العمارة والتشييد > التشييد

الزلازل؛عندما تغضب الأرض كيف تُقدَّر قوة الزلازل ومدى تأثيرها؟

تحدثنا في مقالٍ سابقٍ عن الزلازل ونشأتها، وعن الصَّدع الزلزالي الموجود غرب سورية؛ ولكن للوقاية من خطر هذه الظاهرة الطَّبيعيَّة ينبغي لنا أن نفهمها بعمقٍ أكثر، لنتمكن من قياسها وتوقع شدتها في بقاع الأرض المختلفة.

بدايةً يجب أن نعرِّف بعض المصطلحات المهمة:

مصطلحات:

مركز الزلزال (Focus – Hypocenter): هي النقطة على الصَّدع التي يبدأ عندها الانزلاق محدثًا الزلزال.  

بؤرة الزلزال (EpiCenter) : هي النقطة على سطح الأرض، والتي تقع مباشرةً فوق مركز الزلزال.

عمق مركز الزلزال (Focal Depth): المسافة بين مركز الزلزال وبؤرته، والتي تُعدُّ من العوامل المهمة في تحديد الضرر المُحتمل حُدوثَه إثر الزلزال، إذ أنَّ معظم الزلازل المُدمرة يكون عمق مركز الزلزال الخاص بها قليلاً (أقل من 70 كم).  

المسافة المركزيَّة أو البؤريَّة (Epicentral Distance): يُطلق على المسافة من بؤرة الزلزال إلى أيّة نقطة مهمة على سطح الأرض. 

الهزة الرئيسة (The Main Shock):  أكبر هزة من سلسلة الهزّات الأرضيَّة في الزلزال الواحد، وقد تسبقها هزة أو أكثر تسمى بالهزة النَذيرة (السابقة) (ForeShock)، وتتبع دائمًا بالعديد من الهزات الارتدادية (التابعة) (AfterShock). 

الهزة النَذيرة (ForeShock): هزةٌ زلزاليّةٌ صغيرةٌ نسبياً، تسبق أكبر الهزات (الهزة الرئيسة). 

وليس من الضروري أن تسبق كل الهزات الرئيسة هزات سابقة.

الهزة الارتدادية (AfterShock): الهزة الأرضيَّة التي تأتي بعد أكبر الهزات (الهزة الرئيسة)؛ إذ تكون شدتها أقل من شدة الهزة الرئيسة، وقد تستمر هذه الهزات على مدار أسابيع أو شهور أو حتى سنوات، وعمومًا كلما كانت الهزة الرئيسة أقوى زاد عدد الهزات الارتدادية وطال أمدها.

الشكل(1) يوضح بؤرة ومركز الزلزال والمسافة المركزية [1P5]

قوة (حجم) الزلزال (Magnitude):

قدَّم Charles Richter في العام 1935 ولأوّل مرة فكرة قوة (حجم) الزلزال، التي تُعدُّ قياسًا كميًّا للحَجم الفعلي للزلزال يُعطى من خلال التَّسجيلات الزلزاليَّة، عندما لاحظ أنَّ المنحني اللوغاريتمي للعديد من التَّسجيلات الخاصة بمجموعةٍ من الزلازل كانت متوازية تقريبًا مع بعضها بعضًا.

كما لاحظ أنّه:

على المسافة نفسها، يكون للزلازل الأكبر سعة موجية أكبر من الزلازل الصغيرة.

بالنسبة لزلزال محدد، يكون لموجات الزلزال على مسافة أبعد سعة موجات صغيرة نسبة للمسافات الأقرب. 

قادته هذه الملاحظات إلى اقتراح مقياس قوة الزلازل الأكثر شيوعًا مقياس ريختر ( Richter Scale)

صورة Charles Richter 

تشير الزيادة في مؤشر قوة الزلزال (M) بمقدار (1) إلى أنَّ السعة الموجية لهذا الزلزال أكبر بـ 10 مرات، وأنَّ الطَّاقة أعلى بقرابة 31 مرةً، على سبيل المثال تبلغ الطَّاقة المُنبعثة من زلزال بحجم M 7.7 قرابة 31 مرةً من الطاقة المنبعثة من زلزال بحجم M 6.7 

وتكون أكبر بـ حوالي 1000 مرة (31*31) من الطاقة المنبعثة من زلزال بحجم M 5.7، وتذهب معظم هذه الطاقة في تصادم الصخور وتهشمها، وأمَّا الجزء الصغير المتبقي فيذهب على شكل موجات زلزاليَّة تنتقل عبر سطح الأرض مسببةً اهتزازات أرضيَّة قد تدمر المباني. 

إنَّ الطاقة المنبعثة من زلزال بحجم M 6.3 تعادل الطاقة المنبعثة من القنبلة الذرية التي أُلقيت على هيروشيما في العام 1945.

الجدول الظاهر يوضح تصنيف الزلازل ضمن مجموعات بناءً على قوتها، ويظهر متوسط عدد الزلازل حول الأرض في كل مجموعة من المجموعات، ومن الواضح أنَّه من المتوقع حدوث زلزال عظيم واحد في المتوسط سنويًّا.

الجدول(1) يوضح تصنيف الزلازل تبعًا لقوتها

شِدّة الزلزال (Intensity):

تُكتب بأرقام رومانية، وهي قياس نوعي يصف خطورة الزلزال بواسطة آثاره الفعليَّة على سطح الأرض وعلى البشر ومنشآتهم، ويكون هناك شِدّات مختلفة للزلزال نفسه بحسب موقعك منه على سطح الأرض. 

على عكس قوة الزلزال التي تكون ثابتة.

الشكل(3) يوضح تغير شدة الزلزال حسب البعد عن بؤرة الزلزال

مقياس الشدة الأكثر شهرة هو مقياس ميركالي ( Modified Mercalli Intensity) (MMI)، ومقياس (MSK Scale)، وهما متشابهان ويعرُضان 12 درجةً من درجات الشِدّة الزلزاليَّة.

يُبنى مقياس الشِدة على ثلاثة مؤشرات لتَبعات الاهتزاز:

-شعور الحيوانات والناس بالزلزال. 

-استجابة المباني. 

-التَّغيرات في البيئة الطَّبيعيَّة المحيطة.

الجدول(2) درجات مقياس Mercalli وما يُلاحظ في كلٍّ منها.

الاختلافات الأساسية بين القوة والشدة:

نعني بقياس قوة الزلزال قياس حجمه، ويمكن ذلك عن طريق قياس مقدار الطاقة المنبعثة من نقطة انزلاق الصدع، وهذا يعني أنَّ قوة الزلزال تكون واحدة لزلزال محدد، أمَّا الشِدّة فهي مؤشر لشِدّة الاهتزاز الناتج عن الهزة الأرضيَّة في موقعٍ معينٍ، فكلما اقتربنا من بؤرة الزلزال كانت الشِدّة أكبر.  

أي أنّه عند حدوث زلزال معروف القوة فإنَّ شدته تكون مختلفة في بقاع مختلفة من الأرض.

ولتوضيح الفرق يمكننا تشبيه الزلزال بأنَّه مصباح بقوة 100 واط، ورغم أنَّ طاقة المصباح ثابتة (100 واط)، فإنَّ شِدّة الإضاءة (Lumens) في موقع ما تعتمد على موقعك بالنسبة للمصباح،؛ إذ تُشبه طاقة المصباح الكهربائيَّة قوة الزلزال، وشِدّة الإضاءة تشبه شِدّة الاهتزاز في موقع ما. 

على ماذا نعتمد في تصميم المباني على الزلازل؟

قد يسأل أحدهم: هل يمكن لمبنى أن يصمد أمام زلزال بقوة 7.0 درجات؟

ما غَفل عنه هذا السائل بسؤاله أنَّ زلزالًا بقوة 7.0 درجات يسبب شِدّة اهتزاز مختلفة فوق سطح الأرض، بحَسب بعد الموقع من بؤرة الزلزال وقربه، والأضرار التي تصيب المباني ستكون متباينة وفقًا لذلك. 

في الواقع إنّ ما يُعتمد عليه في تصميم المباني لمقاومة الزلازل هو شدة الاهتزاز التي تحدثها هذه الهزات الأرضيَّة، وليس قوتها؛ إذ إنَّ أكبر قيمة لتَسارع الاهتزاز تتعرض له الأرض (Peak Ground acceleration ) تُعد الطريقة الوحيدة لتقدير خطورتها، وذلك استنادًا إلى سجلات الزلازل في المنطقة في أثناء اهتزازها، فهي أكبر زيادة في سرعة الهزة تسجلها محطة رصد زلزالي في أثناء الزلزال في موقع ما.

إذاً هذا جزءٌ كبيرٌ مما استطاعت البشريَّة فعله حتى الآن في مواجهة هذه الظاهرة الطَّبيعيَّة المدمرة، وقياسها وتوقعها، وتقدير شدتها والدمار الذي يُمكن أن تحدثه من أجل الوقاية منه.

ولكن كيف تؤثر هذه الحركات الأرضيَّة في المباني حتى تتهاوى بهذا الشكل؟ وما القوى التي تلعب الدور المدمر؟

سنتعرف ذلك في مقالٍ لاحقٍ.

مصادر المقال:

1

September 2005 “EARTHQUAKE TIP-Learning Earthquake Design and Construction”. Department of Civil Engineering Indian Institute of Technology.Kanpur

هنا

هنا

2

M.Y.H. Bangash (2011). “Earthquake Resistan Buildings Dynamic Analyses، Numerical Computations، Codified Methods، Case Studies and Examples”. London، UK.

هنا

3

December 1973، “Regulatory guide - DIRECTORATE OF REGULATORY STANDARDS”. NUCLEAR REGULATORY COMMISSION، WASHINGTON، D.C، U.S.

هنا

4

هنا