الطب > مقالات طبية

انسداد القناة الدمعية

تنتج الغدد الدمعية الدموع، وتوجد هذه الغدد في الجزء العلوي الخارجي من الجفن العلوي، وعادةً تتدفق الدموع من الغدد الدمعية لتغطي سطح العين، ثم تُصرَّف الدموع داخل النقاط الدمعية التي توجد داخل زوايا العين في الجفون العلوية والسفلية.

وبعد ذلك، تُنقَل الدموع عبر القنيات الدمعية إلى كيس يقع مكان اتصال الجفون بجانب الأنف (كيس الدمع)، ومن هناك تنتقل الدموع نحو الأسفل إلى مجرى القناة الدمعية الأنفية لكي تُصرَّف داخل الأنف، وبمجرد الدخول إلى الأنف يُعاد امتصاص الدموع.

يمكن أن يحدث الانسداد في أية نقطة داخل نظام تصريف الدموع، وعند حدوث ذلك لا تُصرّف الدموع بطريقة صحيحة؛ مما يجعل العينين مليئتين بالدموع، ويزداد خطر إصابة العين بالعدوى والالتهابات.

يولد العديد من الأطفال مع انسداد القناة الدمعية، وعادة ما تُفتَح القنوات الدمعية المسدودة لدى الأطفال باستخدام علاج بسيط أو دون علاج يُذكَر بحلول الوقت الذي يبلغ فيه الطفل عامًا واحدًا.

يُعدّ انسداد القناة الدمعية أكثر اضطرابات الجهاز الدمعي شيوعًا، ويكون انتشار هذه الحالة قرابة 6٪ إلى 20٪ عند الرضع. 

هناك نسبة عالية من الشفاء التلقائي لانسداد القناة الدمعية الخلقي؛ إذ إن قرابة 70٪ من الأطفال المصابين يتخلصون من الأعراض قبل عمر 3 أشهر، ويتعافى أكثر من 90٪ من الأطفال بحلول عيد ميلادهم الأول.

أما الحالات التي تستمر أكثر من 12 شهرًا، فمن المحتمل أن تتطلب فحص القناة الدمعية.

وقد أظهرت دراسة أُجريت على المرضى الذين يعانون انسدادًا أنفيًّا دمعيًّا واضحًا -أي الذين لم يستجيبوا لاثنين أو أكثر من التداخلات العلاجية- أنّ سبب الانسداد لدى قرابة 35٪ منهم هو انسداد في المجرى الدمعي الأنفي، ولدى 15٪ منهم هو عدم تخلق في القناة الدمعية، ولدى 10٪ منهم هو النواسير الخلقية، في حين كان السبب لدى 5٪ منهم العيوبَ القحفية الوجهية.

الأعراض:

قد يعاني الطفل زيادةَ إفراز الدموع أكثر من المعتاد (حتى عندما لا يبكي)، وجلبات جافة على الرموش، واحمرارًا خفيفًا أو تهيج العينين أو تورم الجفون.

عادة ما تظهر الأعراض لدى الأطفال المصابين بين الولادة و12 أسبوعًا من العمر، ولكن؛ لا تظهر المشكلة أحيانًا حتى تصاب القناة الدمعية بالعدوى بسبب نمو الجراثيم داخل القناة المسدودة، وتشمل علامات العدوى:

نزح مخاط أصفر أو أخضر من العين، واحمرار العين، وتورم الجفون.

وقد تتفاقم الأعراض بعد الإصابة بالبرد أو التهاب الجيوب الأنفية، كذلك قد تكون أكثر وضوحًا بعد التعرض للبرد أو الرياح أو أشعة الشمس. 

الأسباب:

يولد الأطفال أحيانًا وهم يعانون انسدادَ القناة الدمعية بسبب عدم انفتاح قطعة من الأنسجة التي تغطي القناة لدى الولادة ، ولكن؛ عادة ما تفتح من تلقاء نفسها في غضون بضعة أشهر. كذلك إن أحد أقل أسباب الانسداد شيوعًا هو عدم تشكل نظام تصريف الدموع على نحو صحيح في الرحم.

ويحدث الأسباب لدى البالغين لأسباب كثيرة، منها:

- حدوث تضيق في الثقوب الموجودة في زوايا العينين (النقاط الدمعية) بسبب العمر.

- حدوث كسور في الأنف تترك أنسجة متندبة تضغط على القناة الدمعية.

- الأورام الحميدة (البوليبات) في الأنف التي يمكنها أن تسد القناة.

- التهاب الملتحمة (الرمد الساري)؛ وهو أحد أنواع العدوى الشائعة التي يمكن أن تسبب الانسداد.

- وجود ورم يضغط على جهاز تصريف الدموع.

- جراحة الجيوب الأنفية المدمّرة للقنوات الدمعية التي تنزح الدموع إليها.

عوامل الخطر:

- العمر والجنس: تكون النساء الأكبر سنًّا أكثر عرضة لخطر الإصابة بسبب التغيرات المرتبطة بالعمر.

- التهاب العين المزمن: إذا كانت العينان متهيجتين ومحمرّتين وملتهبتين باستمرار، فالمريض أكثر عرضة للإصابة.

- جراحة سابقة: قد تتسبب الجراحة السابقة للعين أو الجفن أو الأنف أو الجيوب الأنفية في حدوث بعض الندوب في القناة؛ مما قد يؤدي إلى انسدادها في وقت لاحق.

- الزَرَق: غالبًا ما تُستخدَم الأدوية المضادة للزرق موضعيًّا على العين، وعند استخدام هذه الأدوية سيصبح المريض أكثر عرضة للإصابة.

- علاج سرطان سابق: إما باستخدام العلاج الشعاعي وإما العلاج الكيمياوي، ولا سيما إذا كان الإشعاع يتركز على الوجه أو الرأس. 

المضاعفات:

لمّا كانت الدموع لا تُصرَّف بالطريقة الصحيحة؛ فإنها تبقى في القناة وتصبح راكدة، وهذا بدوره ينشط نمو البكتيريا والفيروسات والفطريات؛ مما يزيد احتمالية إصابة العين بالعدوى والالتهاب المتكررين.

التشخيص:

يشخص طبيب العيون بإجراء الفحص الطبي الكامل للعين ومعرفة التاريخ الطبي للمريض.

يستخدم أخصائيو العيون اختبارات معينة لفحص نظام تصريف الدموع في حال كان مسدودًا؛ إذ يُدخَل سائل خاص في فتحة القناة الدمعية المصابة، وإذا لم يتذوق المريض هذا السائل في الحلق فيُشخَّص انسداد القناة.

ويمكن إجراء اختبار اختفاء الصبغة أيضًا للمساعدة على تأكيد التشخيص؛ إذ يضع الطبيب قطرة واحدة من محلول ملحي (الفلوريسين) في الردب السفلي لعين المريض، وينتظر 5 دقائق ثم يفحص العين. علمًا أنه يجب أن يُصرَّف الفلورسين بالكامل في الأنف في غضون 5 دقائق إذا كان نظام التصريف الدمعي سليمًا لا يحوي أي عائق.

وقد تشمل الاختبارات الأخرى الأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب لمنطقة القناة الدمعية.

العلاج:

قد يحتاج المريض أكثرَ من علاج قبل انفتاح القناة الدمعية المسدودة بالكامل، وفي حال الاشتباه بوجود عدوى فمن المُحتمَل أن يصف الطبيب المضادات الحيوية.

وكما ذكرنا، يتحسن عديدٌ من الأطفال الذين يعانون انسداد القناة الدمعية الخلقي من تلقاء أنفسهم في الأشهر القليلة الأولى من الحياة بعد نضوج جهاز تصريف الدموع أو فتح الغشاء الزائد الذي يغطي القناة الدمعية. كذلك قد يوصي الطبيب أحيانًا باستخدام تقنية التدليك للمساعدة على فتح الغشاء الذي يغطي الفتحة السفلية في أنف الطفل، فالغرض من التدليك هو الضغط على الكيس الدمعي لفتح الغشاء في أسفل القناة الدمعية.

وفي معظم الحالات التي يحدث فيها انسداد القناة الدمعية نتيجة إصابة في الوجه، يبدأ نظام تصريف الدموع بالعمل من تلقاء نفسه بعد بضعة أشهر من الإصابة، وليس هناك حاجة إلى علاج إضافي، وقد يوصي الطبيب بالانتظار بضعة أشهر بعد الإصابة قبل التفكير في التدخل الجراحي لفتح القناة المسدودة.

وفيما يخص الأطفال الصغار الذين لا تفتح القناة المسدودة لديهم من تلقاء نفسها، أو البالغين الذين لديهم قناة مسدودة جزئيًّا أو تضيق جزئي في النقط الدمعية؛ يمكننا اللجوء إلى تقنية تستخدم التوسيع والجس والإرواء؛ إذ تُستخدَم أداة لتوسيع الفتحات الدمعية ويُوجّه مسبار ضيق عن طريق النقاط الدمعية إلى داخل نظام تصريف الدموع، ثم إلى داخل فتحة الأنف، ومن ثم تُزال هذه الأداة، ليُغسَل بعدها جهاز تصريف الدموع بمحلول ملحي لإزالة أي انسداد متبقٍ.

أما التوسيع بالقسطرة البالونية فيفتح ممرات تصريف الدموع التي تكون متضيقة أو مسدودة بالندبات أو الالتهابات، ونحتاج في هذه الحالة إلى تخدير عام.

وهناك إجراء يسمى الدعامات أو التنبيب، ويُستخدَم فيه أنابيب صغيرة لفتح الانسداد والتضيق، ونحتاج هنا إلى التخدير العام عادة.

وإضافة إلى ما سبق؛ هناك مفاغرة كيس الدمع، وهي عملية جراحية تُستخدَم عادة لعلاج معظم حالات انسداد القناة الدمعية لدى البالغين ونادرًا لدى الأطفال، وتخلق هذه التقنية طريقًا جديدة للدموع لتُصرّف عبر الأنف على نحو طبيعي عن طريق تشكيل اتصال جديد بين كيس الدمع والأنف.

وقد توضع الدعامات أو التنبيب في المسار الجديد في أثناء فترة الشفاء، ثم تُزال بعد ثلاثة أو أربعة أشهر من الجراحة. 

أما إذا كان وجود ورم هو سبب انسداد القناة الدمعية، فقد تُجرى عملية جراحية لإزالة الورم، أو قد تُستخدَم علاجات أخرى لتقليصه.

وفي العادة تكون الجراحة هي الخيار المفضل، وذلك على الرغم من عدم اللجوء إليها عادةً إلا بعد تجربة العلاجات الأخرى.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا