الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

الجانب الآخر للسياحة

تجلبُ السياحة دونَ شكٍّ الكثيرَ من العوائدِ على الاقتصاد عندما تكون مدعومةً ومدارةً جيدًا، ولكن قد يظهر لها جانبٌ مظلمٌ على المجتمع؛ فما هو تأثير السياحة في الاقتصاد؟

في أغلب الأحيان تعني السياحة فرصًا أكبرَ للعمل، وكما يُقالُ: إنَّ خلقَ فرصِ عملٍ لتلبية الطلب أمرٌ لا بُدَّ منه. بعض الصناعات الرئيسية التي تتأثر بالسياحة هي: النقل، والضيافة (الفنادق)، والمطاعم، وتجار التجزئة لا سيما بائعو المنتجات المحلية، ومع نمو السياحة تزداد الحاجة لعاملين في جميع المجالات السابقة. بالإضافة إلى ذلك فإنَّ قطاع السياحة مصدرٌ مهمٌ من مصادر جلب القطع الأجنبي للبلد المضيفة للسياحة.

تجذب بعض الوجهات السياحية الزوار بناءً على المناظر الطبيعية الخلابة والأماكن التاريخية، وتؤثر السياحة -على نحوٍ مباشر- في قدرة الاقتصاد على الحفاظ على الطبيعة.

إنْ أُديرت السياحة جيدًا ستكوّن دعمًا مباشرًا للاقتصاد المحلي، وإذا أنفقت غالبية الأموال السياحية على الشركات المحلية فسيشهد الاقتصاد دفعًا مباشرًا.

كيف يمكن أن تؤثر السياحة سلبًا في الاقتصاد؟

إذا كانت المدينة غير متطورةٍ وتحتاج إلى تحديثاتٍ في البنية التحتية لاستقبال عددٍ كبير من الزوار؛ ففي هذه الحالة قد نجد هبوطاتٍ اقتصادية. كمثالٍ على ذلك؛ كأس العالم الذي استضافته (البرازيل)، فقد كان من المفترض أن تكون استضافة هذا الحدث العالمي دفعةً قويةً للاقتصاد المحلي، ولكن بسبب ضعف البنية التحتية في البلد النامي (البرازيل) كانت السياحة تكلّف الاقتصاد المزيد من الأموال وليس العكس؛ إذ خلقت هذه التجارب السياحية السلبية صراعاتٍ اجتماعيةً أخرى.

الاستثمار في البنية التحتية للحدث الضخم يعني انخفاضًا في الخدمات العامة الأخرى أو زيادة الإقراض الحكومي أو زيادة مستوى الضريبة، ومثال على ذلك؛ الاحتجاجات التي حدثت في (البرازيل) قبل كأس العالم 2014 وأثناءه. على الرغم من أنَّه في عام 2007 عندما اختيرَت (البرازيل) لتكون الدولة المضيفة لكأس العالم 2014، كان البرازيليون داعمين لها؛ لكنَّ المبلغ الضخم الذي أُنفِقَ في الملاعبِ أغضبهم بعد بضع سنوات.

مثالٌ آخرُ هي (هاييتي)؛ إذ يرى سكانها أنَّ التطور الذي حصل في بلادهم لم يلمسوه بأنفسهم، فالسياحة في (هاييتي) لا تفيد على نحوٍ كبيرٍ السكان المحليين، فتكون نظرة السكان المحليين أنَّ السياح يحصلون على المياه النظيفة والكهرباء والطعام الوافر في الوقت الذي لا يتمكن فيه سكان (هاييتي) من الحصول على أيٍّ من ذلك.

لا شك في أن السياحة تخلق فرصًا للعمل وتحقِّقُ الأرباح، ولكن ليس بالضرورة أن تكونَ هذه المنافع لصالح السكان المحليين، ومثالٌ على ذلك (مصر وكوبا)؛ فعلى الرغم من أنهما دولتان سياحيتان لكنَّ نسبةً ضئيلةً من السكان المحليين يستفيدون من قطاع السياحة. ولا تستفيد الدولة كثيرًا من نشاط السياحة عندما لا تكون قادرةً على توفير احتياجاتها فتضطرُّ للاستيراد. بالإضافة إلى ذلك قد يكون للسياحة آثارٌ بيئية سلبية؛ فبالنظر لحالة (هاييتي) فهي بلدٌ زراعية، وقد شهدت على مدى السنوات الأخيرة تدهورًا في الأراضي وتعرضت لغيرها من الصدمات البيئية. فشكلت السياحة في (هاييتي) ضغطًا على الموارد المحلية كالطاقة والمياه النظيفة والمواد الأولية؛ إذ إنَّ السياحة تحتاج على نحوٍ مفرطٍ إلى الموارد المائية للفنادق والمسابح وملاعب الغولف، بالإضافة لمشكلة التخلص من النفايات، وقد يكون التخلص غير السليم من أهم عوامل إهمال البيئة؛ إذ تطرح سفن الرحلات البحرية في منطقة البحر الكاريبي أكثر من 70،000 طنٍ من النفايات سنويًا. 

وقد تكون بعض ممارسات السياح مزعجةً بالنسبة لسكان المدينة السياحية كما في (روما)، فقد فرضت حديثًا العاصمة الإيطالية قوانينَ صارمةً ضد سلوكيات السياح السيئة؛ إذ عملَ مجلس المدينة على تحديث وتوسيع قائمة اللوائح التي يرجع تاريخ بعضها إلى عام 1947، وكانت القواعد الجديدة تفصيليةً؛ إذ نصَّتْ على منع الرجال من التجول عراة الصدر في الأماكن العامة، كما منعت ربط "أقفال الحب" بالجسور، وفرضت غرامة في حال انتهاك هذه القواعد، بالإضافة لمنع تناول الأطعمة في مناطق الجذب السياحي مثل "نافورة تريفي"، وبعض القوانين كانت تفصيليةً على نحوٍ كبير كمنع ملامسة الشفاه للصنبور عند الشرب من النوافير الرومانية العامة.

وبذلك نرى أن السياحة -كأيِّ نشاطٍ- لها وجهها الآخر الذي يمكن تجنُّبهُ عن طريق الإدارة الذكية والفاعلة.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا