التعليم واللغات > اللغويات

هل استخدام لغة أجنبية يسهل عملية البيع والشراء؟

استخدام المعاملات المالية بين الأشخاص الذين يتحدثون لغات مختلفة أكثر شيوعًا من أي وقت مضى؛ إذ يتحدث أكثر من شخص واحد من كل خمسة أمريكيين لغة غير الإنجليزية في المنزل، إلا أنَّ الاتفاق على سعر بشأن منتجٍ ما بين المشترين والبائعين ليس بالأمر السهل، تشير نتائج دراسة جديدة إلى أن التفكير بلغة أجنبية قد يزيد من فرص قبول البائعين والمشترين للتكلفة، وعقد صفقة الشراء في منتهى الأمر.

إن أحد العوائق الشائعة التي يواجهها البائعون في السوق هي ارتفاع أسعار منتجاتهم مقارنةً مع ما يتطلبه السوق، وهي ظاهرة نفسية تُعرف باسم "أثر الحيازة "، على سبيل المثال: قد يعاني الأشخاص الذين يمتلكون سيارة لعدة سنوات من شعور التعلق العاطفي بها، وأن بيعها يبدو وكأنه خسارة كبيرة، وهذا الإحساس بالخسارة يفوق الفائدة المتوقعة للمشتري بعد الحصول على المنتج. "وهذا يؤدي إلى تعارض تقييم السيارة بواسطة البائع وتقييمها عن طريق المشتري المتوقع"، حسب ما تشير دراسة أجراها  Mustafa Karatas في جامعة كوتش في تركيا.

توقع Karatas أنه بإمكانه تغيير عاطفة البائعين  نحو منتجاتهم بمطالبتهم بالتواصل مع الزبون بلغة ليست لغتهم الأم؛ حيث أظهرت الدراسات السابقة أن استخدام لغة أجنبية  يدفع الناس إلى التأني في التفكير واشغالهم عن عواطفهم، وكان يعتقد أن التخفيف من حدة تعلق البائع بالسلعة الجاهزة سيؤدي بدوره إلى انخفاض تقييمِه لها.

في الدراسة الأولى، اختار Karatas مجموعة من متحدثي اللغة الإنجليزية بصفتها لغتهم الأم، ويتحدثون الإسبانية على أنها لغة أجنبية؛ إذ عُرض على  نصف المشاركين صورة (قدح)، وطُلب منهم أن يتخيلوا امتلاكه، ثم أشاروا إلى الحد الأدنى من المبلغ الذي سيكونون على استعداد لقبوله، وأتم الجميع المهمة إما باللغة الإنجليزية أو الإسبانية، وأظهرت النتائج أن البائعين من مجموعة اللغة الأم طالبوا بسعر أعلى بكثير من السعر الذي كان المشترون على استعداد لدفعه مقابل تخلي البائع عن القدح؛  لكن القيم كانت متشابهة بين البائعين والمشترين عندما اتبع البائعون التعليمات باللغة الإسبانية.

وفي دراسة تجريبية أخرى، اختار Karatas مجموعة من متحدثي اللغة التركية الذين يستخدمون اللغة الإنجليزية بصفتها لغة أجنبية، وهذه المرة حصلت مجموعة من المشاركين على قطعة شوكولاتة، وطُلب منهم تقدير الحد الأدنى من السعر الذي يرغبون به؛ تمامآ مثل التجربة السابقة  قدَّر المشترون المبلغ الذي سيكونون على استعداد لدفعه لشراء قطعة الشوكولاتة، وكانت النتيجة أن البائعين الذين أتمُّوا المهمة باستخدام لغة أجنبية كانوا على استعداد لبيع لوح الشوكولاتة بسعر أقل من مجموعة البائعين الذين يستخدمون لغتهم الأم.

يقول كاراتاس: "إن أثر الحيازة هو انتهاك لقواعد اتخاذ القرار بعقلانية، ويرجح بحثي تلك الاحتمالية التي يكون الناس فيها أقل عرضةً لاتخاذ قرارات متحيزة أثناء التحدث بلغة أجنبية".

 إن القدرة على التفكير بموضوعية أكبر عند اتخاذ القرارات المالية يمكن أن تكون ذات قيمة في العديد من السياقات؛ على سبيل المثال يميل الناس إلى الاستمرار في استثمار الأموال حتى وإن كانت الاستثمارات الأولية غير قابلة للاسترداد، وذلك لأنهم مرتبطون عاطفياً بتلك الملكية، والتي تُعرف باسم "التحيزنحو التكلفة الغارقة"، لكنهم قد يتخذون قرارات حكيمة بشأن الاستثمارات عندما يفكرون بلغة أجنبية، كما يقول كاراتاس.

وإضافةً إلى ذلك، قد تتجاهل الشركات تسليم متحدثي لغات غير لغتهم الأم مناصب عليا؛ لأنه قد يُنظر إليهم على أنهم أقل قدرة على اتخاذ قرارات إدارية حكيمة، لكن النتائج تشير إلى أن هذا الاختلاف اللغوي قد يساعدهم على أن يكونوا موضوعيين عند اتخاذ القرارات المالية، ويمكن أن تكون النتائج ذات صلة أيضًا بأسواق الإنترنت مثل Alibaba، حيث يتفاوض البائعون والمشترون من جميع أنحاء العالم حول الأسعار. يقول:Karatas : "إن هذه المنصات من شأنها تسهيل التواصل بين البائعين والمشترين الذين يتحدثون بلغة أجنبية، وبالتالي تسهيل الصفقات في السوق".

المصادر

هنا

هنا