كتاب > روايات ومقالات

مراجعة رواية (موسم صيد الغزلان): بين الحقيقة والخيال

تُعدُّ روايات (أحمد مراد) من أكثر الروايات قراءةً؛ سواءً كانت تلك القراءة بدافع المحبة أو بدافع الفضول والنقد الذي يَصِل إلى حدِّ التهجُّم على الكاتب وما يكتبه، وقد تَحوَّل عدد من رواياته إلى أعمالٍ تلفزيونية وسينمائية كـ(فيرتيجو) التي حصلت على جائزة البحر المتوسط الثقافية من إيطاليا، و(تراب الماس) والرواية الأشهر (الفيل الأزرق)، وقد عمل في التصوير وتصميم أغلفة الكتب أيضًا.

وتدور أحداث رواية (موسم صيد الغزلان) في المستقبل؛ إذ ستكون الطائرات الخاصة هي وسيلة النقل، وسيتمكَّن الناس من استبدال أعضائهم التالفة بأخرى صناعية وحتَّى الرؤوس.

وهنا يتساءل بطلنا في ظل وجود تلك الإمكانيات التي تجعلنا نستبدل أيَّ عضو يتلَف من أعضائنا عمَّا يمكن أن يبقى في الإنسان ليؤكِّد أنَّه هو الذي كان منذ عشر سنوات نفسه؟

 بالإضافة إلى أنَّ هناك عدسات لاصقة تستطيع بواسطتها جمع المعلومات عن أيِّ شخص وأيِّ شيء، وسيكون استخدام الروبوتات شائعًا جدًّا حتى في الأعمال المنزلية، وبالنسبة إلى الجو فإنَّ التلوُّث سينال منه بأعلى درجة، وسوف يَجِفُّ نهر النيل؛ ممَّا يضطرُّ الناس لشراء المياه النظيفة بأسعار باهظة.

ونتعرَّفُ إلى بطلنا (نديم)؛ دكتور علم النفس التطوُّري، والشاب المُلحد الذي يُلقي المحاضرات التي تُثبِت -حسب رأيه- وجهة نظره الإلحادية، ويسعى دومًا إلى إثبات تلك الرُّؤية، وكان من هواياته صيد الغزلان (النساء) أيضًا، وقد التقَى في إحدى محاضراته (تاليا) امرأةً حمراء الشعر كان قد رآها في حلمه؛ ممَّا يدفعه إلى التَّعرف إليها وإلى زوجها (طارق) الذي كان موجودًا في المحاضرة أيضًا، وتنشأ بينهما صداقة سريعة على الرغم من اختلاف وجهة نظرهما؛ فــ(طارق) يُؤمِن بوجود الإله على عكس (نديم)، ولكي يُثبِت (طارق) لـ(نديم) وجهة نظره دعاه إلى منزله الذي يُطلِق عليه اسم (الملاذ)، وهو منزلٌ على الطراز القديم وفي حيٍّ قد هجَره الناس منذ سنين، ويتطلَّب دخول الملاذ والإقامة فيه خَلْع تلك العدسات والتعايش بدونها كما كان الناس من قبل.

فتثيره التجربة عندما يرى حالةَ السكون التي وجد عليها المقيمين في الملاذ ويرى أنَّ التجربةَ قد تُسهِّل عليه مهمة صيد (تاليا) أيضًا.

ونجد في الملاذ ثلاث غرف وتتطلَّب الإقامة هناك المرور على تلك الغُرف، وسنترك لكم هنا اكتشافَ تلك الغرف وكيفية عملها، وقد ترغب -عزيزي القارئ- في تجربة تلك الغرف والإقامة في مكانٍ يشبه الملاذ؛ إذ كانت تلك التجربة غريبة ومثيرة للفضول تجاه المعرفة التي قد تكون ممتعةً، وقد تكون مُريبة ومُزعِجة.

وقد كان (نديم) متزوجًا من (مريم)؛ المريضة بداء رئويٍّ سببه غير معروف، ولم تُشفَ منه حتَّى بعد أن استبدلت رئتيها برئتين صناعيَّتين.

وكانت (مريم) تتابع عالم الأبراج ومسارات النجوم والكواكب، وكانت لا تخرج من منزلها قبل أن تستقصي عن أحوالها، وذلك وفقًا لنصيحة طبيبها بأنَّ عليها أن تجد ما يشغل وقتَ فراغها؛ فأرضت شَغفها بأخبار الأبراج والتنجيم وأخبار الفنانين، ورَبْط ما يحدث في حياة هذا الفنان أو تلك الفنانة بما قد يقوله برجه، وقد اتَّسَمت العلاقة بين نديم ومريم بالبرودة، فكلٌّ منهما مشغولٌ بعالمه واهتماماته الخاصَّة.

وعلى الجانِب الآخر، نُلاحظ أنَّ علاقة (طارق) و(تاليا) تتَّسم بالغرابة، فعلى الرغم من الحب الظاهر في علاقتهما ولكنَّنا نجد (تاليا) تتصرَّف بطريقة مريبة، فكيف يمكن أن تكون مُحبَّةً لزوجها وتتصرَّف بتلك الطريقة! إلى أن نكتشف المفاجأة في نهاية الرواية؛ النهاية التي تتَّسم بشيء من الارتباك الذي يجعلها قد لا تُفهَم من أول مرة.

إنَّ أسلوب (أحمد مراد) يتَّسم بالسلاسة، ويَصلُح للدراما التلفزيونية والأفلام السينمائية أكثر من الأعمال الأدبية، وتبعًا لذلك، فإنَّ الرواية قد تفتقر إلى الاعتبارات التي تتجاوز كونها قصةً مُسلية ومُشوقة ومُثيرة للفضول.

معلومات الكتاب:

مراد، أحمد، موسم صيد الغزلان، القاهرة، الشروق، ط1، 2017. عدد الصفحات: 333.