الهندسة والآليات > الروبوتات

قد لا تحب مصافحة هذا الروبوت؛ لكن لماذا؟

تتميز بعض الثدييات بخاصية التعرق التي تساعد على خفض حرارة الجسم، وتزيد من قدرته على تحمل النشاطات المضنية لفترات أطول، وتجنبه الإنهاك تمامًا، وخير مثال على ذلك لاعبو الماراثون والصيادون القدماء في أثناء مطاردتهم للفرائس. [3]

ألهمت هذه الفكرة الباحثين فاخترعوا يد روبوت معقدة تشبه يد الإنسان القادرة على التعرق.

وقد اسِتخدمت الطِّباعة ثلاثيَّة الأبعاد لطبع أصابع اليد. [1]

فكرة مبسطة عن الطباعة ثلاثيَّة الأبعاد

تُعَرّف بصورةٍ مبسطة أنَّها عملية بناء لشكل ما، بوضع طبقة فوق طبقة من مادة معينة باستخدام آلة حتى نصل للشكل المرغوب فيه. [4] تستخدم الطابعات ملفات تصميم ثلاثيَّة الأبعاد، مثل ملفات الأوتوكاد وغيرها من التطبيقات المشابهة، ثمَّ تستخدم الطابعات هذه المعلومات لبناء الشيء المرغوب فيه طبقة واحدة في كل مرة من الأسفل إلى الأعلى حتى إكمال الشكل. [5]

ما المميز في تلك اليد؟ 

تُصنَع الروبوتات التقليدية من قطع صلبة جامدة تتأثر بالضربات والخدوش والمطبات والسقوط  من أعلى، على عكس هذه الأصابع المعقدة التابعة لنوع محدد من الروبوتات يطلق عليه اسم (الروبوتات المرنة Soft Robot). يستلهم الـ Soft Robot فكرته من كائنات حية متعددة، مثل: الديدان ونجم البحر والأخطبوط؛ إذ تمكنهم قدراتهم على تحمل المشاكل السابقة، ومراوغة العقبات في طريقهم. وغالباً ما تكون هذه الروبوتات أرخص وأخف وزنًا، وأكثر أمانًا للإنسان. [3]

 

تبرز مشكلة هنا؛ هي أنَّ المواد المطاطية المستخدمة في تصنيع الـ Soft Robots عادةً ما تحبس الحرارة بداخلها؛ مسببةً تفاقم المشاكل الناجمة عن الحرارة. [3]

ومن أجل ضمان الأداء المستقر للجهاز؛ يجب إضافة نظام تبريد داخلي مثل المروحة، ولكنها لن تفيدنا في هذه الحالة، فهي ستزيد من وزن الروبوت وستأخذ مساحة كبيرة. [1،2]

قرر الباحثون اللجوء إلى حل بديل، وهو بناء يد روبوت قادرة على التعرق، وفي هذا الصدد يقول روب شيفرد Rob Shepherd (الأستاذ المساعد في هندسة الميكانيك والطيران في جامعة كورنيل Cornell University)، وهو من قاد هذا البحث: إنَّ إدارة الحرارة بهذا الأسلوب (أي التعرق) هو حجر الأساس  للروبوتات كي تعمل بكامل طاقتها لأوقات طويلة، دون التعرض للإنهاك." [1،2]

يقول والين T.J. Wallin (وهو الناشر المساعد في كتابة هذه الورقة البحثية، والباحث في مختبرات Facebook): إنَّ التعرق واحد من الخصائص المميزة التي يتمتع بها البشر،" [1،2] ويُضيف قائلًا: يستغل التعرق المياه المتبخرة التي يفقدها الجسم  ليبدد الحرارة سريعًا، حتى إلى ما دون درجة البيئة المحيطة. قدم لنا علم الأحياء -كما يفعل دائمًا- مثالًا ممتازًا لنطبقه نحن المهندسون." [1،2]

استخدم العلماء الطباعة ثلاثيَّة الأبعاد لطبع أصابع مجوفة من الداخل مثل البالونات؛ تتميز هذه الأصابع بقدرتها على الإلتواء والتمدد لمسك الأشياء وإفلاتها، اعتمادًا على مستوى ضغط الماء في كل إصبع. [3] ركّب الباحثون هذه الأصابع بالدمج بين مادتين هلاميتين، وقد اختيرت هذه المواد تحديدًا بسبب خصائصها الفريدة، فهي تُعيد المياه الموجودة بداخلها على حسب درجات الحرارة المتغيرة، ويُمكن أن نطلق عليهم لقب "الإسفنجات الذكية" حيث تنكمش الطبقة الأرضية عندما تصل درجة الحرارة إلى فوق 30 مئوية، مما يؤدي إلى  ضغط المياه في الأصابع لأعلى وصولًا إلى الطبقة العليا، وإفراز العرق عن طريق مسام دقيقة في هذه الطبقة، ومع انخفاض درجة الحرارة تحت الـ30 تُغلق هذه المسام من تلقاء نفسها. [1،2]

يمكنك الاطلاع على الفيديوهين الآتيين لمزيد من التفاصيل:

الأصابع في وضع الحركة

هنا

تعاون فريق Shepherd ومعمل Emmanuel Gainnelis على إنتاج هذه المواد، يقول Giannelis: " تكمن مساهمتنا في عمل خليط من الجسيمات النانوية والبوليمرية التي تسمح لنا بالتحكم في لزوجة أو تدفق هذه السوائل." [1،2]

فيما يقول Wallin: "أفضل جزء في هذا المشروع هو أن المواد قادرة على التعامل مع الحرارة الزائدة تلقائيًا دون الحاجة للاستعانة بأجهزة استشعار أو أي مكونات أخرى للتحكم بعملية التعرق، فعند الحاجة تُفتَح المسام ببساطةٍ، ثم تُغلق من تلقاء نفسها." [3]

عندما تُعرَّض هذه الأصابع المطاطية المتعرقة إلى هواء المروحة، فإنّها ستُبرّد إلى قرابة الـ 39 درجة مئوية في الدقيقة، وأسرع بست مرات من نظائرها الجافة. [2،3]

وانخفضت حرارة أسطح تلك الأصابع بفضل عملية التعرق بحدود 21 درجة مئوية في 30 ثانية، وهي بذلك أكفأ من عمليات العرق عند البشر بثلاث مرات. [2]

دمج الباحثون الأصابع المتحركة في يد روبوت القادرة على مسك الأشياء ورفعها، ولاحظوا أنَّ  التعرّق لا يخفض حرارة اليد فقط، بل أي شيء في قبضتها أيضًا. [2]

يبرز هنا تحدي آخر، وهو أنَّ التعرق يجعل الأصابع زلقة، وللتغلب عليه يقول Shepherd: إنّه يمكن تعويض ذلك بتعديل نسيج المواد المكونة للأصابع وجعلها مجعدة؛ لتقوية قبضة اليد بصورة مماثلة للتجاعيد في اليد البشرية. [2]

يقابلنا هنا سؤال مهم جدًا

من أين سنأتي بالماء؟ 

يجيب Shepherd: " كي يستطيع الروبوت القيام بعملية التعرق التي اخترعناها، يجب أن يكون يكون قادر على الشرب." [3]

 يمثل هذا المشروع أوَّل خطوة حقيقية لابتكار روبوتات قادرة على العمل بكفاءة أعلى ولفترات أطول؛ بفضل عملية التعرق التي تمنع الإنهاك وحدوث أي خلل بسبب الحرارة الزائدة.

المصادر: 

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا