الغذاء والتغذية > الوزن واللياقة

خسارة العضلات مع التقدم بالعمر.. أسباب ووقاية!

يعاني العديد من الأشخاص خسارة الكتلة العضلية أو ما يسمى بنقص اللحم Sarcopenia وهي حالة تبدأ بصورة تدريجية وتشمل كل العضلات الهيكلية في الجسم، وتكون مرتبطة بالعمر إذ تصيب 10% من البالغين بعد عمر معين. فابتداءً من نهاية فترة منتصف العمر (انطلاقاً من عمر الأربعين)، يفقد البالغين 3% وسطياً من كتلتهم العضلية كل عام. ويؤدي تناقص الكتلة العضلية هذا إلى تناقص في قوة الشخص مما يؤثر في توازنه ومشيته وقدرته على تأدية بالنشاط اليومية مثل صعود الدرج ورفع الأشياء. ولسوء الحظ فإن هذه الحالة تؤدي إلى تناقص العمر المتوقع للحياة لدى المصابين بها بالمقارنة مع الأفراد ذوي القوة العضلية الطبيعية (6).

يعود نقص الكتلة العضلية إلى نقص كُلٍ من عدد وحجم الألياف العضلية مما يؤدي إلى انكماش أو ضمور العضلات. وقد تبيّن أن ذلك يحدث بسبب اختلال التوازن بين عمليتي البناء العضلي التي تدعى Anabolism والهدم التي تدعى Catabolism. وتؤثر هرموناتٌ معينةٌ في الحالة الطبيعية في مجموعة من الأنزيمات للحفاظ على كتلة العضلات ثابتة على الرغم من النمو والهدم والإجهاد والإصابات التي يليها حدوث الاستشفاء Recovery. ومع تقدم المرء بالعمر، تحدث تغيرات معينة في الجسم، تسهم هذه التغيرات بدورها في تطور نقص اللحم. فمثلاً مع التقدم بالعمر تتناقص قدرة الجسم على إنتاج البروتينات التي تحتاجها العضلات لتنمو مما يؤدي إلى نقص حجم الخلية العضلية. والتغيرات الهرمونية المرتبطة بالتقدم بالعمر (وخاصة مستويات هرمون التستوستيرون Testosterone وعامل النمو الشبيه بالأنسولين insulin-like growth factor (IGF-1)) قد تسهم بدورها في تناقص الكتلة العضلية (5،6). 

وعلى الرغم من أن تقدم العمر هو المسبب الرئيس للفقدان العضلي إلا أنه يوجد أربعة عوامل يمكن أن تحرض اختلال التوازن بين البناء والهدم العضليين وتسرّع حدوثه، هذه العوامل هي:

1- قلة الحركة ونمط الحياة الحامل: إذ تؤدي قلة استعمال العضلات إلى حدوث الفقد العضلي بصورةٍ أسرع وهذا ما يخشى منه في حالة الراحة المطوّلة في السرير عقب مرض أو إصابة مما يؤدي إلى دخول المريض في حلقة مفرغة من نقص القوة العضلية التي تؤدي إلى التعب الذي يتطلب مزيداً من الراحة التي تؤدي بدورها إلى ضياع إضافي للكتلة العضلية ومن ثم مزيداً من التعب وهكذا فيصبح من الصعب عودة المريض إلى الحالة الطبيعية (5).

2- الحمية غير المتوازنة: تؤدي الحمية الغذائية التي لا تؤمن ما يكفي من السعرات الحرارية والبروتين (التي يشيع الاعتماد عليها مع تقدم العمر بسبب تغيرات في حاسة الذوق ومشكلات الأسنان واللثة وعملية البلع أو حتى صعوبة الطبخ والتسوق) إلى نقص الوزن وتضاءل الكتلة العضلية (5). وتناول كمياتٍ كبيرة من الأطعمة المولدة للحموضة مثل الحبوب والأغذية المعالجَة وكميات قليلة من الخضار والفواكه ينعكس سلباً على الكتلة العضلية (6).

3- الالتهاب: عقب الأذية أو الإصابة، يرسل الالتهاب إشارات إلى الجسم من أجل هدم الخلايا المتأذية ومن ثم إعادة بناءها من جديد. ويؤدي إزمان الالتهاب (ويحدث في حالات مثل التهاب المفاصل الرثياني rheumatoid arthritis أو أمراض الأمعاء الالتهابية inflammatory bowel diseases) إلى حدوث الهدم بمعدل أكبر بكثير من البناء ومن ثم نقص الكتلة العضلية (5).

4- الإجهاد الشديد: يشيع حدوث فقدان الكتلة العضلية في الحالات المرضيّة التي يزداد فيها الإجهاد الذي يتعرض له الجسم كما يحدث في أمراض الكلية والكبد والسرطان وعلاجاته التي تسبب إجهاداً كبيراً للجسم. وتبين أيضاً أن قرابة 20% من المصابين بقصور قلبي مزمن يعانون من فقدان الكتلة العضلية (5).

 

وكما ذكرنا سابقأ فإن ضياع الكتلة العضلية يترافق مع مجموعة من الأعراض تتمثل بالوهن نقص القدرة على التحمل واختلال المشية (مما يزيد خطر السقوط) وصعوبات في صعود الدرج إضافة إلى نقص حجم العضلات، تقلل معاناة الشخص من الأعراض السابقة من اعتماده على نفسه وتؤدي إلى تناقص نشاطه مما يفاقم ضياع الكتلة العضلية لديه ويؤثر في جودة حياته. أما بالنسبة لتشخيص هذه الحالة فإن المختص يعتمد على الأعراض التي يعاني منها المرء وقد يطلب اختبارات سرعة المشي أو اختبار امتصاص الأشعة السينية  (DXA) من أجل تأكيد التشخيص (6).

فيما يتعلق بالعلاج فلم توافق منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) حتى الآن على أي دواء لمعالجة هذه الحالة. وهناك العديد من الأبحاث الجارية حالياً فيما يتعلق بتأثير استخدام التستوستيرون والهرمونات البنائية للمساعدة في الحفاظ على الكتلة العضلية مع التقدم بالعمر. 

في الوقت الراهن يقتصر علاج هذه الحالة على:

تعديل نمط الحياة بما في ذلك زيادة التمارين الرياضية مع تمرين كل المجموعات العضلية الرئيسية (صدر، أكتاف، ظهر، بطن، ساقين، ساعدين)، مع ضرورة تأدية ذلك مرتين في الأسبوع على الأقل والتركيز في أثناء ذلك على تمارين المقاومة (مثل رفع الوزن أو سحب أشرطة المقاومة أو تحريك أجزاء الجسم عكس الجاذبية الأرضية) بصورة خاصة كونها تسبب انقباض العضلات ومن ثم تزيد حجمها وقوتها، إضافة إلى أن المشي يعد مفيداً أيضاً (6).

إضافة للرياضة فإن للتغذية الجيدة دور بالغ الأهمية إذ يجب اتباع حمية تضمن الحصول على 1-1.2 غرام من البروتين لكل كيلو غرام من وزن الجسم يومياً وينصح بالحصول على عليها من لحوم الدواجن منزوعة الجلود والأسماك مثل السلمون والترويت والبقول من عدس وفاصولياء وغيرها. وينصح عند اختيار الأطعمة الغنية بالبروتين بالانتباه إلى اللصاقة الغذائية المرافقة والتأكد من عدم احتوائها على كميات كبيرة من الصوديوم والدهون والكوليسترول (6).

ويمكن اللجوء إلى المكملات الغذائية في بعض الأحيان مستحضرات الكرياتينين  creatine supplements التي قد تزيد الكتلة والقوة العضليتين لدى البالغين بأي عمر (6) خاصة إن ترافقت مع التمارين الرياضية (5). وبصورة مشابهة، يساعد الحصول على مستويات كافية من الفيتامين د سواء عن طريق الغذاء أم المكملات الغذائية في الحفاظ على العضلات وإنقاص خطر السقوط لدى المسنين (6). وتبين أن تناول الأحماض الدهنية أوميغا 3 سواء عن طريق الأطعمة البحرية أم المكملات الغذائية يسهم في زيادة النمو العضلي بغض النظر عن العمر (5).

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا

6-هنا

7-هنا