الطب > سلسلة الصدمات

إصابات مايسترو الجسم البشري؛ ماذا ينجم عنها؟!

قد يتعرض الإنسان لحوادثَ كثيرةٍ تُسبب له إصابات في نواحٍ مختلفة من جسده، ولكن من أخطر الإصابات هي ما يصيب الجهاز العصبي المركزي؛ أي الدماغ أو النخاع الشوكي، إذ قد تؤدي إصابة الأخير إلى الصدمة العصبية. 

تُعرّف الصدمة العصبية سريريًّا بأنها اختلاط غالبًا ما يتلو إصابةً تطالُ النخاع الشوكي، لا سيَّما فوق مستوى الفقرة الصدرية السادسة -عند الكسر أو الخلع في الفقرات الموافقة-، فتتعطل السبل الودية مما يؤدي إلى هبوط في الضغط وتسرُّع في النبض.

قد تحدث إصابة العمود الفقري بمختلف مستوياته (العنقي أو الصدري أو القطني العجزيّ) وذلك بسبب السقوط من مكان مرتفع أو حوادث سير أو بسبب اعتداء، وتختلف نتائج هذه الإصابة؛ فقد تؤدي إلى ضعف الحركة أو إلى الشلل، وقد تحدث صدمة عصبية نتيجة فقدان التأثير الودِّي أيضًا، مما يؤدي إلى عدم استقرار في الجهاز العصبي الذاتي ويتجلّى ذلك في انخفاضِ ضغط الدم واضطرابٍ في دقات القلب ودرجة حرارة الجسم.

ومن هنا؛ يجب التفريق بين الصدمة النخاعية -وهي اختلاط قابل للعكس لإصابة النخاع الشوكي- وبين الصدمة العصبية (التي تُسمَّى أيضًا الصدمة الوعائية) ومن المهم جدًّا التشخيص والتدبير السريعان لتجنب إصابة ثانوية في العمود الفقري.

على الرغم من أنّ الصدمة العصبية لا تؤخذ في الحسبان إلا بعد استبعاد حدوث صدمة نزفيّة، فإنَّ وجود كسر أو خلع في العمود الفقري يثير القلق حيال حدوث أذية في الحبل الشوكي مؤديًا إلى صدمة عصبيّة.

تحدثُ الإصابة الأولية في غضون دقائق من وقوع الحادث نتيجة الضرر المباشر لبعض الأنسجة العصبيّة في النخاع الشوكي، ممَّا يسبب اضطراب الأثر العصبي الودي، أمَّا الإصابة الثانويّة فتحدث بعد ساعات أو أيام من الإصابة الأوليّة بسبب تأثُّر الأوعيّة الدمويّة وحدوث تبدلات في الشوارد ووذمة، مما يؤدي إلى تنخُّر نزفي في المادّة الرمادية في منطقة الإصابة؛ أي إنَّ الصدمة العصبية هي نتاج الإصابتين الأولية والثانوية معًا.

ومن الأسباب الأقل شيوعاً للصدمة العصبية التخدير الناحي الشوكي، ومتلازمة غيلان باريه، والتهاب النخاع المستعرض، وغيرها من اعتلالات الأعصاب، ويتزايد خطر حدوث صدمة عصبية عند الأطفال الذين يعانون تثلُّثَ الصبغي 21، أو خلل تنسُّج عظمي، أو التهاب اللوزة البلعومية. 

تقترح اللجنة المشتركة بين الرابطة الأمريكية لإصابات العمود الفقري والجمعية الدوليّة للنخاع الشوكي تعريف الصدمة العصبية بأنَّها خلل وظيفي في الجهاز العصبي الذاتي وتشمل أعراضًا من مثل انخفاض ضغط الدم الانتصابي والخلل في ضبط حرارة الجسم، ولا يُعدُّ الاضطراب العصبي البؤري (أي مُحَدَّد الموقع) شرطًا للتشخيص.

قبل تطور التصوير الشعاعي لم تترافق الصدمة العصبية مع أي اضطراب ظاهر شعاعيًّا، إلا أنه مع تطور تقنية الرنين المغناطيسي والتصوير الطبقي المحوري أصبحَ من الممكن تحديدُ إصابة الحبل الشوكي بدقة أكبر، ولكن يبقى تشخيص الصدمة العصبية معتمدًا على جمع معلومات الفحص السريري الدقيق والصور الشعاعية ومراقبة العلامات الحيوية.

أما علاجُ الصدمة العصبية فيجب معالجة انخفاض ضغط الدم الناجم عن التوسع الوعائي لتجنب الإصابة الثانوية وذلك عن طريق السوائل الوريدية، ويعد النورإيبينفرين Norepinephrine خيارًا جيدًا أيضًا، ولكن يجب توخي الحذر عند استخدام المضيّقات الوعائية لأنها يمكن أن تفاقم الحالة أحيانًا.

قد تكون هناك حاجة للتدخل الجراحي لإزالة الضغط على النخاع الشوكي وتحسين الصدمة العصبية.

ونتنقل بالحديث إلى إصابات الرأس لنتناولها باختصار؛ إذ تتراوح هذه الإصابات من ضربة خفيفة للجمجمة إلى رض خطير على الدماغ، عادةً ما تحدث نتيجة السقوط من مكان مرتفع أو حوادث المرور، وكذلك قد تحدث في حالات العنف ضد الأطفال أو عندما يَخترق جسمٌ الجمجمةَ كالرصاصة مثلاً. ومن الممكن أن تؤثر هذه الحوادث في عمل خلايا الدماغ، وتعتمد شدة الإصابة ومدتها والآثار المترتبة عليها على مدى الأذية الحاصلة.

الأعراض:

-أعراض الإصابات الخفيفة: فقدان وعي مدةً تتراوح من ثوانٍ إلى دقائق، أو حالة من الهياج والارتباك.

-أعراض صدمة الدماغ الشديدة -التي قد تظهر بعد ساعات أو حتى أيام من حدوث الإصابة-: فقدان وعي مدةً تتراوح من عدة دقائق إلى ساعات، وصداع مستمر وشديد، والغثيان والإقياء المتكرر، ونوب من الاختلاج، وتوسع حدقة عين واحدة أو عينين، وتسرب سائل شفاف (سائل دماغي شوكي) من الأنف أو الأذنين، وخَدَر ونَمَل في أصابع اليدين والقدمين.

-قد لا يتمكَّن الرُضَّع أوالأطفال الصغار من التعبير عن الأعراض كالصداع أو الاضطرابات الحسية، لذا يجب ملاحظة مايلي: تغيُّر في عادات الطعام أو الرضاعة أو النوم، والبكاء المستمر، والكآبة وفقدان الاهتمام بالنشاطات المفضَّلة لدى الطفل.

وفي الختام؛ على الرغم من التأثير الكبير الذي قد يحدثه هذا النوع من الإصابات على حياة الإنسان فإنَّ العلاج ليس مستحيلًا لكنَّه يحتاج إلى الانضباط والسرعة والتدريب الجيد، لذا لابد من الاهتمام بتعليم الكوادر الطبية على السرعة في التشخيص والدقة في العلاج.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

4-هنا

5-هنا