الهندسة والآليات > الروبوتات

كورونا والهندسة؛ من الفائز؟

فيروس الكورونا؛ هو الموضوع الأكثر انتشارًا حاليًا على وسائل التواصل الاجتماعي، والمشكلة الكبرى التي تواجه دول العالم أجمع؛ إذ تعيش معظم الدول حالة تأهب ورعب تجاه هذا المرض الذي يجتاح البلدان سريعًا وبصورة كبيرة.

ظهر هذا المرض بدايةً في مدينة (ووهان) في الصين في شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 2019، ومنها بدأ بالانتشار بصورةٍ كبيرةٍ، وتأثرت معظم الدول بسبب هذا المرض وتضرر شعبها واقتصادها كثيرًا.

ومع تضامن الجهود الدُّوليَّة للتخلص من هذه الجائحة اتجهت عدة دول نحو الاعتماد على الروبوتات في المساعدة على التخلص من هذا المرض، وكانت أوَّلهم الصين.

إذ اعتمد على هذه الروبوتات في المستشفيات؛ بغرض تعقيم الغرف والممرات من الفيروسات، وذلك لتخفيف احتمال انتقال المرض إلى الطَّاقم الطبي الموجود ضمنها، ومنه الحدّ من انتقاله بين الأشخاص.

تُصنع هذه الروبوتات من قِبل شركة دنماركيَّة تدعى UVD Robots، حيث تعقم هذه الروبوتات غرف المرضى وغرف العمليات ضمن المستشفيات، وزودت هذه الروبوتات المتحركة بمجموعةٍ من الأجهزة المضيئة التي تُصدر أشعةً فوق بنفسجية ذات أمواج قصيرة؛ لكنها ذات طاقة كافية لتفكيك والقضاء على أي سلسلة DNA أو RNA ضمن الكائنات الحيويَّة الدقيقة التي تتعرض لها(1)؛ إذ تؤثر الأشعة فوق البنفسجية في الكائنات الحيَّة عبر تغيير في المادة الوراثية DNA، فقد تؤدي الجرعات الكبيرة منها إلى قتل الخلية تمامًا من خلال إحداث كثير من الضرر في حمضها النووي، وقد يكون للجرعات الصغيرة تأثيرات دائمة عبر إحداث طفرات (تغييرات في تسلسل الحمض النووي) أو إعادة التركيب بين جزيئات الحمض النووي، ويمكن أن تؤثر التغييرات الجينية مثل الطفرة أو إعادة التركيب في نمو الخلايا؛ مما يؤدي إلى نمو غير منضبط في بعض الحالات(2).

اعتمدت هذه التقنية في التعقيم منذ قرابة القرن وخصوصًا في مجال تعقيم مياه الشرب، ولم تكن تستخدم خارج هذا النطاق نظرًا لأضرارها الممكنة على الجلد والعيون عند البشر، إضافةً إلى الحاجة إلى تركيز هذا الإشعاع لعدة دقائق على منطقة معينة حتى تُعقم كاملًا؛ إذ كانت أغلب التقنيات التي تعتمد على هذه الأشعة محمولة من قبل الإنسان، والذي غالبًا ما كان لا يُعرّض بعض الأجزاء لمدة كافية أو ينسى عدة أماكن من التعقيم، ناهيك عن تكلفتها الباهظة (1).

وهنا تأتي أهميَّة هذه الروبوتات، حيث زُودت بنظام كشفٍ للأجسام يعتمد على حساسات Lidar الليدار (Light Detection and Ranging، وهي طريقة استشعار عن بعد؛ تستخدم الضوء على شكل الليزر النبضي  لفحص أسطح أرضية بمسافات متغيرة (3))، وعلى مجموعة من أجهزة الإضاءة التي تُصدر أشعة فوق بنفسجية (1).

بدايةً يُسيّر هذا الروبوت من قِبل حاسب ضمن البيئة المراد العمل ضمنها، لمساعدته على تشكيل خريطة رقمية باستخدام تقنية الليدار، ومن ثمَّ تُحدد الغرف جميعها المراد تعقيمها ضمن هذه الخريطة، وبعد هذه الخطوة ينتقل هذا الروبوت تلقائيًا ومعتمدًا على نظام تحديد الموقع وقراءة الخرائط في الزمن الحقيقي (SLAM)، حيث ينتقل من المكان الذي يتزود منه بالطاقة إلى الأماكن المراد تعقيمها تلقائيًا ودون تدخل بشري، فيقوم بمهامه ثمَّ يعود لتتم إعادة شحنه.

وبهدف حماية البشر من الإشعاعات التي يُصدرها؛ زُود بحساسات لكشف الحركة من أجل إيقاف إصدار هذه الأشعة عند اقتراب شخص من المنطقة التي يعمل ضمنها (1)، فمعظم الأشعة فوق البنفسجية تسبب الضرر، وخصوصًا الفوتونات الأكثر نشاطًا؛ إذ تضر هذه الفوتونات خلايانا وأعضائنا عبر إحداث تغييرات كيميائية في الجزيئات المهمة، وخصوصًا البروتينات والأحماض النووية، وتسهم الأشعة فوق البنفسجية الممتصة في بروتينات عدسة العين في تكوين إعتام العدسة؛ مما يقلل من قدرة العدسة على نقل الضوء، الأمر الذي يؤدي إلى العمى الجزئي أو الكامل، أمَّا الجلد المكشوف في حال تعرضه لها لفترات قصيرة قد يحترق، أمَّا الآثار طويلة المدى فهي سرطان الجلد والشيخوخة المبكرة، وكلما زاد تعرضنا للأشعة فوق البنفسجية زادت المخاطر(2)، ومن هنا جاءت أهميَّة وجود هذه الروبوتات.

يحتاج هذا الروبوت من 10 إلى 15 دقيقة ليُعقم غرفة نموذجية؛ إذ يقضي قرابة دقيقة أو دقيقتين ضمن خمسة أو ستة مواقع مختلفة ضمن الغرفة؛ بهدف تعريض أكبر عدد ممكن من الأسطح للأشعة فوق البنفسجية. 

يُصدر هذا الروبوت أشعةً ذات طول موجة تقدر بـ 254 نانومتر، وتنتج 20 جول من الطاقة لكل متر مربع خلال الثانية الواحدة؛ مما يضمن القضاء على ما يقارب 99.99٪ من الجراثيم خلال عدة دقائق فقط.

وتبعًا للرئيس التنفيذي لشركة (UVD Robots) بير جول نيلسن Per Juul Nielsen صُمّمت هذه الروبوتات بدايةً للتخفيف من احتمالات إصابة الأشخاص ضمن المستشفيات بالأمراض المُعدية، ووفقًا لكلامه فإنَّ من 5٪ إلى 10٪ من مرضى المستشفيات يتعرضون لعدوى جديدة ضمن المشفى نفسه، وعشرات آلاف الوفيات كل عام نتيجة تلقي تلك العدوى (1)، إضافةً إلى أنَّه في المستشفيات الأمريكية وحدها تقدر مراكز السيطرة على الأمراض(Centers for Disease Control)(CDC) بما يُقدر بـ 1.7 مليون إصابة، و99 ألف حالة وفاة مرتبطة بالعدوى التي يحصل عليها المرضى في أثناء تلقيهم علاجًا كل عام، ومن هذه الالتهابات: 

32 ٪  التهابات في المسالك البولية. 

22 ٪ حالات العدوى في موقع الجراحة. 

15 ٪ التهاب رئوي (التهابات الرئة). 

14 ٪ التهابات مجرى الدم (4). 

ومع ظهور فيروس الكورونا ازداد الاهتمام بهذه الروبوتات لكونها وسيلة تساعد في تقليل انتشار العدوى والتخلص منها؛ إذ تعمل حاليًا مئات من هذه الروبوتات في أكثر من 40 دولة حول العالم لتكون خطوة أوَّلية لمحاربة فيروس الكورونا ضمن المستشفيات، وقد تُستخدم في الأماكن كافة، مثل المدارس والمراكز التجارية وغيرها… 

هذا الروبوت هو أوَّل سلاح إلكتروني يُستخدم في مواجهة الأمراض والميكروبات، وتُعدُّ أوَّل الخطوات في الاعتماد على الروبوتات في مواجهة الأخطار الحيوية على الإنسان، ومن يعلم قد تكون الروبوتات هي من سيخلصنا من هذا الفيروس نهائيًا (1)!. 

المصادر: 

1- Full Page Reload [Internet]. IEEE Spectrum: Technology, Engineering, and Science News. 2020 [cited 13 March 2020]. Available from:

هنا

2- [Internet]. Phys.ksu.edu. 2020 [cited 13 March 2020]. Available from: 

هنا

3- What is LIDAR? [Internet]. Oceanservice.noaa.gov. 2020 [cited 13 March 2020]. Available from

هنا

4- Healthcare-Acquired Infections (HAIs) – PatientCareLink [Internet]. Patientcarelink.org. 2020 [cited 13 March 2020]. Available from: 

هنا