الموسيقا > الموسيقا والطب

كيف يفسر الدماغ الارتجال في موسيقى الجاز ؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

كثيرون يؤكدون أن الموسيقى هي لغة متكاملة مثل بقية اللغات، ولكن ما هو الإثبات العلمي لهذا الكلام؟ و لأي درجة تتشابه الموسيقى مع اللغة؟دعونا نرى الاجابة على هذه الأسئلة


سيعرف عشاق الجاز أن السمة المميزة لهذا النوع من الموسيقى و التي تشمل العظماء أمثال لويس آرمسترونغ، مايلز ديفيس، جون كولترين و تشارلز مينجوس هي عفوية "المحادثات الموسيقية" التي تحدث عندما يقوم أعضاء فرقة الجاز بالارتجال.

يحمل هذا الارتجال تشابه لخطاب الإنسان، حيث يقوم العازفون كلٌ بدوره بتأدية مقطع موسيقي لبناء محادثة.

الآن، وجد باحثون في جامعة جون هوبكنز في بالتيمور عن طريق المسح الدماغي لعازفي جاز الارتجال أن الدماغ يفسر الموسيقى و اللغة بنفس الطريقة.

تم اختيار إحدى عشرة عازف جاز على البيانو من الذكور ذوي الكفاءة العالية بالعزف، و الذين تراوحت أعمارهم بين 25-26 من قبل باحثي جامعة جون هوبكنز.

سيقضي كل عازف أثناء مشاركته بالارتجال الموسيقي 10 دقائق داخل آلة التصوير بالرنين المغناطيسي، بعد ذلك سيقوم الباحثون بتحليل نتائج المسح لمعرفة أي باحات الدماغ تم تنشيطها خلال الارتجال.

قال أحد الباحثين الذين شاركوا بهذه الدراسة: "حتى الآن، تم إجراء دراسات حول كيفية معالجة الدماغ التواصل السمعي بين شخصين فقط في سياق اللغة المحكية.. لكن النظر إلى موسيقى الجاز يتيح لنا تحقيق الأسس العصبية للعملية التفاعلية. التواصل الموسيقي الذي يحدق خارج نطاق اللغة المحكية."

سيقوم العازف بالعزف داخل آلة التصوير الرنين المغناطيسي على آلة بيانو بلاستيكية مصنوعة خصيصاً لأجل هذه الدراسة حيث لا تحتوي على المعادن حتى لا تتداخل مع المجال المغناطيسي الفحصي. و سيقوم العازف بالعزف و هو مستلقٍ على ظهره مع وجود مرايا موضوعة داخل آلة التصوير بشكل يسمح له برؤية موضع أصابعه على البيانو.

وجد الباحثون الذين قاموا بالدراسة بعد تحليلهم لنتائج المسح أنه تم، خلال الارتجال، تنشيط كل من "التلفيف الجبهي السفلي" و "التلفيف الصدغي الخلفي العلوي" و هما باحات دماغية مرتبطة بعلم القواعد (علم النحو) و معالجة اللغة.

و مما يثير الاهتمام أنه تم تعطيل الباحات المسؤولة عن معالجة الدلالات و هي "التلفيف الزاوي" و "التلفيف فوق الهامشي" خلال جلسات الارتجال.

يشير ذلك إلى أن باحات الدماغ المسوؤلة عن معالجة الجملة لا تقتصر فقط على اللغة المنطوقة. حيث أن الدماغ يستخدم باحاته القواعدية لمعالجة التواصل بشكل عام سواء كان ذلك التواصل من خلال اللغة المنطوقة أو الموسيقى.

"لقد أظهرنا في هذه الدراسة أنه يوجد اختلاف جوهري بين كيفية معالجة الدماغ لمعنى كل من الموسيقى و اللغة". هذا ما قاله أحد الباحثين الذين شاركوا بالدراسة و هو نفسه موسيقي شغوف. إن القواعد على وجه الخصوص جوهرية أكثر من الدلالات لهذا النوع من التواصل الموسيقي بينما قد لا تنطبق النظريات التقليدية لعلم الدلالات على معالجة الدماغ للموسيقى.

عندما يبدو على عازفي جاز أنهما تائهان في أفكارهما أثناء تأدية كل منهما لعزف منفرد ارتجالي بالتناوب مع الآخر فإنهما لا يكونان ينتظران دورهما للعزف و حسب و إنما يستخدمان المنطقة المخصصة لعلم القواعد ليعالجا ما يسمعانه مما يمكنهما من الرد بعزف سلسلة جديدة من النوتات التي لم يتم تأليفها أو عزفها في وقت سابق.


برأيكم هل من الممكن أن يأتي يوم ننسى فيه اللغة المحكية و نتواصل فقط بالموسيقى؟

أنا من ناحيتي أتمنى هذا الأمر

المصادر:

هنا

هنا

مصدر الصوت:

هنا