الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية

ماذا تعرف عن الكربوهيدرات؟

من الضروري عند اتباع نظام غذائي متوازن الحصول على الكربوهيدرات Carbohydrates الكافية، فهي تزود الجسم بالطاقة التي يحتاجها (1).

وفي الحالة الصحية المثالية، يجب على المرء استهلاك كميةٍ تتراوح بين 200 و300 غ من الكربوهيدرات يوميًا (1)، ووفقًا للإرشادات الغذائية في الولايات المتحدة يجب أن يحتوي نصف طبق الطعام المتناول على الفاكهة والخضراوات وأن يكون نصف منتجات الحبوب المتناولة على الأقل من الحبوب الكاملة، فجميعها مصادر غنية بالألياف الغذائية (1)، وهو ما تحدثنا عنه في مقال سابق هنا

وعلى العكس، فإن عدم الالتزام بتلك النسب واختيارَ نظامٍ غذائي غني بالكربوهيدرات البسيطة وفقيرٍ بالألياف سيزيد خطر الإصابة بالعديد من الأمراض مثل مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب وعديدٍ من أنواع السرطانات (3).

عمليًا، توجد ثلاثة أنواع من الكربوهيدرات؛ وهي البسيطة Simple والمعقدة Complex والمكررة Refined. ولكن، قبل الخوض في شرح أنواعها تلك، علينا أن نعرف ممَّ تتكون الكربوهيدرات، إذ توجد عدة مواد نستهلكها يوميًا بكمياتٍ متفاوتة وتندرج جميعُها في فئة الكربوهيدرات، وهي (1):

-السكريات Sugars: منها ما هو موجودٌ في الفواكه أو منتجات الألبان أو الأطعمة المعالجة مثل الحلويات والمشروبات الغازية.

-النشويات Starches: مثل الموجودة في البقوليات والحبوب وبعض الخضراوات.

-الألياف الغذائية Dietary Fibers: وتوجد في عديدٍ من الأطعمة مثل الفواكه والخضار وغيرها، وتقسم إلى ألياف غذائية منحلة Soluble fibers وألياف غذائية غير منحلة Insoluble fibers، وتتميز الأخيرة بعدم قدرة الجهاز الهضمي على تفكيكها. ولمزيدٍ من المعلومات عن الألياف الغذائية يمكنكم قراءة مقالنا السابق هنا

وتتكون جميع الكربوهيدرات من جزيئات من السكريات البسيطة (2) يرتبط بعضها مع بعض إما بسلاسل طويلة فتشكل الكربوهيدرات المعقدة، أو بسلاسل قصيرة فتشكل الكربوهيدرات البسيطة (1)، ويستطيع الجسم تفكيك تلك الروابط في السلاسل القصيرة بسهولة، ومن ثم تحويل الجزيئات السكرية المكونة لها إلى جزيئات الغلوكوز ليستخدمها مصدرًا للطاقة (2).

ونظرًا لأن الكربوهيدرات المعقدة تكون ذات سلاسل أطول، فإن عملية هضمها تستغرق وقتًا أطول أيضًا، وعليه فإنها تؤمن مصدرًا بطيئًا وطويل الأمد من الطاقة، في حين تؤمن الكربوهيدرات البسيطة مصدرًا سريعًا وقصير الأمد نظرًا لسهولة هضمها، ولذلك تسبب الكربوهيدرات البسيطة ارتفاعًا أسرع في مستوى سكر الدم مقارنةً بالكربوهيدرات المعقدة التي تساعد على المحافظة عليه في مستويات ثابتةٍ ومستقرة (2).

وبالعودة إلى أنواع الكربوهيدرات، توجد الكربوهيدرات البسيطة Simple Carbohydrates في عديدٍ من الأطعمة الصحية، مثل سكر اللاكتوز في الحليب، وسكر الغلوكوز والفركتوز في الخضار والفواكه، لكنها هذه الكربوهيدرات توجد أيضًا في بعض الأغذية غير الصحية التي يجب تجنبها، ومنها الأغذية المصنعة والتي تحوي سكرًا مضافًا Added sugar، إذ يزيد الأخير محتوى الأطعمة من السعرات الحرارية دون إضافة أية قيمة غذائية إليها، وهو ما نصادفه في الحلويات والمشروبات السكرية وسكر المائدة والعصير المركز والمخبوزات (2).

أما الكربوهيدرات المعقدة Complex Carbohydrates، فتوجد في الحبوب الكاملة التي تكون غنيةً بالمغذيات، وتتميز بكونها ذات مؤشرٍ غلايسيمي (Glycaemic index (GI منخفض، وتحتوي على الألياف والدهون الصحية والفيتامينات مثل E وB أيضًا، مما يجعلها مفيدةً لخفض خطر الإصابة بعديدٍ من الأمراض مثل داء السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية (2). وإضافةً إلى الحبوب الكاملة، توجد الكربوهيدرات المعقدة أيضًا في الأطعمة غير المعالجة مثل الشوفان والبطاطا الحلوة والبازلاء والخضار والفواكه والخبز (1) والأرز البني والبرغل والشعير (2). ولقراءة مزيدٍ من المعلومات عن المؤشر الغلايسيمي يمكنكم الاطلاع على مقالنا السابق هنا

ذكرنا في فقرة سابقة أن الكربوهيدرات المعقدة تعد مصدرًا أفضل للطاقة من الكربوهيدرات البسيطة، فهل يعني هذا أن بإمكاننا تناولها دائمًا؟ وماذا عن دور بعض الأطعمة - مثل الشوكولا - في تحسين المزاج؟

من الضروري أن نعرف المكونات الغذائية للطعام الذي نأكله بدلًا من التركيز على مكوِّن مغذٍ في الطعام، لذا فإن من غير المجدي أن ينصب كامل اهتمامنا على نوع الكربوهيدرات التي يحويها الطعام، بل من الأفضل التفكير بسلامة كامل النظام الغذائي المتَّبع (2).

من جهةٍ أخرى، يشير عددٌ كبيرٌ من الدراسات إلى أنَّ تناول الأطعمة الحاوية على السكريات البسيطة؛ مثل الشوكولا أو المشروبات السكرية، يسبب زيادةً في النشاط وتحسُّنًا في الحالة المزاجية، ولدى مراجعة تلك الادعاءات، يتبين أنَّ تلك الأطعمة لا تحسن المزاج أو تزيد النشاط، بل على العكس فإنها تسبب في غضون 30 - 60 دقيقة انخفاضًا في التركيز وزيادة في التعب، وبالشكل نفسه، لا توجد أدلة علمية تثبيت فعالية المشروبات الرياضية الغنية بالسكر في تحسين الأداء الرياضي كما يروِّج مصنِّعو تلك المنتجات، وإن وجد فليس إلا تأثيرًا بسيطًا جدًا ولا يعوض الضرر الناتج من جراء كميات السكر الكبيرة التي تحتويها هذه المشروبات (2).

ماذا عن الكربوهيدرات المكررة Refined carbohydrates؟

توجد الكربوهيدرات المكررة في العديد من المنتجات، فإما أن تكون من الحبوب المكررة مثل الطحين الأبيض والذي يدخل في صناعة المعجنات والوافل وحبوب الفطور والبيتزا وخبز التورتيلا وما يشابهها، أو أن تكون من السكريات المكررة مثل السكروز وشراب الذرة عالي الفركتوز، وتصادف السكريات المكررة من هذا النوع في اللبن المنكه والكيك والمشروبات الغازية وعصائر الفاكهة والكاتشاب وصلصة المعكرونة الجاهزة (1,3).

وتتصف الكربوهيدرات المكررة بكونها ذات مؤشر غلايسيمي مرتفع، مما يسبب ارتفاعًأ سريعًا في سكر الدم يتبعه شعور سريع بالجوع ويعطي الجسم سعرات حرارية فارغة، مما قد يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة خطر الإصابة بالأمراض، خصوصًا وأن العمليات التصنيعية تجرِّدها من الألياف والمعادن والفيتامينات. ولمعرفة المزيد عن السعرات الحرارية الفارغة يمكنكم قراءة مقالينا السابقين هنا

ونتيجة خصائص الكربوهيدرات المكررة تلك، فإنها يمكن أن تكون السبب الكامن وراء سُمنة العديد من الأشخاص، وذلك وفقًا لما بينته بعض الدراسات (4)، كذلك أظهرت الدراسات أنَّ تناول تلك الكربوهيدرات المكررة يمكن أن يؤدي إلى تراكم الدهون في منطقة البطن، والتسبب بحدوث التهابات في الجسم، ويُعتقد بأنَّها أحد الأسباب الرئيسية لمقاومة اللبتين (هرمون الشبع) Leptin resistance وما ينتج لاحقًا من بدانة (5). إضافةً إلى ما سبق، يمكن أن يزيد تناول الكربوهيدرات المكررة نسبةَ الشحوم الثلاثية في الدم ويرفع نسبة السكر بالدم ويزيد مقاومة الأنسولين، وجميعُها مؤشراتٌ خطيرةٌ للإصابة بأمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني (6,7).

كيف تؤثر عمليات التصنيع في جودة الكربوهيدرات، وكيف يمكننا تجنب مخاطرها؟

تتكون الحبوب الكاملة من ثلاثة أجزاء، وهي (3):

-النخالة Bran: وهي الجزء الصلب الخارجي الغني بالألياف والمعادن ومضادات الأكسدة.

-الجنين Germ: الغني بعددٍ كبير من المغذيات مثل الدهون والكربوهيدرات والبروتين والمعادن والفيتامينات ومضادات الأكسدة والمركبات النباتية.

-السويداء Endosperm: وهي الجزء الأوسط، غنية بالكربوهيدرات وتحتوي على القليل من البروتين.

للأسف، تسبب عمليات التكرير تجريد الحبوب الكاملة من العديد من المغذيات المذكورة مثل الفيتامين B والحديد والألياف (1)، ويمكن أن يكون للتكرير أشكال عديدة، مثل الطحن المتبع لفصل النخالة عن الحبوب وتحويلها إلى دقيق، أو الاستخلاص المتبع في مصانع السكر لاستخراج السكروز من قصب السكر أو الشوندر السكري، أو التركيز الذي يستخدم أحيانًا لتحويل العصائر إلى مركزات (1).

كيف تتجنب الكربوهيدرات المكررة؟

يمكن اتباع الخطوات الآتية (1):

1- تجنب إضافة السكر للطعام.

2- تناول الفاكهة الكاملة عند الشعور بالرغبة بتناول الحلويات.

3- تناول الأرز البني وخبز الحبوب الكاملة بدلًا من الأرز الأبيض والخبز.

4- قراءة بطاقة البيان الغذائية عند التسوق، لأنَّ السكريات المكررة قد تتواجد تحت أسماء متعددة مثل الشراب المركز Syrup أو دبس السكر (المولاس) Molasses أوالفركتوز Fructose أو السكروز Sucrose أو المالتوز Maltose أوالدكستروز Dextrose أو المحليات Sweeteners.

5- تناول اللبن الطبيعي بدلًا من المنكه.

6- تناول الشوفان بدلًا من حبوب الفطور Cereals.

7- تحضير الصلصات في المنزل بدلًا من شراء الأصناف الجاهزة.

أخيرًا، نؤكد أن التخلي عن الأطعمة الحاوية على الكربوهيدرات ليس ما يفترض بنا فعله، بل علينا اختيار الأطعمة الصحية التي تحتوي على الكربوهيدرات المفيدة، مع الانتباه لكون الأطعمة المؤلفة من مكوناتٍ عديدةٍ عادةً ما تكون مصدرًا غيرَ صحي للكربوهيدرات (3).

المصادر:

1-Marengo K. Refined carbs: What they are, and how to avoid them [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2020 [cited 26 February 2020]. Available from: هنا

2-Marengo K. Simple carbs vs. complex carbs: What's the difference? [Internet]. Medicalnewstoday.com. 2019 [cited 26 February 2020]. Available from: هنا

3-Bjarnadottir A. Why Refined Carbs Are Bad For You [Internet]. Healthline. 2017 [cited 26 February 2020]. Available from: هنا

4-Belinda S Lennerz, David C Alsop, Laura M Holsen, Emily Stern, Rafael Rojas, Cara B Ebbeling, Jill M Goldstein, David S Ludwig, Effects of dietary glycemic index on brain regions related to reward and craving in men, The American Journal of Clinical Nutrition, Volume 98, Issue 3, September 2013, Pages 641–647, هنا. هنا

5-Jytte Halkjær, Anne Tjønneland, Birthe L Thomsen, Kim Overvad, Thorkild IA Sørensen, Intake of macronutrients as predictors of 5-y changes in waist circumference , The American Journal of Clinical Nutrition, Volume 84, Issue 4, October 2006, Pages 789–797, هنا. هنا

6-Laakso M. Cardiovascular Disease in Type 2 Diabetes From Population to Man to Mechanisms: The Kelly West Award Lecture 2008. Diabetes Care. 2010;33(2):442-449. هنا

7-Jacobson T, Miller M, Schaefer E. Hypertriglyceridemia and cardiovascular risk reduction. Clinical Therapeutics. 2007;29(5):763-777. هنا