التعليم واللغات > اللغويات

مُتحدثو شِفرة (نافاهو) ودورهم في الحرب العالمية الثانية

يعود أول توظيف رسمي معروف لمُتحدثي الشفرات إلى تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1918 عندما استُخدم ثمانية رجال من قبيلة (تشوكتو) لتشكيل فرقة اتصالات هاتفية في أثناء هجوم "غابة أرجون" Meuse-Argonne؛ إذ لم يكن الألمان قادرين على فهم لغة (تشوكتو) التي كانت فريدة من نوعها في قارة أمريكا الشمالية ويُتقنها عدد قليل من المتحدثين. وعلى الرغم من أن متحدثي الشفرات كانوا فعالين للغاية، لم يكن هناك سوى وقت قصير في الحرب لاستغلال هذا الإجراء المرتجل على نطاق أوسع.

وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، اقترح (فيليب جونستون) -الذي كان نجلًا لأحد المبشِّرين المرسلين إلى قوم (نافاهو) وترعرع في إحدى محمياتهم- على مشاة البحرية الأمريكية أن يستغلوا لغة (نافاهو) في الاتصالات الهاتفية والإذاعية التكتيكية. ولكنْ مثل جميع اللغات الأمريكية الأصلية تقريبًا، لم يكن للغة (نافاهو) أبجدية وبذلك لا توجد مواد مطبوعة يمكن أن تُفيدَ العدو؛ بالإضافة إلى أن خصائصها اللغوية والصوتية الفريدة جعلتها عصيَّةً على العدو في محاولاته لتفسير المعلومات التي يجري بثُّها. ولم تتضمن لغة (نافاهو) عديدًا من المصطلحات العسكرية، ولذا ابتُكرت كلمات مشفرة أضيفت إليها مثل besh-lo ("الأسماك الحديدية") وتعني "غواصة"؛ وdah-he-tih-hi ("الطائر الطنان") وتعني "طائرة مقاتلة"؛ وdebeh-li-zine ("الشارع الأسود") ومعناها "كتيبة"، وفي نهاية المطاف ازدادت الكلمات لتُصبح قائمة تضم أكثر من 400 كلمة كان لا بد من حفظها بدقة.

وقد اختارت قيادة مشاة البحرية الأمريكية 29 رجلًا من رجال (نافاهو) -أُطلق عليهم اسم "متحدثو شفرة (نافاهو)"- أَنشؤوا شِفرة تستند إلى لغة (نافاهو) المركبة وغير المكتوبة. وقد استخدمت الشِّفرة في المقام الأول ارتباط الكلمات عن طريق تخصيص كلمة من لغة (نافاهو) للعبارات الرئيسة والتكتيكات العسكرية، وقد مكَّن هذا النظام مُتحدثي الشفرات من ترجمة ثلاثة أسطر إلى اللغة الإنكليزية في غضون 20 ثانية، وليس 30 دقيقة كما كان شائعًا باستخدام أجهزة فك الشفرات المُتاحة آنذاك. وشارك متحدثو الشفرات في كل عملية بحرية كبيرة في منطقة المحيط الهادئ مما أعطى جنود البحرية الأمريكية أفضلية حاسمة طوال الحرب، فعلى سبيل المثال في خلال معركة (أيو جيما) Iwo Jima -التي استمرت مدة شهر تقريبًا- نجح ستة مشاة من متحدثي الشفرات في نقل أكثر من 800 رسالة دون أخطاء، ولاحظت القيادة البحرية الأمريكية بعد المعركة أن متحدثي الشفرات أدَّوا دورًا حاسمًا في تحقيق النصر في هذه المعركة، وفي نهاية الحرب، ظلت "شفرة نافاهو" غير قابلة للفك.

المصدر: 

هنا

هنا