علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

كيف تؤثر فصولُ السنة في مزاجنا؟

ها هي السماء تكفهرّ وتتلبّد بالغيوم لتُمطر، ويكفَهر معها مزاجنا، فنهرب إلى أغانينا الحزينة وإلى ذكرياتنا. وربما نهرب من كلِّ شيءٍ ونختبئ في فراشنا منتظرين أن تصحو السماء ويعود الربيع ونعود إلى حيويتنا ونشاطنا.

هل يمكن للفصول أن تؤثر في حالتنا النفسية وفي سلوكنا؟

لفصول السنة الأربعة قدرةٌ كبيرة على التأثير في مزاجنا وسلوكنا، إذ يشعر 9% من الناس بأنهم أكثر غضباً وأقلّ سعادةً عندما يهطل المطر. وقد ربطت دراسةٌ بين ارتفاع المنشورات السلبية على الفيسبوك وهطول المطر (2).

واقترحت دراسةٌ أخرى بأنَّه قد يكون للفصل الذي يولد فيه المرء تأثيرٌ في شخصيته، فالذين ولدوا في أشهر الربيع والصيف يميلون إلى الإيجابية وإلى عيش تقلباتٍ مزاجيةٍ سريعة، أما الذين ولدوا في الشتاء فيميلون إلى أن يكونوا حاديّ الطباع (1).

في الحقيقة، وجد الباحثون أن ذلك كلّه يعود إلى التغيرات في درجة الحرارة وشدة الضوء..

تأثير درجة الحرارة:

فيما يتعلق بدرجة الحرارة؛ فإنَّ مطلع الربيع يحفز الإيجابية اعتماداً على المدة الزمنية التي نقضيها في الخارج. ويُعرف عن أشهر الشتاء التسببُ بالاضطراب الوجداني الموسمي أو ما يعرف باكتئاب الشتاء. إضافةً إلى دراسة أقيمت في عام 2014 والتي وجدت أن الأشخاص الموجودين في الغرف الحارة يميلون إلى الحكم على المجرمين بأنهم متهورون، في حين حَكم عليهم من كانوا في غرفٍ باردة بأنهم قد ارتكبوا جرائمهم عمداً بدمٍ بارد (1).

إذاً يمكن لدرجة الحرارة أن تؤثر في مزاجنا وحكمنا على الآخرين، ويمتد ذلك ليشمل خياراتِنا الشرائية، إذ نستنتج -من خلال استخدام نتائج مخبرية وحقل بياناتٍ كبير- أن كلاً من الحرارة والعواطف مترابط، فالدفء يعني الحب، والبرودة تعني الخوف. وعندما يشعر المستهلك بالبرد فإنه يبتعد عن كلِّ ما قد يعزز شعوره بالبرد العاطفي، وعند شعوره بالدفء فإنه يقترب من كل ما يحفز دفءَه العاطفي، وإنَّ لذلك أثراً كبيراً في النشاط التسويقي (3).

تأثير الضوء:

تقول الباحثة والمعالجة النفسية "تيكسا إيفانس" أنه عندما تظلم خارجاً ويصبح الجو كئيباً، يشعر بعض الناس حتماً بالوحدة والكآبة، ومن الشائع أن نلاحظ تغيراً في المزاج مثل الشعور بالحزن وانعدام الثقة. عندما تمطر خارجاً، وبدلاً من أن تُطفئ الأنوار وتزحف إلى فراشك، انهض وأشعل الأنوار لما لها من تأثيرٍ في رفع السيروتونين الذي يعدل المزاج.

وتنصح "جوليا سامبون" المعالجة النفسية من العيادة النفسية العصبية في نيويورك سيتي، بالمشي خارجاً وإن كان الجو مظلماً، لأننا سنتلقى الأشعة فوق البنفسجية التي تساعد على ضبط الإيقاع الجسدي اليومي وتعديل المزاج، كذلك تنصح بممارسة كلِّ النشاطات المحببة وممارسة الرياضة من أجل تحفيز الأندروفين.

لا تعزل نفسك في خلال الأيام الممطرة لأن ذلك سيُظهر لك الأمورَ أسوأ مما هي عليه في الواقع (2).

في النهاية يجب أن ندرك أن مزاجنا وشخصياتنا وتفضيلاتنا في الحياة تتأثر بكثيرٍ وكثير من العوامل والتجارب، وفصول السنة ما هي إلا إحداها، فإن كنت تخلق ذكرياتٍ رائعة كلَّ صيف، وتستمتع بوقتك فيه، فلا عجب في أنه فصلك المفضل.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا