هل تعلم والإنفوغرافيك > كاريكاتير

السدود والأسماك...معادلة غير متكافئة

علت الأصوات المنادية بدراسة الآثار البيئيّة للسدود الكبيرة خلال العقود الأخيرة؛ فعلى الرغم من أنّ سدود توليد الطاقة الكهربائيّة تُعد مصدراً للطاقة المتجدّدة وتساهم في تخفيض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوريّ اللازم لتوليد الطاقة الكهربائيّة؛ إلّا أنّ لها آثاراً بالغة الأهمية في النظم البيئيّة من حيث أنّها تتسبّب في تغيير أمور كثيرة في هذه النظم منها: هيدرولوجية الأنهار التي تقام عليها، تركيز  المغذّيات وكميتها، ودورة حياة الأنواع (الحيوانية والنباتية) التي تعتمد على موائل المياه العذبة.

إنّ حجز المياه في بحيرات هذه السدود الضخمة، يتسبّب في تخفيض الحجم المائي للجريان في مجاري الأنهار خلفها، ما ينذر برفع نسبة ملوحتها، والتسبّب بانخفاض مناسيب المياه الجوفيّة أسفل هذه الأنهار، إضافة إلى تدهور نوعيّة المياه الجارية بحيث تصبح غير صالحة للشرب أو للريّ. يُضاف إلى ذلك، انطلاق كمّيّاتٍ كبيرة من غاز الميثان من بحيرات هذه السدود نتيجة تحلّل المواد العضويّة المترسّبة في قيعانها، وقد ترشح المعادن السامّة من صخور الوديان بعد غمرها بمياه بحيرة التخزين، وتُحتجَز كمّيّاتٌ مهمّة من الرواسب في قاع بحيرات التخزين لهذه السدود، ممّا يؤثّر سلباً في أداء النظام البيئي كُلًّا.

أمّا فيما يتعلق بالأسماك؛ فإنّ خصائصها الحيويّة تتعلّق أساساً بالبيئة المائية التي تعيش فيها؛ إذ تتطلّب بيئاتٍ محدّدة في طور التكاثر والنموّ والنضج الجنسيّ، وتهاجر من البحر إلى مياه الأنهار العذبة أو بالعكس. يشكّل بناء السدود على مقاطع الأنهار العذبة عائقاً في وجه هذه الهجرة ويمكن أن يتسبّب في تأخيرها، ما يؤدّي بدوره إلى انخفاض عدد الأنواع السمكيّة وربّما انقراض بعضها؛ لا سيّما مع نفوق نسبة مهمّة من الأسماك في خلال مرورها بين عنفات توليد الطاقة في السدود المولّدة للطاقة الكهربائية أو فوق مفيضات هذه السدود. وعلى الرغم من تطوير ودراسة ممرّات عبورٍ للأسماك خلال منشآت السدود، إلا أنّها طُوّرت في بعض البلدان فقط ولأنواع محدّدة من الأسماك. إذ يجب أن يراعي تصميم ممرّات العبور هذه، المكان المناسب للإنشاء وكذلك مواصفات التدفّق المائي الملائم لفترة الهجرة لدى الأسماك المهاجرة. أمّا بالنسبة إلى المشكلات التي تعترض موسم الهجرة خلف السد (الحوز السفلي للسد) فلم تُدرس بالنحو الكافي، وعادة ما تُزوّد ممرّات العبور خلف السد بحواجز شبكية أو شبكات من قضبان بزوايا محدّدة لتجنّب دخول الأسماك في عنفات توليد الطاقة. وأكثر الأسباب المؤدّية إلى فشل أداء ممرّات العبور هذه تتعلّق بسوء تقدير التدفّق اللازم، الموقع غير الملائم لمدخل الممرّ، الصيانة غير الكافية والشروط الهيدروليكيّة غير الملائمة للجريان (من ناحية الجريان المائيّ وخصائصه لا سيّما السرعة ومستوى الاضطراب). 

ويمكن القول أنّ التصميم الفعّال لممرّات عبور الأسماك المهاجرة خلال السدود، يحتاج معلومات بيولوجيّة عن الأسماك المستهدَفة (فترة الهجرة، وسلوك الأنواع المهاجرة، ونمط السباحة..الخ) إضافة إلى المعلومات الهندسيّة المتعلّقة بتنفيذ ممرّ العبور نفسه أمام السد وخلفه، فهو نتاج عملٍ وثيق الترابط بين كلٍّ من علماء الأحياء وبين مهندسي المنشآت المائية.

المصادر:

هنا

هنا