الطب > مقالات طبية

مفصلٌ جديد، هل يعني حياة جديدة؟

لابدّ من أنّ سلامةَ عمل مفاصلنا هو ضرورةٌ حياتيّةٌ، ولسوء حظ كثيرٍ من الأفراد حول العالم الذين يعانون مشكلاتٍ مفصليّة فإنّ قدرتهم على المشاركة في الأدوار الاجتماعيّة والمهنيّة تنخفض إلى حدٍ كبيرٍ بسبب فقدان مرونتهم في التّنقل والحركة بحريّة، وهنا يلجأ الكثيرون لعمليّاتٍ تُسهم في التخفيف من تلك الإعاقة؛ وهي عمليّات استبدال المفصل، ولكن ما الحالات التي تصل بهؤلاء المرضى للّجوء إلى مثل هذه العمليات؟

يمكن اللجوء لعمليات تبديل المفصل في حالات اِلتهاب المفاصل التي تصل إلى درجة تخريب الغضروف الذي يغطي سطح المفصل، مثل حالات التهاب المفاصل الروماتوئيديّ النّاجم عن النّشاط المفرط لجهاز المناعة، إضافةً إلى حالات التّنكّس المفصليّ النّاجمة عن إجهاد المفاصل وغيرها، ويمكن القول بأن الفرد أصبح بحاجةٍ إلى تبديل المفصل عند وجود إعاقةٍ وظيفيّةٍ مهمّةٍ كعدم القدرة على صعود الدرج، أو عند الشعور بألمٍ مستمرٍ على الرغم من تناوله المسكنات، أو ذلك الألم الذي يوقظه من النوم، فحينها تُعدُّ تلك العمليّات وسيلةً من شأنها أن تساعد على تخفيف الألم وتحسين الحركة ورفع سويّة الحياة. (1)

ما هي أكثرعمليّات تبديل المفاصل شيوعًا، وممّ يتكوّن المفصل الصناعيّ الجديد؟

تُعدّ عمليات استبدال مفصل الورك والركبة من أشيع العمليّات نظرًا إلى إصابتها المتكرّرة؛ إذ يُزيل الجرّاح الأجزاء المتضرّرة من المفصل ويستبدلها بأجزاءٍ أُخرى مصنوعةٍ من المعادن، والخزف، والبلاستيك القاسي، والبوليمرات.(2)(1)

هل تُعدّ عمليّات استبدال المفاصل هي الحلّ النّهائي للتخلّص من المشكلات المفصليّة دون أيّة صعوباتٍ أو مخاطر؟

في الحقيقة تحمل عمليّة استبدال المفاصل عددًا من المخاطر؛ إذ من شأن المحاولة للوصول إلى حلّ أن يخلق مشكلةً جديدة، فالموادّ التي يحتويها المفصل الجديد هي أنسجةٌ غريبةٌ عن الجسم، وعمليّة استبدال مفصلٍ طبيعيٍّ بآخر صناعيّ ليست بالإجراء البسيط، وتؤدّي العديد من العوامل دورًا مسهمًا يهدّد جراحة استبدال المفصل ومنها:

1- الجهاز المناعي: إنّ الجهاز المناعيّ الفطريّ قادرٌ على التّمييز بين أنسجة الجسم وغيرها، فيُهاجم الموادّ الغريبة الموجودة في المفصل الجديد كأيّ عضوٍ مزروعٍ آخر، لذلك من الضروري فهم استجابة الجسم لعمليّة زرع المفصل لمحاولة تعديل هذه الاستجابة؛ إذ تختلف حسب نوع المادّة الموجودة في المفصل، فالمواد المعدنيّة أكثر قدرةً على إثارة تفاعلٍ تحسسيّ  يتظاهر على شكل ألمٍ وصعوبةٍ في تحريك المفصل، أما البوليمرات فهي تُعدُّ جزيئاتٍ كبيرةً نسبيًّا فيميل الجهاز المناعيّ لتشكيل محفظةٍ ليفيّةٍ حولها وعزلها عن الأنسجة المحيطة، وتستمرّ هذه المحفظة في النّمو عند الحركة مما يُسبّب تحدّدًا بحركات المفصل، ويتميّز الخزف بأنه الأقل إحداثًا للمشكلات من بين تلك المواد.(2)(4)(5)         

2- التهاب الجلد: الذي يحدث عند استبدال مفصل الرّكبة؛ إذ يمكن أن يظهر فوق المفصل مباشرةً أو في كلّ أنحاء الجسم، وقد لُوحظ وجود ارتباطٍ كبيرٍ بين إدخال بعض المعادن وتطوّر التهاب الجلد، لذلك من الضروري عندها مراجعة طبيب جلديّة والمباشرة في العلاج بالستيروئيدات. (5)

3- الخلع وسوء التّوضع بالمفصل الجديد: وذلك عند اتّخاذ بعض الوضعيات الخاطئة وخاصةً في الأشهر القليلة الأولى بعد الجراحة، ويمكن للعضلات المحيطة بالمفصل الجديد أن تتقلّصَ مؤدّيةً إلى تغيّرٍ في طول الطرف، لهذا ينبغي الحذر وعدم إجراء حركاتٍ عنيفة.

4- الكسور: قد تنكسر بعض الأجزاء من المفصل، فإمّا أن تكون الكسور صغيرة جدًّا بحيث تُشفى من تلقاء نفسها، وإمّا أن تكون كبيرةً بحيث تحتاج إلى تصحيحها بجراحةٍ ثانية.(1)

5- الجلطات: مثل أي إجراء جراحيٍّ كبير، قد يُسبّب التّمدد لفتراتٍ طويلةٍ وعدم الحركة بعد الجراحة إلى تشكّل جلطاتٍ أو خثراتٍ في أوردة السّاق، والتي قد تنفصل من مكانها من السّاق وتنطلق إلى باقي أنحاء الجسم محدثةً جلطاتٍ إضافيّة، لذلك ينبغي التشجيع على التحرّك الباكر بعد الجراحة بفترةٍ وجيزةٍ أو في اليوم نفسه الذي تُجرى فيه العمليّة الجراحيّة إذا أمكن.(1)

ختامًا، قد يُساعد المفصل الجديد على حل مشكلات الألم وتحدّد الحركة، لكن ينبغي عدم التأمّل بنتيجة مثاليّة، ووضع المخاطر والحلول بالحسبان، فقد ساعد فهم الاستجابة المناعيّة إلى الوصول إلى بعض الحلول؛ إذ يمكن دمجُ مكوناتٍ بيولوجيّةً تعود بأصلها إلى الجسم نفسه مع مواد المفصل، ويمكن استخدام الخلايا الجذعيّة في مثل هذا الإجراء؛ إذ توفّر هذه المكونات بيئةً مشابهةً للوسط الداخليّ للجسم ممّا يُخفّف من الاستجابة المناعيّة  تجاه المفصل، وينبغي على المريض اتّباع التعليمات بعد إجراء العمليّة مثل: الخضوع للعلاج الفيزيائيّ دون ممارساتٍ مُجهدةٍ للمفصل، وعدم التأمّل بأنّه قادرٌ على فعل كلّ ما كان يفعله عندما كان مفصلُه سليمًا، لكنّه يستطيع التّمتّع بممارسة أنشطةٍ خفيفةٍ مثل السباحة أو لعب الجولف أو المشي أو ركوب الدراجة.(3)(1)

المصادر:

1-هنا;

2-هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا