البيولوجيا والتطوّر > أسئلة شائعة عن نظرية التطور

كيف يُؤثِّر جنس الإنسان في السرطان؟

الجنس البيولوجي يُحدِّد شكل تطور الورم إلى سرطان:

يُمكن أن يؤثِّر جنس الشخص في أنواع الطفرات المسبِّبة للسرطان التي يُطورها، و ذلك وفقًا لتحليلٍ وراثي أُجريَ على ما يتجاوز الـ(2000) ورم و(28) نوعًا من السرطان تقريبًا؛ إذ أظهرت النتائج اختلافات ملحوظة في الطفرات المسببة للسرطان الموجودة لدى الذكور مقارنةً بالإناث، ولم يكن هذا الاختلاف بعدد الطفرات الكامنة في الأورام وحسب، ولكن؛ بأنواعها أيضًا.

فعلى سبيل المثال؛ كانت أورام الكبد عند النساء أكثر عرضةً لحمل الطفرات الناجمة عن خلل في نظام إصلاح الحمض النووي (DNA) يُدعى إصلاح عدم التطابق، وكان الرجال الذين يعانون من أيِّ نوعٍ سرطاني أكثر عرضةً لإظهار تغيرات الحمض النووي (DNA)، والتي يُعتقد أنَّها مرتبطة بالعملية التي يستخدمها الجسم لإصلاح الحمض النووي (DNA) ذي الضرر في كلتا السلسلتين.

gender differences photo 

وأدَّت هذه البيانات إلى زيادة إدراك أهمية الجنس فيما يتعلَّق بالإصابة بالسرطان، وليس بسبب اختلاف نمط حياة الذكور عن الإناث فحسب؛ فإنَّ سرطان الرئة والكبد على سبيل المثال أكثر شيوعًا عند الرجال منه عند النساء.

وحتى بعد تحكُّم الباحثين بالفوارق المتعلقة بالتدخين أو استهلاك الكحول، بقي مصدر هذا الاختلاف غير واضح بحسب عالم الوراثة Kenneth Buetow (كينيف بيوتو).

kenneth buetow

وضع خرائط للطفرات:

بدأت المعاهد الأمريكية الوطنية للصحة عام 2014بتشجيع الباحثين على أخْذ الفروق بين الجنسين بعين النظر عند إجراء الأبحاث ما قبل السريرية -على سبيل المثال- عن طريق تضمين  إناث الحيوانات والسُّلالات الخلوية من النساء في دراساتهم، و منذ ذلك الحين وجدت بعض الدراسات انحيازات لها علاقة بالجنس في تكرار الطفرات ضمن مورثات ترميز البروتين لأنواع محدَّدة من السرطان، بما في ذلك بعض سرطانات المخ وسرطان الجلد المُتقدم.

أمَّا الدراسة الجديدة والمنشورة في موقع (bioRxiv)، فتتميَّز بأنَّها تلقي نظرةً على الطفرات، وليس ضمن المورثات التي تَرمُز البروتينات فحسب، بل على مساحة الحمض النووي (DNA) بكاملها، وهو الذي يؤدي وظائف أخرى أيضًا؛ مثل التحكُّم في عمل المورثات.

وتُقارِن الدراسةالمادةَ الوراثية عند الذكور والإناث في عديد من أنواع السرطانات المختلفة أيضًا، ممَّا يُتيح للباحثين إيجاد أنماط إضافية من طفرات الحمض النووي (DNA) جزئيًّا عن طريق زيادة حجم العيِّنات.

وقد حلَّل عالِم الوراثة Paul Boutros (بول بطرس) من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وزملاؤه تسلسلَ المادة الوراثية بأكمله، والذي جمعه اتحاد الجينوم الدولي للسرطان؛ إذ فحصوا الاختلافات في تكرار (174) طفرة معروفة بأنَّها تُسبِّب السرطان، ووجدوا أنَّ بعض هذه الطفرات تَحدُث عند الرجال أكثر ممَّا هو عند النساء، والعكس صحيح. 

وعندما بحثوا في نطاق أوسع عن فقدان أو تكرار قِطَع الحمض النووي (DNA) في الجينوم، وجدوا (4،285) مورثة مرتبطةً بالجنس منتشرةً في 15 صبغيًّا.

DNA analysis photo

كانت هناك اختلافات في وقت ظهور بعض الطفرات في أثناء تطور الورم أيضًا، ممَّا يشير إلى أنَّ بعض أنواع السرطان تتبع مسارات تطورية مختلفة بين الرجال والنساء.

وقد بحث Boutros (بطرس) وزملاؤه في أنماط معينة من تغييرات الحمض النووي (DNA) أيضًا، والتي يمكن أن تعكس في بعض الحالات مصدر الطفرة، فعلى سبيل المثال؛ يترك دخان التبغ  أثرًا معينًا في الحمض النووي (DNA).

صورة التدخين و السرطان

وقد وجد الفريق -إجمالًا- أنَّ ثمانية أنماط من الطفرات تحدث عند أحد الجنسين على نحو أكبر من الآخر بين أنواع السرطانات جميعها، وكانت (97٪) من عيِّنات النساء تَحمِل علامةً في الـ(DNA) تُميِّز العيوب في نظام إصلاح عدم التطابق، لكنَّ (89٪) من عينات الذكور احتوت على هذه الأنماط وحسب.

و في سرطان الكبد كان الفرق كبيرًا جدًا؛ إذ تحمل (88٪) من النساء هذه العلامة مقارنةً بنسبة (58٪) من الرجال.

صورة سرطان الكبد

التقسيم الوراثي:

يقول Boutros (بطرس): يشير هذا الارتباط إلى الاختلافات البيولوجية الأساسية في العمليات التي تُسبِّب الطفرات، والتي كانت مدهشة بالنسبة إلى فريقه، ويُضيف: "كنا نتوقَّع اختلافات في عدد الطفرات وليس في النوع، فعلى سبيل المثال؛ قد تكون النساء أكثر تأثُّرًا بدخان التبغ من الرجال، ولم نكن نتوقع ذلك"، ويشرح Boutros (بطرس) الذي نشر مختبرُه نسخةً مسبقة عن بحث الاختلافات المرتبطة بالجنس في نشاط المورثات داخل أورام الكبد عن أهمية الدراسة: "إنَّ النتائج مجتمعةٌ تُسلِّط الضوء على أهمية أخذ الجنس بعين النظر، لا في التجارب السريريةوحدها، بل في الدراسات ما قبل السريرية أيضًا، فإجراء هذا الأمر سيتيح  للباحثين -في النهاية- تَحديدَ مصادر عديدٍ من الاختلافات التي وجدناها.

ويُعدُّ سرطان الكبد أكثر شيوعًا عند الرجال بثلاثة أضعاف مقارنةً بالنساء في بعض الإحصائيات السكانية، ويزداد معدَّل الإصابة به في بعض البلدان، ويقول Buetow (بيوتو): "سيكون من المهمِّ -حقًّا- فَهْم المُسببات المرضية فهمًا أفضل من هذا"، ويقول: "نريد أن نَتَقدَّم و نصل إلى إجراءات وقائية وعلاجات."

المصدر:

هنا