الطبيعة والعلوم البيئية > ورقو الأخضر شهر أيلول

أهمية الغطاء النباتي

وُجدَ الإنسان في كنَف الطبيعة، يتنفّس أكسجين هوائها، معتمِداً على منتجات غاباتها جزءاً حيوياً من تفاصيلِ حياته كافةً، فما أهميّة وجود الغطاء النباتيّ في بيئتنا؟ وما التهديدات التي تعترضه؟

تعدّ الغابات ضرورةً لحياة الإنسان على كوكب الأرض، فيعيش ثلاثمئة مليون شخص في جميع أنحاء العالم فيها، مُوفِّرةً مجموعةً واسعةً من الفوائد محلياً وعالميّاً؛ يعتمِد بعضها على بقاءِ الغابات بعيداً عن متناول الإنسان، وتكمن أهمية الغابات في أهميتها البيئية، والحفاظ على التنوع الحيوي والتنوع الوراثي، والتخفيف من التغير المناخي العالمي، وتوفير المسكن والأهمية الاقتصادية.

الأهمية البيئية

للغابات والأراضي الحراجية دور مهم في حماية البيئة، فتربط جذور الأشجار التربةَ وتحميها من التآكل والانجراف في المنحدرات الشديدة، ثم إنها تساعد على تنظيم معدل ذوبان الثلوج وتقليل خطر الانهيارات الثلجية، فضلاً عن دورها مصدَّاً للرياح، ومساهمتها في ارتشاح مياه الأمطار وعودتها إلى التربة وتخزينها مياهاً جوفيّةً، إضافةً إلى استخدامها في الأنظمة الزراعيًة للحفاظ على خصوبة التربة عن طريق إعادة تدوير العناصر الغذائيّة التي تمتصها الجذور من التربة إلى طبقاتها العليا بعد تحلّل أوراق الأشجار المتساقطة.

ولا تُخفى على أيٍّ منّا فائدتُها في توفير الظلِّ وتعديل المناخ، وبات يُستفاد من ذلك حالياً في السياحة البيئية.

الحفاظ على التنوع الحيوي والتنوع الوراثي:

تشكِّل الغابات موئلاً لكثيرٍ من الأنواع النباتية والحيوانية والفطريات والجراثيم، وهي موطن ل 80% من التنوع الحيوي الأرضي العالمي، فتضمّ أشكال الحياة المختلفة بتنوع أدوارها وغناها الوراثي (الذي يُؤمِّن حمايتها من الآفات وتغيّر المناخ)، وتنوعها الحيوي؛ إذ تُشير التقديرات إلى أن الغابات الاستوائية تحوي على ما لا يقلُّ عن 50%  -وربّما أكثر- من جميع الأنواع الحية على هذا الكوكب، متضمنة نسبة كبيرة من النباتات العليا والثدييات.

التخفيف من التغير المناخي العالمي:

تمتصُّ الأشجار غازَ CO2 (المسؤول الرئيس عن ظاهرة الاحتباس الحراري) في أثناء عملية التمثيل الضوئي، ويكون امتصاص الكربون أكبر في السنوات الأولى من عمر الأشجار عندما يصل معدّل نموّها إلى الحد الأقصى، ويتناقص مع وصولها إلى مرحلة النضج. فتعمل أشجار الغابة مخزناً للكربون، وتُعدُّ مناطق زراعة الغابات المطلوبة للتأثير في كمية غاز CO2 في الغلاف الجوي هائلة. فتُشير إحدى الدراسات إلى أن الزيادة السنوية الصافية الحالية في الكربون في الغلاف الجوي (قرابة 3000 مليون طن) يمكن عزلها في 465 مليون هكتار تقريباً من غابات المزارع مدة 30 عاماً تقريباً. ويُقابل زيادة قدرها أكثر من 10 في المائة في المساحة الحالية لجميع الغابات على سطح الأرض أو بزيادة تزيد على أربعة أضعاف مساحة المزارع الحالية في العالم لتجنيب الزيادة السنوية الصافية الحالية في الكربون في الغلاف الجوي. ولكن يعتمد هذا التقدير الهائل على فرضيّة معدل نمو سنوي بمقدار 15 متر مكعب لكل هكتار في العام؛ وهو أمر غير مرجّح الحدوث في المناطق المعتدلة.

