الطب > مقالات طبية

سرطان الحنجرة

سرطان الحنجرة (Laryngeal cancer) يُشكّل ثلث سرطانات الرأس والعنق وربما يُشكّل سبباً مهماً للمراضة والوفيات.

غالباً ما يُشخّص سرطان الحنجرة لدى المرضى الذين لديهم تاريخ مهم من التّدخين، ويكون هذا السرطان قابلاً للشفاء غالباً عند الكشف في المراحل المبكّرة إما عن طريق العلاج الجراحي وإما الشّعاعي، وغالباً ما يُحافَظ على الحبل الصّوتي، في حين أن المرحلة المتأخرة لهذا السرطان تكون ذات نتائج أسوأ، وتستدعي العلاج المتعدّد، وغالباً ما تكون أقلّ حفاظاً على الحبل الصّوتي وكذلك القدرة على التّصويت.

في كلّ عام يُشخّص ما يقارب (13000) حالة سرطان حنجرة في الولايات المتحدّة الأمريكيّة.

إذ يبلغ متوسّط ​​عُمر مرضى سرطان الحنجرة (65) عاماً، بنسبةٍ أعلى لدى الذكور مقارنةً بالإناث، ولدى العِرق الأسود مقارنةً بالعِرق الأبيض. وقد انخفضت معدلات الإصابة في السنوات الأخيرة بقرابة (2 ٪) سنوياً، ويُعزى ذلك إلى انخفاض معدلات تدخين التبغ.

ويصيب سرطان الحنجرة ثلاث مناطقَ مختلفة؛ وهي: (المزمار، والمنطقة فوق المزمار، والمنطقة تحت المزمار).

منظر أمامي للحنجرة 

تتطوّر تقريباً جميع السرطانات في الحنجرة من خلايا رقيقة مسطحة تُسمّى الخلايا الحرشفية التي تكون موجودةً في ظهارة الحنجرة (الطبقة التي تُبطّن الحنجرة)، لذا تُسمّى السرطانات التي تنشأ في هذه الظهارة (بالكارسينوما الحرشفية الخلايا - squamous cell carcinoma) أو (سرطان الخلايا الحرشفية - squamous cell cancer). 

وتبدأ معظم سرطانات الخلايا الحرشفيّة في الحنجرة على شكل آفةٍ قبل سرطانيّة تُسمّى (عسر التّصنّع - dysplasia). وفي معظم الأحيان لا يتحوّل عسر التّصنّع إلى سرطان، وغالباً ما يختفي دون أي علاج، خاصةً إذا توقّف السّبب الكامن (مثل التّدخين).

في بعض الأحيان قد يتطوّر عسر التّصنّع إلى سرطانة موضعة (carcinoma in situ)، وهي أوّل مرحلة في السرطان، وتوجد هذه السرطانة فقط في الظهارة المُبطّنة للحنجرة، ولا تغزو طبقاتٍ أعمق ولا تنتشر إلى أعضاء أخرى في الجسم، ومعظم هذه السرطانات تكون قابلةً للشفاء، ولكن في حال عدم العلاج ستتطوّر إلى سرطان خلايا حرشفيّة غازٍ، يستطيع غزو النّسج القريبة والانتشار إلى أعضاء أخرى من الجسم.

وهناك العديد من عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة بسرطان الحنجرة، ويكون أكثر انتشاراً لدى المدخنين الشرهين.

إنّ أكثر أشكال سرطان الحنجرة شيوعاً هو سرطان المزمار (أو ما يُسمّى بسرطان الحبل الصّوتي)، أما باقي أشكال سرطان الحنجرة فهي أقلّ شيوعاً.

وهناك القليل من الأعراض التي يمكن أن تُوجِّه إلى سرطان الحنجرة، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأعراض يمكن أن تكون أيضاً أعراضاً للكثير من الأمراض الأخرى، ولكن من الأفضل مراجعة الطبيب في حال استمرار الأعراض الآتية فترة أكثر من (3) أسابيع؛ وهي:

بحّةٌ في الصّوت، وصعوبةٌ في التّنفس والبلع، وألمٌ في الحلق.

إضافةً إلى وجود سعالٍ مستمرٍ وألمٍ في الأذن مع فقدانٍ في الوزن، وكتلٍ في الرّقبة (بسبب انتشار السرطان إلى العقد اللّمفاوية القريبة).

هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تزيد من فرص الإصابة بسرطان الحنجرة؛ وهي:

١- الكحول والتبغ:

يُعدّ الكحول والتبغ السببين الرئيسيين اللذَين يمكن أن يزيدا من خطر الإصابة بسرطان الحنجرة، وإنّ اجتماع العاملَين معاً يزيد أكثر من خطر تطوّر سرطان الحنجرة مما لو كان أحدهما فقط موجوداً.

فالأشخاص الذين يدخّنون أكثر من (25) سيجارة في اليوم، أو الذين يدخّنون منذ أكثر من (40) عاماً، لديهم احتمال أكبر للإصابة بسرطان الحنجرة بنحو (40) مرّة مقارنة بالأشخاص الذين لا يدخّنون.

وبالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يشربون، فإنّ الأشخاص الذين يشربون كميّاتٍ كبيرةً من الكحول بانتظام هم أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الحنجرة بمقدار (3) مرات.

٢- تاريخ العائلة:

يُعتقد أن الأشخاص الذين لديهم قريب من الدرجة الأولى شُخّصت إصابته بسرطانٍ في الرأس أو الرقبة، يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الحنجرة بمقدار الضعف مقارنةً باحتمال إصابة شخصٍ ليس لديه تاريخ عائلي.

٣- الحمية الغذائية:

هناك أدلة تشير إلى أن اتباع نظامٍ غذائيٍّ غنيٍّ باللّحوم الحمراء والأطعمة المقليّة قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الحنجرة.

٤- فيروس الورم الحليمي البشري (HPV): 

يُعتقد أن هذا الفيروس قد يكون له تأثير في خلايا الحنجرة؛ مما يؤدّي إلى حدوث السرطان فيها.

٥- التعرّض لبعض المواد الضارّة؛ وتشمل: 

"الإسبستوس (الحرير الصخرى)، والفحم أو غبار الخشب، والنيكل، وأبخرة الطلاء أو الديزل، وأبخرة حمض الكبريت، إلخ…"(2)

التّشخيص:

إذا كانت لدى المريض أعراضٌ تشير إلى احتمال إصابته بسرطان الحنجرة، نُجري بعض الاختبارات للتأكّد، وهي: 

١- تنظير الحنجرة، الذي يمكن إجراؤه بطريقتين:

تنظير الحنجرة المباشر (المرن)، وتنظير الحنجرة غير المباشر.

٢- التنظير البانورامي: وهو إجراء يجمع بين تنظير الحنجرة والمريء والقصبات (في بعض الأحيان).

٣- الخزعات: إذ يأخذ الطبيب عيّنةً من الأنسجة لتُفحَص تحت المجهر، وهي الطريقة الوحيدة للتأكّد من تشخيص سرطان الحنجرة. 

٤- التصوير بالأشعة: 

التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزتروني (PET)، والتصوير المقطعي المحوسب (CT)، وتصوير الأشعة مع الباريوم، والأشعة السّينية للصدر. 

لا تُستخدم اختبارات التّصوير لتشخيص سرطان الحنجرة، ولكنها تُجرى لأسباب عدّة بعد تشخيص السرطان؛ مثل: معرفة مدى انتشار السرطان، والمساعدة في تحديد فعاليّة العلاج، والبحث عن علاماتٍ تشير إلى أنّ السّرطان قد نكس بعد العلاج. (5 )

العلاج:

تتوفّر أنواعٌ مختلفةٌ من العلاج لمرضى سرطان الحنجرة؛ إذ تُستخدم أربعة أنواعٍ من العلاج، وهي:

1- العلاج الشّعاعي: هو علاجٌ للسرطان يستخدم الأشعة السّينية العالية الطّاقة أو أنواع أخرى من الإشعاع لقتل الخلايا السرطانيّة أو منعها من النمو. 

قد يعمل العلاج الشّعاعي على نحوٍ أفضل في المرضى الذين توقفوا عن التّدخين قبل بدء العلاج.

العلاج الشعاعي (3)

2- العلاج الجراحي:

هو علاجٌ شائعٌ لجميع مراحل سرطان الحنجرة، ويمكن استخدام الإجراءات الجراحية الآتية:

قطع الحبل الصّوتي (استئصاله): وهي جراحةٌ لإزالة الحبال الصّوتيّة فقط.

استئصال الحنجرة فوق المزمار.

استئصال الحنجرة النّصفي: فيُزال نصف الحنجرة، وهذه الجراحة تُحافظ على الصّوت.

استئصال الحنجرة الجزئيّ: هي عمليّةٌ جراحيّةٌ يُزال فيها جزءٌ من الحنجرة، ويساعد استئصال الحنجرة الجزئيّ على الحفاظ على قدرة المريض على التّحدّث.

استئصال الحنجرة الكامل: تُزال الحنجرة بأكملها.

جراحة الليزر: هي إجراءٌ جراحيٌّ يستخدم شعاع الليزر لإجراء جروح غير نازفة في الأنسجة أو لإزالة آفة سطحيّة مثل الورم في الحنجرة.

3- العلاج الكيميائي: 

هو علاجٌ للسرطان يستخدم الأدوية لوقف نمو الخلايا السرطانية، إما عن طريق قتلها وإما بمنع الخلايا من الانقسام. 

4- العلاج المناعي:

هو العلاج الذي يستخدم الجهاز المناعي لدى المريض لمكافحة السرطان؛ إذ تُستخدم المواد التي يصنعها الجسم أو المصنوعة في المختبر لتعزيز أو توجيه أو استعادة الدفاعات الطبيعيّة للجسم ضدّ السرطان.

أنواعٌ جديدةٌ من العلاج:

العلاج الموجّه: هو نوعٌ من العلاج يستخدم الأدوية أو غيرها من المواد لمهاجمة خلايا سرطان معيّنة، والعلاجات الموجّهة عادةً ما تسبب ضرراً أقلّ للخلايا الطبيعيّة مقارنةً بالعلاج الكيميائيّ أو العلاج الشّعاعيّ.

الأجسام المضادة الوحيدة النسيلة: 

يَستخدم هذا العلاج الأجسامَ المضادّة المصنوعة في المختبر؛ إذ ترتبط الأجسام المضادّة     بالمستضدّات على سطح الخلايا السّرطانية، وتقتل الخلايا السّرطانية أو تمنع نموّها أو تمنعها من الانتشار.

المُحسِّسات للإشعاع (Radiosensitizers): 

هي عقاقير تجعل خلايا الورم أكثر حساسيّة للعلاج الإشعاعيّ، وقد يؤدّي الجمع بين العلاج الإشعاعي وبينها إلى قتل المزيد من الخلايا السّرطانية. (3)

يُعتقد أنه يمكن الوقاية من معظم أنواع سرطانات الحنجرة وتقليل فرص الإصابة به من خلال:

اتباع أسلوب حياةٍ صحي، وتجنّب منتجات التبغ، وخفض كميّة الكحول المتناولة، واتّباع نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ يحوي الكثير من الفواكه والخضراوات الطازجة. (2)

*حاشية: فيروس الورم الحليمي البشري (HPV): هو الاسم الذي يُطلق على مجموعةٍ من الفيروسات التي تصيب الجلد والأغشية المخاطيّة التي تبطّن الجسم، مثل تلك الموجودة في عنق الرّحم والشّرج والفم والحلق.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا