الهندسة والآليات > الروبوتات

إكزينوبوت؛ الكائن الصنعي الحيّ

تقتصر الاختراعات التكنولوجية على كونها مصنوعة من الحديد أو الخرسانة أو مواد كيمائية أو بلاستيكية وما إلى ذلك؛ نظرًا إلى سهولة تصميمها من المواد السابقة. ولكن هذه المواد تتحلل مع مرور الزمن وتؤثر سلبًا في الصحة العامة والبيئة. ومن الأفضل لو تمكنّا من صنع تقنيات مبنية من مواد حية قادرة على إحياء نفسها ذاتيًا. 

وفي خطوةٍ ناجحة في طريق تحقيق ذلك؛ تمكَّن فريق العلماء في جامعة فيرمونت الأمريكية UVM من تعديل خلايا حية مأخوذة من أجنة ضفادع وتجميعها لتشكل صنفًا جديدًا من الكائنات الحية؛ إذ إنها ليست نوعًا تقليديًا من الروبوتات وليست نوعًا معروفًا من الحيوانات، بل إنها " كائنٌ جديدٌ من صنع الإنسان؛ كائن عضوي حي وقابل للبرمجة" حسب ما قاله جوشوا بونغارد Joshua Bongard، وهو عالم في علوم الحاسوب وخبير روبوتات في جامعة فيرمونت.

مرحلة التصميم الافتراضي

صُممت هذه الكائنات الجديدة على حاسوبٍ فائق supercomputer ضمن جامعة فيرمونت، وذلك وفق نظام المعالجة الخطي Linear Pipeline لإدخال الوصف البيولوجي للكائن المصمم وتحديد السلوك المرغوب به. وقد استغرقت عملية المعالجة عدة أشهر؛ إذ استخدم الفريق خوارزميات تطوريّة لإنتاج العديد من التصاميم العشوائية لهذا النمط الجديد من الكائنات، وكل تصميم مرشح تُجرى له عملية محاكاة لسلوك الكائن المُراد تصميمه بالاعتماد على المبادئ الأساسية للفيزياء الحيوية وتقييم درجة أدائه؛ إذ كانت النماذج الأكثر نجاحًا تُحفظ وتحسن بالتعديل عليها باستمرار، أما النماذج الفاشلة تُهمل ويُتَخَلَّص منها، وكررت العملية السابقة إلى أن توصلوا أخيرًا إلى النماذج الواعدة للانتقال إلى مرحلة الاختبار.

مرحلة صنع تصميم الكائن الحي

بعد انتهاء عملية التصميم واعتماد النماذج الناجحة؛ نجح فريق الباحثون في جامعة تافتس الأمريكية Tufts في تحويل هذه التصاميم السيليكونية إلى كائنات حية. وذلك بتجميع عدة خلايا جذعية أُخِذت من أجنة ضفادع أفريقية تدعى Xenopus laevis، إذ عُزِلت هذه الخلايا عن بعضها إلى انتهاء فترة الحضانة. وبعد ذلك؛ باستخدام ملاقط وإلكترودات صغيرة جدًا فُصلت هذه الخلايا ووُصلت ببعضها البعض مجهريًا إلى أشكال قريبة من التصاميم التي أنتجها الحاسب. وبعد انتهاء عملية تجميع الخلايا ضمن أشكال غريبة، بدأت الخلايا تعمل معًا! 

إن عملية المحاكاة للكائن لم تكن من حيث البنية فقط وإنما في السلوك أيضًا؛ إذ الخلية القلبية التي كانت في السابق تتقلص عشوائيًّا، شكلت كتلة عضلية قادرة على خلق حركة أمامية موجهة بحسب تصميم  الحاسب وبمساعدة أنماط تنظيم ذاتية لاإرادية - الأمر الذي سمح لهذا الروبوت الحي بالتحرك بمفرده. 

أظهرت نتائج الاختبارات اللاحقة أن مجموعة من الإكزينوبوت كانت تتحرك ضمن دوائر، جماعيًّا ولا إراديًّا مؤدية إلى دفع الكريات إلى موقع مركزي. وبُنيت بعضها بثقب في المركز لتقليل قوى الجر. في بعض نسخ المحاكاة لهذه الخلايا، تمكن العلماء من تغيير الهدف من هذا الثقب وتحويله إلى كيس جرابي الشكل يمكّن الإكزينوبوت من حمل الأغراض بنحو ناجح؛ إذ يمكن استخدامها لنقل بعض المواد الدوائية التي تتطلب أن تُنقل إلى أماكن محددة من جسم الإنسان، أو البحث عن النفايات السامة والمشعّة، أو جمع النفايات البلاستيكية الدقيقة من البحار، أو للتنقل ضمن الأوعية الدموية وإزالة الخثرات والترسبات.

ويجدر الإشارة إلى امتلاك هذه الكائنات -التي يبلغ عرضها ميليمترًا واحدًا- القدرة على معالجة نفسها حتى ولو قطعت إلى نصفين تقريبًا.

يساعد هذا الاكتشاف على فهم العديد من العمليات الحيوية المعقدة والنظم الحيوية، وهو خطوة أولية نحو فهم أعمق للخصائص الحيوية المعقدة وكيفية ظهورها. ويقول قائد الفريق العلمي في جامعة توفتس: "عندما تنظر إلى الخلايا التي استُخدمت لبناء الإكزينوبوت، جينيًا إنها ضفادع. إنها 100% DNA ضفدع لكنها ليست ضفادع. عندها تسأل نفسك، ماذا تستطيع هذه الخلايا بناءه أيضًا؟".

المصادر:

هنا

الدراسات المرجعية:

هنا