصنعة كما يحدث عند إضافة النشاء أو السكر (2)، فما هذه الحمية؟

قبل أن نقرأ عن هذه الحمية لنتعرف بعض فوائد أنواع الكربوهيدرات المختلفة للجسم:

- مصدر للطاقة:

كما ذُكر في بداية هذا المقال؛ يُحطِّم الجسمُ السكرَ والنشاءَ في أثناء الهضم إلى سكريات بسيطة، وبعد المرور في مسارات استقلابية عديدة؛ يُصبح بمقدور هرمون الأنسولين أن يُدخل الغلوكوز إلى الخلايا، وهناك يُستخدم مصدرًا للطاقة اللازمة لممارسة الأنشطة اليومية، ويُخزَّنٌ فائضُ الغلوكوز في الكبد والعضلات وخلايا أخرى لاستخدامه طاقةً في وقتٍ لاحق، أو يُحول إلى دهون (2).

- الوقاية من الأمراض:

يوجد أدلة علمية تشير إلى أنَّ تناول الحبوب الكاملة والألياف قد يساعد على خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، كذلك يُعدُّ تناول الألياف أمرًا ضروريًّا لصحة الجهاز الهضمي وعلى الوقاية من خطر الإصابة بالسمنة وبمرض السكري من النوع الثاني (2).

- التحكم بالوزن:

يساعد تناول الفواكه والخضار والحبوب الكاملة على منح الشعور بالامتلاء والشبع بسبب محتواها المرتفع من الألياف؛ وبذلك تُقلِّل من استهلاك المزيد من الطعام مما يسمح بالسيطرة على الوزن (2).

الحميات المنخفضة الكربوهيدرات:

يوجد العديد من الحميات المنخفضة بالكربوهيدرات مثل Atkins وDukan التي تؤدي إلى حدوث انخفاض سريع في الوزن، ولكن لها بعض الآثار الجانبية (1)؛ فما هذا النظام الغذائي؟

النظام الغذائي المنخفض الكربوهيدرات هو نظام غذائي تكون فيه كمية السعرات الحرارية القادمة من الكربوهيدرات منخفضة سواء كانت هذه الكربوهيدرات جيدة أم سيئة، ويُعوَّضُ ذلك بتناول الأغذية الغنية بالبروتين والدهون وبعضٍ من الكربوهيدرات الجيدة. وعند حدوث نقص بالكربوهيدرات يستخدم الجسم مخازن البروتين والدهون مصدرًا بديلًا للطاقة. ونقصد بالكربوهيدرات الجيدة الكربوهيدرات المعقدة والغنية بالألياف التي يستغرق هضمها وقتًا أطول ولا تُسبِّب ارتفاعًا بنسبة السكر في الدم ومنها الخضراوات والفاكهة والحبوب الكاملة والبقوليات، أما الكربوهيدرات السيئة فهي التي تُهضم سريعًا وتُسبِّب ارتفاعًا بنسبة سكر الدم مثل الخبز الأبيض والحلويات والمشروبات السكرية (1).

توصي الإرشادات الغذائية الأمريكية بأنَّ النسبة المئوية للسعرات الحرارية للبالغين يجب أن تكون كالآتي: 45-65% من الكربوهيدرات و10-30% من البروتين و20-35% من الدهون، في حين ينصح أخصائيو التغذية -في حال أراد الشخص خسارة وزنه- بأن تصبح هذه النسب 40% من الكربوهيدرات و30% من الدهون الصحية ومثلها للبروتين؛ إذ إنَّ نظامًا غذائيًّا يحتوي على 1500 سعرة حرارية  يعني 600 سعرة حرارية من الكربوهيدرات وهي التي تعادل (150غ) منها، و450 سعرة حرارية من البروتين (112غ) و450 سعرة حرارية من الدهون (50غ) (1). لكن حاجة الجسم من الكربوهيدرات تختلف بين الناس وفقًا للعمر والجنس ومستوى النشاط البدني والاستقلاب؛ إذ تزيد حاجة الجسم من الكربوهيدرات عند الأشخاص الرياضيين (3). ومثال على ذلك: قد يحتاج الأشخاص النشيطون أو الذين يرغبون في المحافظة على وزنهم، إلى 100-150غ من الكربوهيدرات يوميًّا، في حين تنخفض هذه الكمية إلى 50غ يوميًّا للأشخاص الذين لديهم مشكلات في الاستقلاب أو الذين يرغبون في إنقاص وزنهم سريعًا (3).

وتشير بعضُ الدراسات إلى أنَّ اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات أكثر فاعلية وفائدة من النظام الغذائي المرتفع بالكربوهيدرات لإنقاص الوزن، فهو يُقلِّل الشهية ويُقلِّل المتناول من السعرات الحرارية، وبذلك يخفض الوزن ما دامت كمية السعرات الكلية مدروسة (4)، ثم إنه يُقلِّل من نسبة السكر بالدم ويُخفِّض الضغط والشحوم الثلاثية أيضًا ويزيد من الكوليسترول الجيد (5,6).

 

ما سبب فعالية هذه الحمية في إنقاص الوزن؟

بدايةً يجب معرفة أنَّه عند البَدء باتباع هذه الحمية سيعاني الجسمُ حالةَ الدخول إلى مرحلة التأقلم على حرق الدهون للحصول على الطاقة بدلًا من الكربوهيدرات، تُسمَّى أعراض هذه المرحلة بإنفلونزا انخفاض الكربوهيدرات low-carb flu لكن هذه المرحلة تنتهي في خلال عدة أيام، وستشعر بالمزيد من الطاقة والحيوية أكثر من قبل وفقًا لإفادات العديد من الأشخاص الذين يتبعون هذه الحمية (3).

يعتقد عديدٌ من العلماء أنَّ سببَ فعالية هذه الحمية يعود إلى خفضها إلى مستوى هرمون الأنسولين فهو مسؤول عن نقل الغلوكوز إلى الخلايا وتخزين الدهون وحثِّ الكلى على تخزين الصوديوم، لذلك تُسبب الحميات المرتفعة بالكربوهيدرات احتباسًا للسوائل، وعند خفض كمية الكربوهيدرات المتناولة تبدأ عملية طرح الماء الزائد عبر الكلى (7). تبدأ خسارة الوزن على شكل ماء بعد مضي بضعة أيام من اتباع الحمية المنخفضة الكربوهيدرات، ومن ثمَّ تتباطأ عملية خسارة الوزن بعد الأسبوع الأول لتبدأ خسارة الدهون المخزنة (3). وتُشيرُ الدراساتُ إلى فعالية هذه الحمية في تقليل دهون البطن التي يرتبط وجودُها بالإصابة بالعديد من الأمراض (8).

تجدر الإشارة إلى أنَّه يجب استشارة مُختصي التغذية أو الطبيب المختص قبل اتباع هذه الحمية لأنّها تُعدُّ من الحميات الصعبة خصوصًا إذا كنت تعاني حالات صحية معينة (3)، وعلى الرغم من أن بعض الدراسات تشير إلى أن اتباع حمية منخفضة الكربوهيدرات يؤدي إلى حدوث انخفاض سريع في الوزن ومدة زمنية قصيرة، إلا أن الدراسات الحديثة تدعم اتباع حمية غذائية صحية متوازنة من خلال مراقبة السعرات الحرارية الواردة من كافة المغذيات البروتين والدهون والكربوهيدرات وليس فقط التحكم بالسعرات الحرارية الواردة من الكربوهيدرات، وممارسة التمارين الرياضية وإحداث تغيير إيجابي في نمط الحياة؛ إذ تبيَّن بالمقارنة بين مجموعتين الأولى اتبعت نظامًا غذائيًّا منخفض الدهون والأخرى منخفض الكربوهيدرات بمجموع السعرات الحرارية نفسه حدوث التغيرات نفسها بالوزن بعد ستة أشهر (1).

والآن نقدم لك بعض النصائح لتجنُّب الكربوهيدرات السيئة عند محاولتك اتباع نظام غذائي صحي (2):

- تناول الفواكه والخضار الطازجة وابتعد عن تناول المعلبة لارتفاع محتواها من السكر وتجنب أيضًا المشروبات السكرية فهي لا تضيف لك سوى المزيد من السعرات الحرارية.

- تناول الحبوب الكاملة لغناها بالألياف والفيتامينات.

- تناول المنتجات اللبنية المنخفضة الدسم للحدِّ من السعرات الحرارية والدهون المشبعة ولأنَّها مصدر جيد للكالسيوم والبروتين.

- تناول البقوليات مثل الفاصولياء والعدس والبازلاء فهي بديل جيد عن اللحوم وغنية بالبروتين والألياف والعديد من الفيتامينات والمعادن.

- ضع حدًّا لتناول السكر المضاف: إذ وفقًا للإرشادات الغذائية الأمريكية؛ فإنَّه يجب أن يكون الوارد اليومي من السكر المضاف أقل من 10% من السعرات الحرارية.

- قد تجد عبارة "منخفض الكربوهيدرات" على بعض المنتجات، ولكن هذه العبارة غالبًا ما تقصد كمية الكربوهيدرات الموجودة في المنتج باستثناء الألياف أو الألياف والسكر. ولما كانت هذه المنتجات غير مضبوطة من قبل إدارة الغذاء والدواء Food and Drug Administration فلا يمكن عدّها أنموذجًا مثاليًّا.

المصادر:

1-Olsen n. How many carbs should you eat each day to lose weight? [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2018 [cited 29 February 2020]. Available from: هنا

2- Choose your carbs wisely [Internet]. Mayo Clinic. 2017 [cited 29 February 2020]. Available from: هنا

3- Gunnars k. How Many Carbs Should You Eat Per Day to Lose Weight? [Internet]. Healthline. 2018 [cited 29 February 2020]. Available from: هنا

4-Hu T, Yao L, Reynolds K, et al. The effects of a low-carbohydrate diet on appetite: A randomized controlled trial. Nutr Metab Cardiovasc Dis. 2016;26(6):476–488. doi:10.1016/j.numecd.2015.11.011 هنا

5-Wylie-Rosett J, Aebersold K, Conlon B, Isasi CR, Ostrovsky NW. Health effects of low-carbohydrate diets: where should new research go?. Curr Diab Rep. 2013;13(2):271–278. doi:10.1007/s11892-012-0357-5 هنا

6-Hu T, Mills KT, Yao L, et al. Effects of low-carbohydrate diets versus low-fat diets on metabolic risk factors: a meta-analysis of randomized controlled clinical trials. Am J Epidemiol. 2012;176 Suppl 7(Suppl 7):S44–S54. doi:10.1093/aje/kws264 هنا

7-Teri L Hernandez, Julie P Sutherland, Pamela Wolfe, Marybeth Allian-Sauer, Warren H Capell, Natalie D Talley, Holly R Wyatt, Gary D Foster, James O Hill, Robert H Eckel, Lack of suppression of circulating free fatty acids and hypercholesterolemia during weight loss on a high-fat, low-carbohydrate diet, The American Journal of Clinical Nutrition, Volume 91, Issue 3, March 2010, Pages 578–585, هنا هنا

8-Barbara A Gower, Amy M Goss, A Lower-Carbohydrate, Higher-Fat Diet Reduces Abdominal and Intermuscular Fat and Increases Insulin Sensitivity in Adults at Risk of Type 2 Diabetes, The Journal of Nutrition, Volume 145, Issue 1, January 2015, Pages 177S–183S, هنا هنا