الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

هل يمكن للأعشاب والأطعمة أن تواجه الفيروسات؟

في ظل تخوف الناس من الفيروسات الموسمية المنتشرة، وظهور فيروس كورونا الجديد المسمَّى nCoV؛ بدأت الخلطات الغريبة تنهال علينا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.. أعشابٌ وبهاراتٌ مختلفة تتبعها نصائح باستهلاكها بكمياتٍ كبيرةٍ كفيلةٍ بالتسبب بالقرحة أو الغثيان!! فهل تستطيع التغذية حقًّا مواجهة الفيروسات؟

تشكل العدوى الفيروسية Viral infection تحديًّا كبيرًا لجهاز المناعة في الجسم، إذ إنها تختبئ داخل الخلايا، مما يصعب الوصول إليها من الأجسام المضادة، ولا يمكن للمضادات الحيوية أن تُستخدم في علاجها نظرًا لكونها تعمل بآليةٍ مختلفة عن البكتيريا، الأمر الذي يتطلب مواجهتها بآلياتٍ مختلفةٍ أيضًا (1). وعلى الرغم من التقدم في تطور العقارات الطبية واللقاحات، لكن عدد الفيروسات الممرضة التي نجح إنتاج لقاحات خاصةٍ بها ما زال قليلًا جدًا؛ ومنها الإنفلونزا والتهاب الكبد B وC، في حين تفتقر كثيرٌ الفيروسات الأخرى اللقاحات الوقائية الخاصة بها (1,2).

من جهةٍ أخرى، يؤدي الغذاء دورًا في الوقاية من الأمراض عمومًا عن طريق زيادة المناعة ومقاومة الجسم. وتشير الدراسات إلى أن مقاومة الجسم لبعض أنواع الفيروسات يمكن أن تتأثر بنقص أنواعٍ معينةٍ من العناصر الغذائية، إضافةً إلى تأثيرها في قدرة الفيروسات على إحداث المرض وشدته؛ وكنا قد تحدثنا عن ذلك في مقالٍ سابق هنا

كذلك فقد درس كثيرٌ من الباحثين تأثير بعض الأغذية والأعشاب في قدرة الجسم على مقاومة فيروسات معينة، مثل الإنفلونزا والهربس Herpes (أو الحلأ) وفيروس نقص المناعة البشري HIV (أو الإيدز) وغيرها، نستعرضها وإياكم فيما يأتي، علمًا أن تلك الدراسات لم تشمل البشر بل اختُبرت على حيوانات التجارب أو الخلايا المعزولة مخبريًا:

1- الشاي الساخن: يمكن أن يفيد في علاج الأعراض المرتبطة بالبرد والإنفلونزا؛ إذ يساعد على إزالة الاحتقان والتخلص من سوائل الأنف شريطةً ألا يكون ساخنًا جدًّا لكيلا يزيد تهيج الحلق. وفي الوقت نفسه، يعد الشاي مصدرًا للبوليفينولات المفيدة – وخصوصًا التانينات Tannins – ذات الفعالية المضادة للأكسدة والالتهاب والتي يمكن أن تقاوم فيروس نقص المناعة البشري HIV والهربس وتمنع تضاعف فيروس الإنفلونزا (4,5,6).

2- العرقسوس (السوس): يمكن لبعض المركبات الموجودة في نبات السوس أن تكون فعالةً تجاه بعض الفيروسات، ومنها الفيروسات المسببة لنقص المناعة البشري والهربس (3)، لكن تلك النتائج ما زالت تحتاج مزيدًا من الدراسات.

3- الثوم: وهو من المواد الطبيعية التي يلجأ إليها كثيرٌ من الناس لعلاج عديدٍ من الحالات الصحية، لكن الأبحاث التي تخصُّ مقاومته للفيروسات ما زالت قليلةً حتى اليوم، وتشير إلى احتمال وجود تأثيرٍ للثوم في فيروس الإنفلونزا A وB وفيروس نقص المناعة البشري والهربس والالتهابات الرئوية الفيروسية والفيروسات الأنفية التي تسبب نزلات البرد الشائعة (3,4,7).

4- النعناع: بينت الدراسات امتلاكه خصائصَ طبيعية مضادة للالتهابات والفيروسات؛ إذ يحتوي على مكوناتٍ فعالة ثبتت فعاليتها مخبريًا ضد فيروس RSV أو الفيروسُ المِخْلوي التنفسي (3,12).

5- الزنجبيل: وهو من العلاجات الطبيعية الشائعة، ويحتمل أن يتمتع مستخلصه بفعاليةٍ مضادة للفيروسات، منها الفيروس المخْلوي التنفسي (3).

 

6- حساء الدجاج: يُعدُّ مزيلًا طبيعيًّا للاحتقان بسبب احتوائه على بعض أنواع الأحماض الأمينية؛ مثل السيستين Cysteine ومشتقاته التي يمكن أن تفكك المخاط، إضافةً إلى فعاليته المحتملة في مواجهة أعراض البرد والإنفلونزا (4).

 

7- البيلسان (الخَمَان) ٍSambucus: يمكن أن يمنعَ تضاعف فيروس الإنفلونزا ويحفِّز استجابة الجهاز المناعي، كذلك يُحتمل أن تكون مكملاته قادرةً الحد من تأثير الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي العلوي (3,15).

 

8- الشُمْرة ‏Fennel: تمتلك تأثيرًا قويًا مقاومًا لفيروس الهربس وبعض أنواع الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي عند الماشية، وتشير الدراسات على الحيوانات إلى قدرتها على تعزيز الجهاز المناعي وتقليل الالتهابات، الأمر الذي قد يكون واعدًا في مقاومة الأمراض المختلفة (3).

 

9- الأوريغانو (أو المردقوش): يحتوي على الكارفاكرول Carvacrol الذي تبين أنه يمتلك خصائصَ مقاومةً للفيروس المِخْلوي التنفسي RSV المسبب لالتهابات الجهاز التنفسي، وفيروس الهربس من النوع الأول HSV-1، وفيروس الروتا Rotavirus المسبب للإسهال عند الأطفال (3,8,9,10).

                    

10- المريمية Sage: شاع استخدامها في الطب التقليدي منذ القدم، ويحتمل أن تكون فعالةً في مقاومة فيروس الهربس، إضافةً إلى أنها قد تمنع دخول فيروس نقص المناعة البشري إلى الخلايا المستهدفة مما يمكن أن يحمي من الإصابة (3,11).

11- إكليل الجبل Rosemary: يحتوي على حمض الأوليانوليك Oleanolic acid الذي تبيَّن أنه يمتلك دورًا مضادًّا لعديدٍ من الفيروسات مثل فيروس الإنفلونزا والهربس ونقص المناعة البشري (3,13,14).

هل يمكننا أن نعمم تلك النتائج على فيروس كورونا الجديد؟

يتبين مما سبق أن الدراسات التي تهدف إلى تحرِّي فعالية الأطعمة والأعشاب في مقاومة الفيروسات تجري غالبًا في المخبر على خلايا معزولةٍ، الأمر الذي يحدُ من إمكانية تعميم نتائجها على البشر أولًا، وعلى أنواع أخرى من الفيروسات ثانيًا، خصوصًا في ضوء قدرة بعض الفيروسات الكبيرة على التطفُّر في أثناء انتقالها من عائلٍ لآخر، أو حتى من شخصٍ مصابٍ لآخر، وهو ما كان عاملًا أساسيًا في ظهور فيروس كورونا الجديد nCoV الذي ما زال البحث عن لقاح له جاريًا، ولم يتمكن أحدٌ بعد من دراسة علاقته بالأغذية سواء كان ذلك مخبريًّا أم سريريًّا على البشر (1).

ماذا يجدر بنا أن نفعل إذًا، وكيف نقي أنفسنا من الإصابة؟

تعدُّ التغذية السليمة وسيلةً مهمة في تعزيز مناعة الجسم، وهي ذات دورٍ أساسي في تعزيز صحة الجهاز المناعي الذي يؤمن لنا الوقاية من الأمراض والعدوى، لذا ننصحكم دائمًا بشرب السوائل واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن لضمان مقاومةٍ أفضل للأمراض مع ضرورة اتِّباع الإرشادات المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية لتجنب التقاط أية عدوى، ونؤكد في حال الإصابة بأي نوع من الأمراض على ضرورة اتباع إرشادات الأطباء.

ويمكنكم قراءة المزيد من أعمالنا السابقة في الروابط الآتية:

السوس هنا

الثوم هنا و هنا

النعناعهنا

الزنجبيل هنا

المريميةهنا

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. هنا

5. هنا

6. هنا

7. هنا

8. هنا

9. هنا

10.هنا

11.هنا

12.هنا

13.هنا

14.هنا

15. هنا