الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

التغذية ومقاومة الفيروسات

يعدّ الغذاء ركنًا أساسيًا من أركان الحياة، فهو يؤمِّن حاجات الجسم الأساسية لبقائه على قيد الحياة، ويمكن أن يسبب نقص الغذاء والعناصر الأساسية زيادةً في احتمال الإصابة بالفيروسات، إذ تؤثر الحالة التغذوية في قابلية الإصابة بالأمراض وشدتها. وقد أثبتت الدراسات ارتباط سوء التغذية وعدم اتباع نظام غذائي صحي بانخفاض فعالية أداء الجهاز المناعي في الجسم؛ ما قد يؤدي إلى زيادة التعرض للفيروسات.

لكن تأثير سوء التغذية لا يقتصر على الجهاز المناعي الخاص بك فحسب، بل يطال الفيروس نفسه أيضًا، إذ يمكن لنقص بعض العناصر الغذائية أن يسبب تحولاتٍ جينيةً بالفيروس نفسه تجعله أكثر شدةً. كذلك يؤثر الإجهاد التأكسدي للمريض تأثيرًا عميقًا فيما يتعلق بالفيروسات، إذ يرتبط ارتفاعه بانخفاض مضادات الأكسدة، ويمكن لذلك بدوره أن يؤثر في بعض أنواع الفيروسات مؤديًا إلى زيادة شدتها وتطور أعراض المرض. 

وبالعودة إلى التأثير المتبادل بين الأمراض المعدية والحالة التغذوية للمضيف، فقد بيَّنت الدراسات أنّ سوء التغذية الذي يتعرض إليه الشخص قد يؤدي إلى زيادة احتمال إصابته بالمرض وزيادة شدته أيضًا؛ وذلك بسبب حدوث خلل في عوامل الوقاية من الأمراض مثل فقد الوزن، وتلف الغشاء المخاطي، وانخفاض المناعة (1،2). وعلى سبيل المثال، لوحظ عند إصابة الأطفال بفيروس روتا Rotaviruses؛ وهو من أكثر مسببات الإسهال شيوعًا لدى الأطفالِ، أن الأطفال ذوي التغذية الجيدة أصيبوا بإسهال خفيف، أما الأطفال ذوو التغذية السيئة فقد أصيبوا بإسهالاتٍ شديدةٍ، ويعود ذلك إلى نقص التغذية الذي ساهم في زيادة المرض وشدته (1).

كذلك لوحظ أن التهابات الجهاز التنفسي كانت أكثر حدةً لدى الأفراد المصابين بسوء التغذية؛ إذ أدى سوء التغذية إلى زيادة العدوى وشدة المرض بفعل فيروس المِخْلوي التنفسي Respiratory syncytial virus (RSV) وفيروسات إنفلونزا A وB، إضافةً إلى ملاحة ضعف العضلات التي تتحكم بالتنفس وتغييراتٍ في الرئتين وإعاقة نموهما الطبيعي عند الأطفال (1).

من جهةٍ أخرى، لوحظ وجود ارتباط بين نقص فيتامين A والإصابة بفيروس الحصبة Measles virus الذي يؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفاتٍ شديدة مثل التهاب الدماغ، وقد تبين أن عوز الفيتامين A قد أدى إلى زيادة شدة مرض الحصبة في حين ساعدت مكملات الفيتامين على خفض الالتهاب الرئوي معدل الوفيات، كذلك يرتبط نقص الفيتامين A بزيادة العدوى بأمراض الجهاز التنفسي وزيادة شدة الالتهابات أيضًا (1).

أما فيروس كوكساكي Coxsackieviruses؛ وهو فيروس يصيب الإنسان مسببًا أعراضًا عديدةً تتفاوت شدتها بين الحمى والطفح الجلدي وأعراض نزلات البرد الاعتيادية وصولًا إلى أمراض الجهاز العصبي المركزي مثل التهاب السحايا والدماغ والشلل (4)، فقد تبيَّن أن نقص عناصرَ غذائيةً معينة قد يؤثر في الفيروس نفسه مسببًا حدوث طفراتٍ وراثيةً فيه. وقد لوحظ بحسب الدراسات على فئران التجارب أن فيروس كوكساكي؛ وخصوصًا Coxsackievirus B3 الذي يمكن أن يسبب التهابًا في عضلة القلب وقد يؤدي إلى الوفاة، يتأثر بشدة بنقص عنصر السلينيوم Selenium، إذ يحتمل أن يسبب ذلك تغييرات في مورثات الفيروس تحوِّلُهُ من فيروس غير فوعي Avirulent virus إلى فيروس فوعي Virulent؛ ما يؤدي إلى زيادة شدة المرض وتحويله من مرض ذي أعراضٍ بسيطة ومتوسطة إلى مرض شديد الخطورة قد يؤدي إلى الوفاة (1,2,3).

ومن خلال الأمثلة السابقة، تتضح أهمية الغذاء الصحي وانعكاساته على الحالة الصحية للمريض ووصول تأثيره إلى الفيروس نفسه عن طريق إحداث تغيراتٍ في مورثات الفيروسات وشدة قدرتها الإمراضية وآلية عملها.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا