البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية

سرطان الثدي.. هل سيمسي في مرامي النسيان؟!

سرطان الثدي هو نوعٌ من أنواع السرطانات التي تُصيب أنسجة الثدي، ويكون في القنوات؛ أي الأنابيب التي تحمل الحليب إلى الثدي عادةً، وهو سرطان قد يُصيب الرجال والنساء على حدٍّ سواء، ولكن إصابة الذكور نادرة الحدوث، وهو يشكِّل قرابة 22.9% من حالات السرطان الشائعة، وقد تسبَّب بموت 459,503 شخص في العالم. 

وتُعدُّ خلايا السرطان ذات طبيعة قليلة التمايز، وقد تحولت من خلايا عالية التمايز نتيجة طفراتٍ مختلفة، ويشكِّل بعضها النقائل عن طريق عمليتين متعاكستين؛ تُسمى الأولى التحول الظهاري الميزانشيمي epithelial-mesenchymal transition EMT وهي تفك فيه ارتباطها مع النسيج الذي تتوضع فيه فتغادره وتهاجر إلى نُسجٍ أخرى لتنشئ فيها ورمًا جديدًا، بينما تُدعى الثانية التحول الميزانشيمي الظهاري  MET mesenchymal epithelial transition، ويستخدم الجسم الآلية الأخيرة استخدامًا طبيعيًّا في حالات عديدة؛ مثل التطور الجنيني والتئام الجروح، وبها يبدأ نوع من الخلايا الجذعية التي يُطلق عليها اسم خلايا اللحمة المتوسطة (الخلايا الميزانشيمية) MSC بالتحول إلى الخلايا التي يحتاجها الجسم.

وفي محاولةٍ للاستفادة من وجود معلوماتٍ عن آليات تشكُّل النقائل السرطانية، نشرت مجموعة من الباحثين في سويسرا ورقةً بحثية تتحدث عن إمكانية استخدام هذه الآليات في تحويل خلايا سرطان الثدي إلى خلايا دهنية، وعلى الرغم من كَوْن هذه النتائج أولية، ولكنَّها تعطي آمالًا واعدة  في هذا المجال حقًّا.

وقد زُرِعت خلايا عدوانية من سرطان ثدي بشري في أنسجة فئران، وحُقِنت هذه الفئران فيما بعد بدواء خاص بعلاج السكري (روسيجليتازون rosiglitazone) وآخر خاص بعلاج السرطان (تراميتينيب trametinib)، وعلى إثر هذه المعالجة تحولت الخلايا السرطانية _في أثناء محاولتها تشكيل نقائل باستخدام إحدى الآليتين EMT أو MET _ إلى خلايا دهنية في عمليةٍ تُسمى بتكوُّن الشحم adipogenesis.

وننقل عن لسان المؤلف والمشارك الأساسي (جيرهارد كريستوفوري Gerhard Christofori) عالم الكيمياء الحيوية بجامعة بازل بسويسرا: "خلايا سرطان الثدي التي استخدمت آلية EMT لتشكيل نقائل لم تتمايز إلى خلايا دهنية وحسب، بل  توقفت أيضًا عن التكاثر."

إضافةً إلى أنَّ الفريق أشار في بحثه إلى أنَّه على الرغم من عدم استجابة الخلايا جميعها للعلاج، فإنَّ الخلايا السرطانية التي تحولت إلى خلايا دهنية لم تعد إلى طبيعتها السرطانية، وأكد أنَّ العلاج المُستخدم قد ثبَّط تشكُّل النقائل عند عدة فئران ضمن المرحلة ما قبل السريرية لسرطان الثدي. 

أما عن آلية تآزرالدواءين للوصول إلى هذه النتيجة، فقد أوضح الباحثون أنَّ عقار (trametinib) يعمل على تحفيز كلٍّ من عملية تحول الخلايا السرطانية إلى جذعية ثم تحولها لاحقًا إلى خلايا دهنية أيضًا.

أما بالنسبة إلى عقار (Rosiglitazone) الذي لم يكن بالأهمية ذاتها، ولكنَّه بتآزره مع (trametinib) ساعد على تحويل الخلايا الجذعية إلى دهنية أيضًا.

توضح الصورة في الأعلى هذه العملية؛ إذ تُظهر الصورة إلى اليسار الخلايا الدهنية موسومةً باللون الأحمر والخلايا السرطانية موسومة باللون الأخضر.

أما يمينًا، فتُظهِر الخلايا السرطانية المتحولة إلى خلايا دهنية باللون البني اندماجَ اللون الأحمر للخلايا الدهنية باللون الأخضر للخلايا السرطانية.

ونعلم أنَّ عديدًا من الأدوية المُجرَّبة على الفئران لم تصل إلى مرحلة التجارب السريرية على البشر؛ ولكنَّ الأمر المميز في هذه الدراسة هو إظهار هذا العلاج لفعالية على خلايا سرطانية بشرية، إضافةً إلى قبول أساسي لإدارة الغذاء والدواء FDA لهذين الدواءين، وهذا ما يسهل نقل هذا العلاج إلى مرحلة التجارب السريرية على البشر.

ولا يزال الفريق في هذه الأثناء في صدد البحث عن كفاءةِ عمل هذا العلاج بالاقتران مع العلاج الكيميائي المُعتاد، وعن مقدرته على التأثير في أنواع أخرى من السرطان. 

المصادر:

1- هنا

2- هنا30573-7