التعليم واللغات > سؤال وجواب

هل يؤثر استخدام اللغة الأجنبية المنتظم تأثيرًا حتميًّا في اللغة الأم؟

لاحظ معظم الأشخاص الذين يحاولون تعلم لغة ثانية أو يتفاعلون مع أشخاص غير ناطقين بها أنّ الطريقة التي يتحدث بها الأشخاص غير الناطقين بلغتهم الثانية متأثرة بلغتهم الأم، ومن المحتمل أن تكون لديهم اللكنة الأجنبية، وقد يستخدمون كلمات غير مناسبة أو بنية نحوية غير صحيحة، لأن تلك الكلمات أو تلك البنية تُستخدم بهذه الطريقة في لغتهم الأم. إنَّها ظاهرة أقل شهرة ولكنها شائعة وهي تأثير اللغة الأجنبية التي نتعلمها في لغتنا الأم.

غالبًا ما يجد الأشخاص -الذين يبدؤون استخدام لغة أجنبية بانتظام- أنفسهم يكافحون لتذكر الكلمات عند استخدام لغتهم الأم، وإنَّ التأثيرات الشائعة الأخرى هي استعارة الكلمات أو الاقتباسات. على سبيل المثال؛ قد يُدخِل الناطقون باللغة الإنجليزية كلماتٍ إنجليزية في المحادثة الهولندية، أو ربما يجدون أنفسهم يستخدمون ترجمة حرفية للمصاحبة اللفظية (أو المتلازمة اللفظية) من مثل (taking a picture) في أثناء التحدث بلغتهم الأم، حتى لو كانت لغتهم الأم لا تستخدم الفعل "Take" للتعبير عن هذا الفعل (المرتبط بالتصوير). وتُظهر الدراسات التي أجريت على مدار العقدين الماضيين أنَّ الأشخاص الذين يظهرون مثل هذا التأثير على جميع المستويات اللغوية -كما هو موصوف أعلاه- قد يستعيرون كلمات أو تعبيرات من لغتهم الثانية، لكنهم قد يستعيرون أيضًا هياكل نحوية أو يطورون لهجة غير أصلية في لغتهم الأم. عمومًا أظهرت الأبحاث أنَّ جميع اللغات التي نتَحدثها تتنشط دائماً؛ مما يعني أنه عندما يتحدث شخص هولندي باللغة الألمانية فإنَّه لا يستخدم لغته الألمانية فحسب، بل إنّه يستخدم اللغة الهولندية أيضًا إضافة إلى أية لغة أخرى يتحدث بها الشخص في الوقت نفسه، ومن المرجح أن يعزز هذا التعاون التأثير اللغوي المتداخل.

فهل يؤثر تَعلُّم لغة أجنبية بالضرورة في اللغة الأم على جميع المستويات اللغوية؟ إلى حدٍّ ما؛ ولكن ثمّةَ اختلافات فردية كبيرة، إذ يزداد التأثير كلما ازداد استخدام اللغة الأجنبية، ولا سيّما إذا مورست بانتظام مع الناطقين الأصليين بتلك اللغة (كما هي الحال عند الانتقال إلى بلد أجنبي).

يزداد هذا التأثير عند المهاجرين أيضًا بمرور الوقت؛ فمن المحتمل أن يظهر تأثير أكبر في لغة المهاجرين بعد 20 عامًا مقارنةً بها بعد عامين. وعلى الرغم من وجود تأثير كبير في الفترة الأولى من استخدام لغة أجنبية بانتظام، تشير بعض الدراسات أيضًا إلى أن الاختلافات بين الأفراد في بعض القدرات المعرفية -مثل القدرة على قمع المعلومات غير ذات الصلة- قد تسهم في حجم تأثير اللغة الثانية في اللغة الأم، ومن المهم أن يُشار إلى أنَّ بعض هذه التأثيرات بسيطةٌ نسبيًّا ولا يمكن اكتشافها حتى في التواصل العادي.

 

المصادر:

هنا

 Cook، V. (Ed.). (2003). Effects of the second language on the first. Clevedon: Multilingual Matters.