التعليم واللغات > اللغويات

هل تُعبِّر ملامحُ وجهنا عما نقول؟

على الرغم من أنَّ التعابير ليست ضرورية لإصدارأصوات محددة، فإن أجزاءًا مُعيَّنة من وجوه متحدثي لغة الماندرين الصينية – ولاسيَّما حواجبهم وشفاههم - تتحرك للأسفل وللأعلى بطريقةٍ تُميّزكل كلمة عن سواها رغم كتابة الكلمات بالطريقة ذاتها. وبعبارةٍ أخرى، تتبعُ حواجب المتحدثين الأصوات الصادرة عن حناجرهم. وهذا ما توصلت إليه الدراسة الحديثة التي شارك في كتابتها كلٌ من (ألارد جونجمان) و(خوان سيرينو)، أُستاذيّ اللغويات بجامعة كانساس. ويبين الأستاذان أنَّ هذه الدراسة تقتضي ضرورة دراسة فيما إذا كانت حركات الوجه الدقيقة تساعد المُستمعين على إدراك ما يحاول المُتحدثون نطقه. وبرفقة زملاء من الجامعة الكندية وهم: (سوراب غارغ) و(غسان حمارنة) و(يوي وانغ)، كتب (جونجم وسرينو) في طبعة أكتوبر من مجلة   Speech Communication: "إنَّ التحليل الرقمي يكشف ارتباط حركات الوجه بالنغمات الصوتية في لغة الماندرين، وهي المرة الأولى التي يُقاس فيها مثل هذا الارتباط".

وفي مقابلة أجريت معه حديثًا، ضرب (جونجمان) مثالًا على كلمة صينية تُهجئ صوتيًا إلى "Ma" باللغة الانجليزية. وكما هو الحال مع العديد من الكلمات في لغة الماندرين، تُنطق هذه الكلمة بإحدى هذه النبرات الأربع: المستوى، أوالارتفاع، أوالهبوط أو الانخفاض. واعتمادًا على النبرة، فإنّ الكلمة قد تعني الأم أو القنب أو الحصان أو التأنيب؛ لذا يجب عليك نُطق هذه الكلمة بنبرة صحيحة، وإلا فإنك ستدعو أمك بالحصان! وتقول (سيرينو): "وثمَّة الكثير من اللغات التي تحتوي على هذه الأنواع من النغمات المرتبطة بكلمات مختلفة". ويُضيف (جونجمان): "إنّ غالبية المتحدثين في العالم يستخدمون النبرات الصوتية في الكلام، ويعود الأمر للاختلافات الموجودة في معدل اهتزاز الأوتارالصوتية". ومُشيرًا إلى حنجرته، يشرح قائلًا: "في النغمة العالية للصوت، تهتز الحبال الصوتية بمعدل سريع للغاية، بينما إن كانت منخفضة، فالحبال الصوتية تهتز ببطء شديد، فالأمور برمتها تجري هنا (في الحنجرة)". وتقول (سيرينو) مشيرةً إلى وجهها: "تقنيًا، لا ينبغي أن يكون هناك أيُّ شيء يميز ​​"Ma" بنغمة صوتية عالية عن "Ma" بصوت ونغمة أكثر انخفاضًا"، ومع ذلك، تُشير تلك الدراسة بأنه  ثمّة ما يميز بين نبرة مرتفعة ونبرة منخفضة. فملامح الوجه تتجانس مع النبرات الصوتية الصاعدة والمنخفضة عند نطق الكلمات. ويقول (جونجمان): "ُأنشئت مبدئيًا بعض الارتباطات بين تعابير الوجه ونبرة الصوت، لذلك فقد ذهبوا خطوة أخرى وبحثوا فيها بصورة ممنهجة".

وسجَّل الباحثون وجوه المتحدثين الصينيين أثناء حديثهم، ثم أخضعوا الملفات المُصورة لتحليل الكمبيوتر لتحديد العلاقة بين نبرة الصوت وحركة الوجه المرافقة له. ويرى (جونجمان) أنَّ النتائج أظهرت تطوراً كبيراً مقارنة بالطرائق السابقة؛ إذ استخدم الناس سابقًا ما يُسمى بتحليل المسار البصري، إذ تُلصق أجهزة استشعار ينبعث منها الضوء على الوجه ثُم تُتبع حركة تلك المستشعرات، وأحيانًا كانت تُلصَق بعض الأشياء على أفواههم مِمّا كان يؤثر على صحة النتائج. وقد كانت هذه الاختبارات تحدّ مما سيفعله الناس في الظروف الاعتيادية، وأيضًا كان يجب أن يكون هناك فكرة مُسبقة عن المناطق المهمة على الوجه، لأنه لا يمكن قراءة أي شيئ لم يُوضع عليه جهاز استشعار. ويُعقب (جونجمان) بأن هذه الطريقة كانت لصالحهم، إذ ركزوا في بحثهم هذا على هاتين الميزتين في الوجه، والآن بعد اثباتهم لتجانس وجوه متحدثي لغة الماندرين الصينية مع النبرة الصوتية للكلمات، يقول (جونجمان) و(سيرينو) أنَّ الخطوة التالية لبحثهم تكمن في تحديد المدى الذي يمكن أن تساعد فيه هذه الإشارات البصرية المُستمع، أي من ناحية الأهمية اللغوية.

وحسب ما توصلت إليه الدراسة الجديدة، فإنه مثلما بإمكان الأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع أن يتعلموا قراءة الشفاه، فقد يتمكن الناس من الاستفادة من إشارات الوجه الدقيقة التي تترافق مع حديثنا. وتقول (سيرينو): "أنه من الممكن أن يتحقق هذا السيناريو الذي يتم من خلاله مساعدة متعلمواللغة على اكتسابها بسهولة أكبر من خلال مشاهدة إشارات الوجه المرافقة للكلام عند متحدثي اللغة  الأم".

مصادر المقال:

هنا

هنا