الهندسة والآليات > الطاقة

بطاريات الليثيوم بتصميم جديد

إنَّ التقدم الكبير في مجال الأجهزة الإلكترونية المحمولة (هواتف، حواسيب إلخ...) أو حتى السيارات التي تعتمد على الكهرباء (سواء بشكل كامل أو الهجينة منها) ناتجٌ عن تطوير بطاريات أيونات الليثيوم Lithium Ion (LI-ION) Batteries التي تعتمد أساسيًّا على وسط ناقل للأيونات (Electrolyte) -والذي غالبًا ما يكون سائلًا أو هلاميًّا (جيل)- لنقل شوارد الليثيوم، لكن هذا الوسط بشكله السائل أو الهلامي يطرح عدَّة مشكلات عند استخدام هذه البطاريات؛ كالحجم الكبير أو الوزن الإضافي وحتى مشكلة الأمان باستخدام البطاريات لأنه في غالب الأحيان سام وقابل للانفجار؛ لذلك يسعى الباحثون تصميم بدائل صلبة أو جامدةٍ أصغر حجماً وأخف وزنًا وأكثر أمناًا(1). سنتعرَّف أولًا إلى مبدأ عمل بطاريات الليثيوم قبل الدخول في تفاصيل التصميم الجديد.

مبدأ العمل:

تتكون بطاريات الليثيوم من مصعد ومهبط وجزءٍ فاصل ووسيط إلكتروني ومجمعي تيار (موجب وسالب). يخزن كلٌّ من المصعد والمهبط الليثيوم، ويضمن الحد الفاصل عدم انتقال الإلكترونات عن طريقه، ولكنَّه يسمح بحرية الحركة لأيونات الليثيوم الموجبة (2).

على الرغم من تسمية البطارية (Lithium-Ion)، لكنَّ التركيبة الكيميائية لها لا تحتوي على معدن الليثيوم الصلب، ولكنَّها تحتوي شوارد الليثيوم المحتواة في مواد كيميائية أخرى؛ مثل أكاسيد الفلزات أو الفوسفات في القطب الموجب (الكاثود) والكربون (عادة الغرافيت) أو تيتانات الليثيوم في القطب السالب (الأنود)، ويُعدُّ انتقال هذه الأيونات بين الأقطاب عن طريق الوسيط الإلكتروني بواسطة الجزء الفاصل هو ما يسمح بشحن البطارية وتفريغها(3).

في الحالة الأولى وعندما تكون البطارية مشحونةً بالكامل تتجمع ذرات الليثيوم في المصعد، وفي مرحلة استهلاك البطارية؛ تنتقل أيونات الليثيوم الموجبة من المصعد إلى المهبط عن طريق الوسط الناقل ممَّا يخلف كمية إلكترونات حرة فائضة في المصعد، هذه الإلكترونات الحرة تتحرك من خلال الدارة الموصولة إلى البطارية ومنها إلى المهبط ممَّا يؤدي إلى مرور تيار في الدارة، وتكون مهمة العازل هي منع انتقال هذه الإلكترونات الحرة من المصعد إلى المهبط ضمن البطارية (2). 

أمَّا عند وصل البطارية بمصدر طاقةٍ (أي دورة الشحن) يحدث العكس؛ إذ يعيد مصدر الطاقة الإلكترونات التي فقدها المصعد في مرحلة التفريغ، وتجذب هذه الإلكترونات أيونات الليثيوم التي انتقلت من المصعد الى المهبط في دورة التفريغ فتعود أيونات الليثيوم إلى المصعد عن طريق الوسيط  من خلال الفاصل؛ ومن ثَمَّ تعود البطارية إلى حالتها الأساسية وتصبح مشحونةً بالكامل عندما تنتقل كافة أيونات الليثيوم إلى المصعد (2).

التصميم الجديد:

من بين أهم المشكلات التي كانت تواجه الأبحاث للوصول إلى بطاريات الليثيوم الصلبة (أكثر أمنًا وكفاءة من البطاريات السائلة والهلامية)، هو تراكم الذرات فوق بعضها في معدن الليثيوم مسببة تمدد المعدن في أثناء دورة الشحن، ثم يتقلَّص المعدن في دورة التفريغ من جديد. هذا التغير المستمر في أبعاد المعدن سبَّب صعوبةً في إبقاء التماس بين القطب الصلب والوسيط الصلب إضافةً إلى ميول الوسيط الصلب إلى الانكسار أو الانفصال.

ثم إنَّ جميع الوسائط الصلبة المقترحة غير مستقرةٍ كيميائيًّا عند التفاعل مع معدن الليثيوم النشط كيميائيًّا، وتميل إلى الانهيار بعد فترة من الاستخدام (1).

معظم الأبحاث السابقة ركزت على تصميم الوسيط الصلب المستقر أمام الليثيوم استقرارًا تامًا، والذي تبين لاحقًا أنه أمر صعبُ التحقيق، تجاوزت التقنية الجديدةُ المشكلات السابقة عن طريق تصميم يعتمد على نوعَين إضافيين من المواد الصلبة، النوع الأوَّل هو الموصلات الإلكترونية الأيونية المختلطة “Mixed Ionic-Electronic Conductors”(MIEC)، والثاني هو عوازل الإلكترونات و أيونات الليثيوم “Electron and Li-ion Insulators”(ELI)؛ إذ إنَّ هذين النوعَين مستقرين كيميائيًّا أمام معدن الليثيوم (1).

ولحل مشكلة تمدُّد المعدن وتقلصه؛ صمم الباحثون بنية نانوية ثلاثية الأبعاد شبيهة بخلية النحل -غُرس فيها على نحوٍ جزئي معدن الليثيوم الصلب- تكون هذه البنية على شكل مصفوفة من الأنابيب مسدسة الأضلاع المصنعة من مادة الـ (MIEC)، وتحوي هذه الأنابيب مساحات فارغةً فيما بينها، هذه المساحات الفارغة يملؤها المعدن عند تمدده في أثناء فترة الشحن كما لو أننا نملأ الفراغات بسائل، وهذا يخفِّف الضغط الميكانيكي المتولد في أثناء فترة الشحن، أما مادة (ELI) فتُستخدم حاجزًا ميكانيكيًّا ضروريًّا بين الـ (MIEC) وطبقة الوسيط الصلب.

وبعَدِّ الوسيط الصلب مصنَّع من الـ (MIEC) المستقر كيميائيًّا؛ فإن الليثيوم لا يفقد اتصاله الإلكتروني، وبهذا تُصبح البطارية مصنعة كاملةً من المواد الصلبة، وتحافظ على استقرارها الميكانيكي والكيميائي في أثناء مرورها في دورة الاستخدام (1).

هذا التصميم الجديد قد يؤدي إلى الحصول على أقطاب آمنةٍ وتزن ربع وزنها السابق ولها سعة التخزين نفسها. وعند دمجها مع التصاميم الجديدة للقطب الأخر والأخف وزنًا؛ فإن ذلك قد يساعد العلماء على الوصول إلى بطاريات تُستخدم في الأجهزة المحمولة ولا تحتاج إلى إعادة الشحن لعدة أيام، وذلك دون زيادة سماكة الهواتف أو حجمها (1).

لم يُنفَّذ هذا التصميم إلا ضمن أبعاد صغيرةٍ، ولكن يمكن تعميمه على مجالات أكبر بسهولة (1)، وسيساهم هذا التصميم في رفع كفاءة عمل عديدٍ من الأجهزة إضافةً إلى فتح أفق جديد من التطوير في الأجيال القادمة من البطاريات.

المصادر:

1- New electrode design may lead to more powerful batteries [Internet]. MIT News. 2020 [cited 9 March 2020]. Available from: 

هنا

2- How Does a Lithium-ion Battery Work? [Internet]. Energy.gov. 2020 [cited 9 March 2020]. Available from: 

هنا

3- Lithium Ion Batteries (LI-ION) | Energy Storage Association [Internet]. Energy Storage Association. 2020 [cited 11 March 2020]. Available from: 

هنا