علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

اضطراب الشخصية القسرية (الوسواسية) OCPD

تتأثر شخصية الفرد بالتجارب والبيئة التي نشأ فيها، مع مواقف الحياة التي اختبرها، إضافة إلى الخصائص الموروثة جينيّاً، فضلاً عن أنها تتصف بالثبات مع مرور الزمن.

اضطراب الشخصية هي طريقة التفكير والشعور والسلوك التي تنحرف عن توقعات الثقافة المحيطة، وتسبب الضيقَ ومشكلاتٍ في الأداء، والتعامل مع مواقف الحياة. (1)

اضطراب الشخصية القسرية (Anankastic personality disorder) أو كما يُعرف باضطراب الشخصيّة الوسواسية (Obsessive-Compulsive Personality Disorder)؛ هي حالةٌ مزمنة يُظهر فيها الشخص تركيزاً مُفرطاً على التفاصيل والنظام والقواعد، إضافة إلى الحاجة الدائمة إلى تحقيق نتيجةٍ مثاليّة وكاملة، مما يُؤثر في أدائه للمهام التي تتطلب المرونة، وتتصف هذه الشخصية بالعناد وشدة انتقاد الذات. (2)

وبسبب تَطلّبهم وحرصِهم على اتّباع قواعد معيّنة والتزامهم بمعايير عالية، يُصبح التعاون مع الآخرين في العمل والتفاعل معهم في الأنشطة الاجتماعية صعباً ومتعِباً للمحيطين. وغالباً ما ينظر هؤلاء الأشخاص إلى الهوايات والأنشطة الترفيهيّة على أنها غير مفيدةٍ وغير مجدية.

يُعد اضطراب الشخصية القسريّة أحد أكثر اضطرابات الشخصيّة شيوعاً، تتراوح نسبة شيوعه بين 2.1% إلى 7.9%، ويَظهر عند الذكور بنسبٍ أعلى. (3)

الأسباب:

تبيّن الدراسات بأنَّ للوراثة (genetics) دوراً مهماً، وهناك بعض النظريات التي ربطت بين المعاملة الوالدية وظهور الاضطراب، فمن الممكن أن يكون نمطُ السيطرة والتحكّم الزائد من قبل الوالدين مع وجود استعدادٍ للطفل من الناحية النفسية (أي أن تكون لديه حساسيّة للنقد أو خوف شديد من العقاب) مؤهِباً لظهور الاضطراب، بوصفه آليّةً دفاعية للتكيف وتجنب العقاب. (3)

الأعراض:

تتضمن أربعةً أو أكثر من المعايير الآتية بحسب (DSM-5*): 

1- الانشغال بالترتيب والتنظيم والغرق بالتفاصيل الجانبية -الأقل أهميّة- مما يبعده عن الهدف الأساسي.

2- الرغبة في الوصول إلى الكمال، مما يؤثر على إتمام المهام.

3- التفاني والتضحية في العمل إلى حدٍ مفرطٍ دون أن يكون هناك حاجةً ماديّة أو مردوداً مكافئاً للجهد الذي يبذله.

4- قوّة الوازع الداخليّ والضمير لديه، وعدم المرونة في ما يتعلق بالأخلاق أو القيم (ولا يُفسر ذلك بثقافة الشخص أو دينه).

5- عدم القدرة على التخلص من الأشياء البالية أو عديمة القيمة، حتى وإن كانت تفتقر إلى القيمة المعنوية.

6- عدم تقبّل تفويض المهام إلى الآخرين أو العمل معهم، ما لم تُنجز على طريقته.

7- الإحجام عن إنفاق المال على نفسه أو على الآخرين، لاعتقاده بأنه يجب ادخار المال لحالات الطوارئ.

8- الصلابة والعناد. (4)

التشخيص والعلاج:

يتطلب التشخيص والعلاج متخصصاً خبيراً في الصحة النفسيّة، والذي يُجري اختباراتٍ ودراسةٍ للحالة والأعراض.

ولا تُشخَّص اضطرابات الشخصيّة عموماً قبل عمر 18 عام؛ نظراً لأن الشخصية لا تزال في مرحلة النمو والتطور. (1)

في العلاج، هناك أدلةٌ على نجاح استخدام العلاج المعرفيّ (CT) والعلاج السلوكيّ المعرفيّ (CBT)، يعمل فيه المعالجُ الخبير على تعديل الأفكار والسلوكيات غير المفيدة واستبدالها بأخرى إيجابية ومفيدة. 

يمكن أن تساهم أدوية مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI) في التخفيف من أعراض التوتر والضيق المرافقة للاضطراب، ومن ثمَّ تساعد الشخص على الشعور بالراحة. (1)

الفرق بين اضطراب الشخصية القسرية واضطراب الوسواس القهري:

قد تبدو الأسماء متشابهة ولكنهما اضطرابان مختلفان تماماً، وغالباً ما يُخلَط بين اضطراب الشخصية القسرية أو الوسواسية (OCPD) وبين اضطراب الوسواس القهري (OCD).

ففي اضطراب الشخصية القسرية لا يكون هناك شعورٌ بالحاجة إلى تأدية طقوسٍ وسلوكياتٍ متكررة (مثل الإفراط في غسل اليدين)، في حين أن الأفعال والطقوس المتكررة تُعد من الأعراض الشائعة في الوسواس القهري.

وتشمل أعراض اضطراب الشخصية القسرية كلَّ مجالات الحياة، بما فيها العلاقات الشخصية إذ تكون صعبةً (مع الأصدقاء والشريك والأبناء)، كذلك فإن السلوكيات والمعتقدات والأفكار إمّا أن تكون صحيحة تماماً برأيهم وإما خاطئة تماماً، ولا مكان لديهم للحلول المتوسطة أو الرمادية، وكل ذلك ليس من معايير الوسواس القهري. (5)

* الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية لرابطة العلاج النفسي الأمريكية. 

المصادر:

1-هنا

2- هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا