الطب > مقالات طبية

داء الكلية عديدة الكيسات

داءُ الكلية العديدة الكيسات (PKD): هو اضطرابٌ وراثيٌّ تتطوّر فيه مجموعةٌ من الكيسات داخل الكليتين، ممّا يؤدي إلى تضخّم الكلية وفقدانها وظيفتها مع مرور الوقت. تكون هذه الكيسات مستديرةَ الشكل ومملوءةً بالسوائل، فقد تختلف الكيسات في الحجم، ويمكن أن تنمو لدرجةٍ كبيرةٍ جداً، إلا أنّها حميدة.

 تتراوح شدَّة داء الكلية العديدة الكيسات (PKD) إلى حد كبير، ويمكن الوقاية من بعض المضاعفات الخاصّة به؛ إذ قد تساعد التغييرات في أسلوب الحياة على تقليل الأضرار التي قد تلحق بالكليتين. 

ويُعدّ (PKD) السبب الوراثي الأكثر شيوعاً للقصور الكلوي عند البالغين؛ إذ تبلغ نسبة المرضى المصابين الذين يخضعون للغسيل الكلوي في الولايات المتحدة (6-8%).

ثم إن الأعراض عادةً ما تزيد مع تقدّم العمر؛ إذ نادراً ما يُصاب الأطفال بقصورٍ كلويٍّ بسبب هذا المرض، ويكون أكثر شدّة قليلاً عند الذكور.

الأسباب:

ينجم هذا المرض عن المورثات الشاذّة، وهذا يعني أنه في أغلب الحالات يكون المرض منتقلاً وراثياً بين أفراد العائلة، إلا أنه في حالاتٍ نادرةٍ يحدث عفوياً نتيجة طفرةٍ جديدةٍ عند المصاب دون امتلاك أيٍّ من الأبوين المورّثة الشّاذّة.

ينجم النوعان الأساسيان من داء الكلية العديدة الكيسات عن عيوبٍ وراثيّةٍ مختلفةٍ؛ وهما:

1- داء الكلية العديدة الكيسات الجسدي السائد (ADPKD): 

إذا كان أحدُ الوالدين مصاباً بالمرض، فقد ينتقل إلى الأطفال، ويكون لدى كلّ طفلٍ فرصةٌ بنسبة (50%) للإصابة بالمرض. ويمثّل هذا الشكل نسبةً تُقدّر بما يُقارب (90%) من حالات الكلية العديدة الكيسات، وغالباً ما تتطوّر علاماته وأعراضه بين عمر (30 و40) عامًاً.

2- داء الكلية العديدة الكيسات الجسدي المتنحّي (ARPKD): 

يجب أن يحمل الوالدان كلاهما جيناتٍ غير طبيعيّةٍ لنقل هذا الشّكل من المرض إلى الطفل، وعندها يكون لدى كلّ طفلٍ فرصةٌ بنسبة (25%) للإصابة بالمرض. ويُعدّ هذا النوع أقلّ شيوعًا، وغالباً ما تظهر علاماته وأعراضه قبل الولادة أو بعد الولادة فترة وجيزة، أو قد تغيب الأعراض لتظهرَ في مرحلةٍ مبكرةٍ من الطفولة أو في أثناء المراهقة. 

كيف يعلم الأهل أن طفلهم مصابٌ بِـداء الكلية العديدة الكيسات الجسدي المتنحي ARPKD؟

قد تكون العلاماتُ ملحوظة حتى قبل ولادة الطفل، فيمكن أن تُظهِر صورُ الموجات فوق الصّوتية لدى النساء الحوامل أنّ كِليتَي الجنين أكبر من الطبيعيّ؛ ممّا قد يوجّهنا نحو إصابته بـ (ARPKD)، وقد يُوجد نقص السائل الأمنيوسي* في الرحم.

وأيضاً هناك عدد من العلامات التي قد تظهر بعد الولادة مباشرةً، وتشمل: انتفاخٌ في البطن، ضغط دمٍ مرتفع، مشكلات تنفّسيّة، الإقياء بعد الرضاعة، إضافةً إلى مشكلات في نمو وجه الطفل وأطرافه.

هل يُعدّ داء الكلية الكيسي المكتسب نوعاً من داء الكلية العديدة الكيسات PKD؟

لا يُعدّ داء الكلية الكيسي المكتسب نوعاً من (PKD)؛ إذ يُولد الأفراد وهم مصابون بـ (PKD)، في حين يكون سبب داء الكلية الكيسي المكتسب هو الأمراض الكلويّة المزمنة، لذا يكون أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين عانوا الأمراض الكلويّة فترة طويلة، وأيضاً يحدث داء الكلية الكيسي المكتسب في كثيرٍ من الأحيان لدى الأشخاص الذين يخضعون لغسيل الكلى.

أعراض داء الكلية العديدة الكيسات:

ارتفاع ضغط الدم، ألمٌ في الظهر أو الجانب، الصداع، الشعور بحس الامتلاء في البطن مع زيادة حجم البطن بسبب تضخم الكلى، وجود دم في البول، الحصيات الكلويّة، القصور الكلوي، التهاباتٌ في المجاري البولية أو الكلى.

ما الأعضاء الأخرى التي تتأثّر بـ (PKD)؟

 يمكن أن تتأثّر أعضاء أخرى إلى جانب الكلى، فقد يصاب الأشخاص أيضاً بكيساتٍ في الكبد، والبنكرياس، والطحال، والمبيض والأمعاء الغليظة؛ لكن لا تُسبّب الكيسات -في هذه الأعضاء- عادةً أيّة مشكلات خطيرةٍ إلا عند بعض الأشخاص وفي بعض الحالات.

قد يؤثر داء الكلية العديدة الكيسات في الدماغ أيضاً، مسبباً أمهات الدم (وهي توسّعٌ وعائيٌّ قد ينفجر فيؤدي  إلى سكتةٍ دماغيّةٍ أو حتى الموت)، إضافةً إلى إمكانية تأثيره في القلب؛ إذ قد تصبح دسّامات القلب مرنةً ممّا يُسبب نفخةً قلبيةً عند بعض المرضى.

تشمل المضاعفات التي قد تنتج عن (PKD):

فقر دم، نزيف أو تمزّق الكيسات، الأمراض الكلويّة المزمنة وقصور الكلية، ارتفاع ضغط الدم، إنتان الكيسات الكبديّة، القصور الكبدي، الإنتانات البوليّة المتكرّرة.

هل يُصاب جميع مرضى الـ (PKD) بالقصور الكلوي؟

لا، يصاب قرابة (50%) من مرضى الـ (PKD) بالقصور الكلويّ عند بلوغ سن الـ (60)، وقرابة (60%) عند بلوغ سن الـ (70)، وعندها سيحتاج هؤلاء المرضى إلى غسيل الكلى أو زرع الكلية. 

كيف يُجرى التشخيص؟

يُعدُّ التّصوير بالأمواج فوق الصّوتيّة الطريقة الأفضل لتشخيص (PKD)، وفي بعض الأحيان قد يكشف التصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي عن كيساتٍ صغيرةٍ لا يمكن العثور عليها بواسطة الأمواج فوق الصّوتيّة. 

ومن الممكن في بعض الحالات إجراء الاختبار الجيني؛ لكن بسبب كلفته العالية، وعدم قدرته على كشف (PKD) لدى قرابة (15٪) من الأشخاص؛ فإنّه لا يُوصى بإجرائه للجميع؛ إذ يٌقدّم فائدةً أكبر عند توفر شروطٍ معينة.

وكذلك يوجد عددٌ من الاختبارات والتحاليل الأخرى التي يمكن إجراؤها، مثل: (تصوير الأوعية الدماغية، تعداد الدم الكامل (CBC) لتحرّي فقر الدم، اختبارات الكبد، تحليل البول).

العلاج:

يتضمّن العلاج التعامل مع العلامات والأعراض والمضاعفات الآتية في مراحلها المبكرة:

ارتفاع ضغط الدم: فإنّ ضبط ضغط الدم قد يُؤخّر من تطوّر المرض؛ وذلك من خلال الجمع بين نظامٍ غذائيٍّ منخفض الصوديوم (الملح) والدسم ومعتدل البروتين والسّعرات الحرارية، مع تجنّب التّدخين، وزيادة التمارين، وتجنّب التّوتر والإجهاد.

ومع ذلك.. عادةً ما تكون هناك حاجة إلى الأدوية؛ إذ تُستخدم الأدوية التي تُسمّى مثبطات الإنزيم القالب للأنجيوتنسين (ACE) أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين II (ARBs) لضبط ارتفاع الضغط.

الألم: يمكن تدبير الألم من خلال تناول الأدوية التي تُعطى دون وصفةٍ طبيّةٍ، وهي التي تحتوي على أسيتامينوفين (كالباراسيتامول). 

الإنتانات التي تُصيب المثانة أو الكِلى: يُعدّ العلاج الفوري بالمضادات الحيويّة أمراً ضرورياً.

القصور الكلوي: يحتاج المريض في نهاية المطاف إلى إجراء غسيل الكلى أو إلى زراعة الكلية.

*السائل الأمنيوسي: السائل الذي يحيط بالطفل ويحميه داخل رحم الأم في الأشهر الأولى من الحمل؛ إذ يصنع جسم الأم السائل الأمنيوسي، أما بعد ذلك -من منتصف أشهر الحمل حتى نهايته- فتنتجه كليتا الطفل، وذلك في حال كانت إحداهما على الأقلّ سليمة.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا