العمارة والتشييد > العمارة المستدامة

التهوية الطبيعية

تُعرف التهوية الطبيعية للمباني بعملية تزويد المبنى بالهواء وإخراجه منه نتيجة فرق الضغط بين الهواء الساخن والبارد، أو نتيجة حركة الرياح وتوجيه المبنى وتوجيه الفتحات فيه وحجمها.

أمثلة عن المشاريع التي تبنت بعض مفاهيم التهوية الطبيعية:

أولاً - التهوية الطبيعية العابرة Cross Ventilation: تحدث عند فتح نوافذ متقابلة أو متجاورة في الجدران؛ ممَّا يسمح للهواء بالتدفق داخل المبنى، وتُستخدم هذه الطريقة في المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة، إذ يتغير الهواء داخل المبنى باستمرار ممَّا يؤدي إلى تجديده، والتقليل من درجة الحرارة الداخلية.

ومن أبرز المشاريع التي استخدمت التهوية الطبيعية العابرة Lee House by Studio MK27 في البرازيل الذي تسمح إطارات نوافذه بالفتح الكامل على جدارين متقابلين فيؤمن تهويةً وفيرة، ويساهم في الموازنة الحرارية عن طريق تغييرات الهواء المستمرة.

ثانياً -التهوية الطبيعية المُحرَّضة Induced natural ventilation: هي الحثُّ الحراري المستخدم في تبريد الهواء، فالهواء الدافئ أخف من الهواء البارد، لذلك يرتفع الهواء الدافئ وينخفض ​​الهواء البارد في نظام التهوية هذا، وتوضع الفتحات بالقرب من الأرض ليدخل الهواء البارد إلى الفراغ فيدفع الهواء الدافئ إلى الأعلى، وتوضع منافذ الهواء في السقف مثل مناور الكنائس الجنبية والسقائف.

يُعدُّ مستشفى سارة كوبيتشيك  Sarah Kubitschek  في سلفادور في البرازيل مثالًا رائدًا صمَّمه المهندس المعماري البرازيلي جون فيلغييراس ليما João Filgueiras Lima، إذ استخدم أسقفًا معدنيةً منحنيةً بتباعداتٍ مختلفة وكبيرة ومتكررة -كما يتضَّح في المقطع- وتسمح هذه الأسقف بالتهوية عن طريق إطلاق الهواء الدافئ والشوائب من الفتحات العلوية.

وقد استُخدم هذا الأسلوب لتجنُّب استخدام أنظمة التهوية العابرة Cross Ventilation في مباني الرعاية الصحية، إذ يمكن أن تسبِّب انتقال البكتيريا عبر الهواء.

ثالثاً-  تأثير المدخنة Chimney Effect: يستخدم في المباني العمودية؛ إذ يضغط الهواء البارد أسفل الهواء الدافئ ممَّا يدفعه إلى الصعود نحو الأعلى كما في التهوية المُحرَّضة Induced ventilation ولكنَّ المباني التي تستخدم تأثير المدخنة تسمح للهواء بالتحرُّك والتأثير في الجو الداخلي، ثمَّ الخروج من السقف أو من الفتحات أو من مداخن الرياح.

ومن الأمثلة عن هذا النظام قبَّة البرلمان الألماني الجديد التي صمَّمها نورمان فوستر، بشكل القمة والزجاج الخارجي مع المخروط المقلوب والصفائح المعكوسة نحو المركز، ممَّا يسمح بدوران الهواء في المبنى وخروجه عن طريق فتحة في الأعلى.

في تشييد المقر الجديد لشركة التطوير العمراني (EDU) سمحت القشرة الخارجية للمبنى المكوَّنة من عناصر مسبقة الصنع عالية الجودة بإنشاء مدخنةٍ شمسيةٍ داخليةٍ لإدخال الهواء الخارجي البارد، وذلك باستخدام مواد بسيطة تسمح بالتحكم بالكتلة الحرارية بمفاهيم ديناميكية حرارية، ممَّا يؤدي إلى حدوث تغيير في درجة حرارة الهواء، من البارد نحو الدافئ، وخلق تيارات هوائية في أماكن العمل.

رابعاً -أنظمة التبريد بالبخارevaporative cooling system: التي استُخدِمت في أعمال لو كوربوزييه في شانديغار، وأعمال أوسكار نيماير في برازيليا، وتعتمد على توضع  المسطَّحات المائية الكبيرة والبحيرات في منحى الاتجاه السائد للرياح، وتعتمد أيضًا على جعل فتحات الأبنية موجهةً نحوها، فيتدفَّق الهواء فوق المسطَّح المائي ويُشبَع بالرطوبة ليصبح منعشًا في المناخات الجافة.

خامساً – الكاسرات الشمسية Brises Soleil or Sun Breakers:  إحدى الآليات الممتازة لضمان التهوية الطبيعية، إذ يمكن أن تضمن جودة الحرارة الداخلية عند تصميمها ووضعها بالاتجاه المناسب للرياح، إضافةً إلى وظيفتها بالتحكم في الإضاءة الشمسية، وتوجد بأشكال عديدةٍ وكثيرة كالمشربية والصفائح المثقَّبة وغيرها.

سادسًا – الملقف أو البادجير Wind Tower: يعتمد على مبدأ التهوية بالتكدس stack ventilation، وهو عبارة عن مدخنةٍ ترتفع أعلى المبنى وتُفتح في مواجه الرياح السائدة وتقوم بالتقاف الهواء وتمريره إلى الفراغ الموصولة به في الأسفل، ومن الممكن أن يضم المجرى في نهايته مياهً باردةً تجري في قنواتٍ خاصة تحت أرضية المباني. وقد استُخدم في المناطق ذات الحرارة العالية كالمناطق العربية وآسيا، وطُوِّر كثيرًا واستخدمه العديد من المعماريين في تصاميمهم.

 

سابعًا - الحواجز Barriers: وتنقسم إلى نوعين؛ حواجز أفقية وحواجز شاقولية.

الحواجز الأفقية: تعتمد على مبدأ التهوية العابرة، ويجب أن يؤخذ توزيع الأثاث في الغرفة بالحسبان في عملية التصميم.

الحواجز الشاقولية: يجب عدم وضع المساحات التي تحقق مكاسب حرارية عالية مثل المطبخ في الطابق العلوي في منزلٍ مكوَّنٍ من طابقين، وتؤثِّر الارتفاعات المختلفة للفتحات والحواجز؛ الجدران أو العتبات أو الألواح أو الأثاث مباشرةً في مستوى وسرعة التهوية.

لم نستطع في مقالنا هذا أن نستعرض إلَّا جزءًا بسيطًا من تقنيات التهوية الطبيعية، إذ يحتاج المصمِّمون إلى معلوماتٍ نوعية وكمية عن التفاعلات بين خصائص المباني والتهوية الطبيعية من أجل تصميم أنظمة التهوية التي تتوافق مع مبدأ الطاقة المنخفضة، وتتضمَّن المعلومات النوعية مفاهيم التصميم ومعايير التصميم؛ أمَّا المعلومات الكمية فتتضمَّن التقنيات الحسابية لتحديد بارامتر المناخ وتغيير مقاسات الفتحات وتقدير معدل تدفق الهواء، وطرق التقييم لاختيار التقنيات المناسبة، فما رأيك في إشراك التهوية الطبيعية في العملية التصميمة لتكون جزءًا من عملية التصميم المستدام؟

المصادر:

 هنا

هنا

هنا