الفنون البصرية > منحوتات عالمية

مايكل أنجلو وتمثال المسيح القائم من الموت Risen Christ

مايكل أنجلو وتمثال المسيح يحمل صليبه "Risen Christ"

عُرف مايكل أنجلو (Michelangelo) باسم "إل ديفينو - il divino" أي "الإلهي"، ومن السهل علينا أن نعرف لماذا أُطلق عليه هذا اللقب؛ إذ إنَّ معظم أعماله توحي بأنَّه فائقٌ للقدرة البشرية.

عندما كان مايكل أنجلو في أواخر العشرينيات من عمره نحت تمثالَ ديفيد "David" بارتفاع 17 قدم، هذا التمثال الضخم الذي جعله منافسًا قويًّا بالنسبة لمعاصريه، متفوّقًا به على المنحوتات الرومانية واليونانية.

فتمثال ديفيد "David" والتماثيل اللاحقة -كتمثال موسى "Moses" والعبيد "Slaves"- أظهرت قدرتَه الفائقة على نحت الرخام كجسد حي، إلى درجةٍ جعلت من الصعب تخيُّل أنّ هذه التماثيل قد نُحتت بالمطرقة والإزميل.

"مايكل أنجلو، العبيد (أو ما يُعرف بالعبد المحتضر والعبد المتمرد) -الرخام- 1513-1515، متحف اللوفر"

أمّا في الرسم، فإذا نظرنا إلى سقف كنيسة السيستين "Sistine Chapel" في روما "Rome" بأناقةِ أجسادها وقوة شخصيتها، وإلى الإبداع في لوحة خلق آدم "Creation of Adam"؛ نجد أنَّ مايكل أنجلو قد أرسى مقاييسَ جديدة لرسم الجسد البشري؛ إذ لا يمثل الجسدُ البشري شخصياتِ القصة فقط، وإنّما يكون هذا الجسد موجودًا ليعبّر -روحانيًّا وعاطفيًّا- عن وجوده في هذا التمثيل.

إضافةً الى النحت والرسم؛ كان لمايكل أنجلو دورٌ في العمارة، فقد أعاد ترتيبَ الأشكال القديمة بصور مسرحيّة مختلفة كليًّا. لذا لا نعجب أنَّ المؤرخ "فاساري -Vasari" كتب عنه أنَّه قد برع في الفنون الثلاثة (الرسم والنحت والعمارة) قائلًا:

"الخالق العظيم في السماء نظر إلينا.. وعزم أن يرسل إلى الأرض نابغةً في الفنون كافة، ثم وهبَه الحكمةَ والروح الشعرية، ليكون أعجوبةً متفرّدة بشخصه وفنه وأعماله كافة، ليكون إلهيًّا وليس بشريًّا".

وعُرف مايكل آنجلو بوصفه شاعرًا أيضًا.

أمّا عن تمثال المسيح يحمل صليبه (Risen Christ)؛ فهو مصنوعٌ من الرخام بارتفاع 80.75 إنش، وموجودٌ في كنيسة سانتا ماريا مينيرفا "Santa Maria sopra Minerva" في روما "Rome".

وقَّعَ مايكل أنجلو عقدًا بتاريخ 1514 في حزيران ليعمل على تمثال للمسيح عاريًا وهو واقف يحمل الصليب، على أن يُنجَز هذا العمل في خلال 4 سنوات، إلّا أنّ مايكل أنجلو واجه مشكلةً في البداية بسبب حجر الرخام الذي استخدمه؛ فقد كان مشقوقًا ومنقوشًا بلونٍ أسودٍ في منطقة نحت الوجه، فتوقف عن العمل على منحوتة المسيح، وبدأ بعمل آخر وهو واجهة سان لورينزو "San Lorenzo facade".

أسِفَ مايكل أنجلو لتأجيل نحت تمثال المسيح، فطلب حجرَ رخامٍ جديد من بيزا (Pisa)، وعندما أتمَّ عملَ التمثال بتاريخ 1521 في آذار؛ نُقل التمثال إلى روما، وأُنزل في الزاوية اليسارية في كنيسة سانتا ماريا سوبرا مينرفا "Santa Maria sopra Minerva" بواسطة مساعد مايكل أنجلو بييترو أوربانو "Pietro Urbano".

تبيّن لاحقًا أنَّ أوربانو قد أنهى العمل على الأقدام والأيدي وفتحات الأنف وذقن المسيح؛ هذا العمل الذي وصفه أصدقاءُ مايكل أنجلو بالكارثي. وحُفرت في ما بعد ثقوب مسامير الصليب في أيدي المسيح، وغُطيت الأعضاء التناسلية بمِئْزر.

لم يكن لهذا التمثال أيُّ اسم خلال حياة مايكل أنجلو، وأُعطي هذا الاسم لاحقًا لأنَّ السيد المسيح يقف كالمبعوث المخلِّص كما في اللوحات الفنية الأُخرى.

أمّا الأفكار التي أراد مايكل أنجلو أن ينقلها من خلال هذه المنحوتة، فكانت تضحية المسيح ووعد القيامة بجسد تام؛ إذ جعل الجسد سليمًا وتامًا بلا أي جروح أو ثقوب في اليدين، إضافةً إلى قدرته على ملاحظة التفاصيل كافة فيما يتعلق بخواص الجسد الفيزيائية، ذلك أنَّنا نلاحظ الدقةَ الفائقة في تفاصيل تجسيد الصدر والعضلات العلوية للبطن.

تلك الخواص البارزة والتفاصيل الدقيقة هي التي ميزت الفنَّ الذي أبدعه مايكل أنجلو -هذا الفنان العبقري- عن غيره من الفنانين.

المصادر:

1- هنا

2- هنا