الطب > مقالات طبية

قصور القلب؛ ما تحتاج معرفته عن أحد أشيع الأمراض

يعتمد الجسم كليًّا على القلب لإيصال الدم الغني بالأكسجين والغذاء إلى مختلف أعضائه، وعندما يفشل القلب في أداء مَهمته على النحو الأفضل؛ فإنَّ ذلك يؤدي إلى نقص وصول الدم إلى خلايا الجسم، ومن ثمَّ لا تؤدي هذه الخلايا وظيفتها على أكمل وجه، وينتج قصور القلب عن خلل وظيفي أو بنيوي في العضلة القلبية تُسبِّب خللًا في طريقة امتلائه بالدم أو في فاعليته التقلصية أو كليهما.

في البداية يحاول القلب أن يعوض ما ينقصه تلبيةً لاحتياجات الجسم؛ فتتوسَّع حجراته، وتتضخم كتلته العضلية، وينبض بسرعة، ويقاوم الجسم ذلك من خلال تضييق الأوعية الدموية بهدف رفع ضغط الدم، إضافةً إلى نقل الدم من الأعضاء الأقل أهمية إلى الأكثرها أهمية كالدماغ، ولكن تؤخر هذه الطرائقُ ظهورَ الأعراض فقط، لكنها لا تحلُّ المشكلة، إلى أن يتفاقم المرض وتصبح سبل المعاوضة هذه غير ناجعة. 

في دراسة أُجريت عام 2017؛ تبيًّن أن قرابة 6 ملايين شخص في الولايات المتحدة الأمريكية مصابٌ بقصور القلب، ومن المتوقع ارتفاع هذا الرقم لما يزيد على الـ 8 ملايين بحلول عام 2030. لذا من المهم معرفة عوامل الخطر التي قد تؤهب الإصابة به؛ إذ إنَّ بعضها قد يفيدنا في الوقاية أو في استدراك المرض باكرًا. فالمرض أكثر شيوعًا بعد عمر الـ 65، إضافة إلى أنه أكثر انتشارًا عند الأفراد ذوي الأصول الأفريقية، وذوي الوزن الزائد، والمصابين سابقًا باحتشاء القلب، والمصابين بأمراض قلبية أخرى.

تتعدد أسباب قصور القلب؛ مثل احتشاء العضلة القلبية الذي تسببه أمراض الشرايين الإكليلية، واعتلال العضلة القلبية الذي تسببه الإنتانات أو الكحول أو المخدرات، وأمراض الصمامات القلبية، وأمراض القلب الخلقية، وارتفاع ضغط الدم الشرياني، واضطرابات النظم، وأمراض الغدة الدرقية، وأمراض الكلى، والسكري، وغيرها.

يُصنف قصور القلب -بناءً على موقع الإصابة- إلى قصور قلب أيسر أو أيمن أو كليهما، ويصنف -حسب بدايته- إلى قصور قلب حاد أو مزمن.

يرافق قصورَ القلب عددٌ من الأعراض؛ أهمها شعور المريض بالتعب، وتراكم السوائل في الرئتين ناجمًا عنها صعوبة التنفس أو سعال، وظهور وذمة في الأطراف السفلية مثل الكاحلين والقدمين والساقين، أو ظهور وذمة في البطن، وقد تحتقن أوردة العنق، ويتسرَّع القلب أو تضطرب نظمه عمومًا.

وتُعدُّ صعوبة التنفس أولَ الأعراض ظهورًا لدى غالبية المرضى، ولكن هذا لا يعني أنَّ كل مريض يعاني صعوبة التنفس مصابٌ بقصور القلب. فعند وجود هذه الأعراض يجب زيارة الطبيب لتشخيص المرض. ويتضمن التشخيص عدة خطوات بَدءًا بالقصة المرضية وتاريخ المريض والسؤال عن وجود قصة عائلية، ثمَّ الفحص السريري وما يتبعه من اختبارات وتحاليل حتى يستطيع الطبيب تأكيد وجود الحالة أو عدمها، والفحص السريري هو عبارة عن إصغاء القلب يتحرى الطبيب فيه عن وجود الوذمات في الرئتين والأطراف السفلية والبطن وعن احتقان الأوردة، ومن ثم إجراء فحص شامل لبقية الأعضاء، يليه بعض الفحوصات الاستقصائية المتنوعة: تخطيط القلب الكهربائي الذي يعمل على الكشف عن وجود اضطرابات في النظم، وتصوير الصدى (إيكو) الذي يبين حالة حجرات القلب وصماماته وآلية عملها، وصورة الصدر الشعاعية التي تبين لنا حجم القلب أو تكشف عن وجود سوائل في الرئة أو وجود مرض رئوي آخر، انتهاءً بإجراء تحاليل بول وفحوصات دم مثل تعداد الدم الشامل ومستويات الشوارد وسكر الدم واليوريا والكرياتينين، إضافةً إلى وظائف الكبد والغدة الدرقية، ويمكن تحري مستويات الببتيد الدماغي المدر للصوديوم (Brain Natriuretic Peptide) في الدم (وهو هرمون يرتفع في قصور القلب). وقد يلجأ الطبيب إلى جهاز هولتر (Holter Monitor)؛ وهو جهاز يسجل تخطيط القلب مدة 24-48 ساعة، والرنين المغناطيسي للقلب، واختبار الجهد، أو لإجراء قثطرة قلبية وتصوير الشرايين الظليل. 

تعتمد معالجة قصور القلب على نوع القصور وشدته، ولكنها تهدف عمومًا إلى علاج السبب وتحسين الإنذار وتخفيف الأعراض ومنع تدهور المرض وتضرر بقية الأعضاء، إضافة إلى تقليل حاجة المريض إلى الاستشفاء. يعدُّ العلاج الدوائي وتحسين نمط الحياة الحجرَ الأساس لعلاج قصور القلب؛ لذا لا بدَّ من اتباع نمط حياة صحي من خلال تناول الأغذية الصحية، والحفاظ على وزن سليم، وممارسة الرياضة، وإيقاف التدخين، ولا بد من أن يمتلك المريض الوعيَ الكافي عن حالته الصحية وكيفية التعامل معها. ثمَّة أدوية متنوعة لهذا المرض: المدرات، وخافضات الضغط مثل حاصرات الأنزيم القالب للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين وحاصرات بيتا، ومقويات العضلة القلبية كالديجوكسين. قد يحتاج بعض المرضى إلى الجراحة لمساعدتهم على السيطرة على المرض من خلال زرع أجهزة تنظم عمل القلب أو تساعده، وفي المراحل الأخيرة من المرض؛ قد يحتاج المريض إلى زراعة قلب. 

وفي النهاية، لا بدَّ من الحديث عن الوقاية من قصور القلب؛ إذ نذكر الخطوط العريضة التي تتمحور حول عكس عوامل الخطورة؛ كالمحافظة على ضغط الدم ومستويات شحوم الدم وسكر الدم -ونخصُّ بالذكر مرضى السكري- ضمن الحدود الطبيعية، واتباع نظام حياة صحي من خلال العادات الغذائية وممارسة الرياضة والتخلص من الوزن الزائد والابتعاد عن التدخين والكحول، إضافةً إلى تخفيف مصادر التوتر وتدريب النفس على التعامل مع الضغوط بطريقة صحية، وضرورة النوم الكافي الذي يقدر وسطيًّا  بـ ٧-٩ ساعات يوميًّا.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا

6-هنا

7-هنا

8-هنا