لذلك؛ إذا لم تُتّخذ الإجراءات اللازمة للحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة من جميع المصادر، فقد يتسبّبُ ذلك بعواقب بعيدة المدى على غابات العالم؛ إذ يمكن أن تؤدي الزيادة في الكربون في الغلاف الجوي وارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة معدلات النمو، وكذلك يمكن أن تتقدّم النطاقات الطبيعية للعديد من أنواع الأشجار إلى خطوط عرض أعلى أو ارتفاعات أعلى مع زيادة درجات الحرارة. ومن ناحيةٍ أخرى، ستُصبح تلك الغابات أكثر عرضة لضرر الحرائق والحشرات والتلوث والأمراض، إضافةً إلى تقليل التباين الوراثي كثيراً؛ مما يترك فقط الأنماط الوراثية الأكثر مقاومةً، ويمكن أن تُفقَد مساحات واسعة من الغابات وأنواع من الأشجار.

توفير المسكن:

توفِّر الغابات والأراضي الحراجية مسكناً لأكثر من 200 مليون شخص في المناطق الاستوائية، ويعتمدُ عليها أكثر من 1.6 مليار بصفتها مصدرَ دخل.

الأهمية الاقتصادية:

 كان يُنظَر إلى الغابات على أنها وحدات لإنتاج الأخشاب والفحم في المقام الأول (تبلُغ قيمة التجارة الدولية في الأخشاب بأشكالها المختلفة قرابة 36000 مليون دولار سنويّاً، تأتي 10000 منها تقريبًا من صادرات الدول النامية)، في حين أُشيرَ إلى المنتجات الأخرى باسم المنتجات الحرجية الصغيرة؛ إذ تشمل المنتجات الحراجية غير الخشبية: النباتات الطبية، الألياف، الأصبغة، الأعلاف الحيوانية، وغيرها مما قد يكون ذا أهميّة تجاريّة محليّاً؛ إذ تُتَداول في الأسواق والمحلات التجارية أو تُرسَل إلى المدن والبلدان الكبرى، فبعض هذه المنتجات هي سلعُ تصديرٍ قيِّمة؛ وهي تشمل الصمغ والراتنج، والبامبو، والمطاط، والزيوت المختلفة، وزيت التربنتين، ومواد الدباغة، والعسل، والتوابل، ولحاء وأوراق الأشجار، والنباتات الطبيّة، ومستحضرات التجميل.

ويُمكن للحياة البرية في الغابات أن تقدّم مساهمة كبيرة في الإمدادات الغذائية، فوجدت الدراسات الاستقصائية أنّ الحياة البرية للغابات في بعض الدول الأفريقية تُؤمّن ما بين 70% إلى 90% من إجمالي البروتين الحيواني المستهلَك.

تتهدد الغابات في وقتنا الحالي بالكثير من المخاطر التي تُنذرُ بتدهورها، وتُزال بأشكالٍ مختلفة: أولها الحرائق، وتربية الماشية، واستخدام أخشابها ومُنتجاتها في الصناعة، واستخدام المبيدات، وتطهير الأراضي بغرض تهيئتها للسكن، وليس آخرها التغير المناخي وفقدان التنوع الحيوي والوراثي.

وعلى الرغم من اعتمادنا على الغابات في غذائنا وهوائنا واقتصادنا؛ لكننا نُسيءُ عنايتها ونُغرقُ في نشاطنا دون توقف، على الرغم من مناشدات المنظمات الدولية وتقاريرها المستمرة وقرعها ناقوس الخطر؛ الأمر الذي يُحتِّم على كل فردٍ التفكير بمستقبل وجوده وحياة هذا الكوكب.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا