الطب > ‏معلومة سريعة‬

هل تؤثر ساعات العمل والمناوبات الطويلة في جودة رعاية المرضى؟

ترتبط فكرة راحة الطبيب وساعات عمل أقل له بتحقيقه نتائج أفضل على صعيد العناية بمرضاه، ولكن؛ هل هناك علاقة حقيقية بين زيادة ساعات عمل المقيمين وتحقيقهم نتائج أفضل على الأصعدة كافة؟ وماذا إن كان تقليل ساعات المناوبات له تأثير في كفاءة الطبيب مستقبلًا بعد انتهاء تدريبه في المشفى؟

وسط المخاوف المتزايدة بشأن أخطاء المقيمين الطبية ومعدلات الوفيات المرتبطة بتفاوت ساعات العمل؛ أُقيمت دراسات عديدة لتقييم تأثير إنقاص ساعات العمل في أداء عمل الأطباء، وذلك بدءًا من عام 2003 عندما فرض مجلس تفويض التعليم الطبي العالي (ACGME) في أمريكا ألا تتجاوز ساعات المناوبات 30 ساعة متواصلة و80 ساعة كلية أسبوعيًّا، لتُقلَّل أكثر فيما بعد في عام 2011 فتصل إلى 16 ساعة عمل أسبوعية لمتدربي السنة الأولى الجُدد و28 ساعة للمتدربين الباقين وذلك الحد أقصى، ومن ثم عُدِّل القانون في عام 2017 ليسمح بفترات أطول في بعض البرامج التدريبية.

استخدمت إحدى الدراسات قاعدة بيانات فريدة ضمّت قبولات مشافي فلوريدا كلها تقريبًا بين عامي 2000-2009، وحوَت معلوماتٍ مفصلة عن تاريخ التدريب الطبي لأطباء الأقسام الباطنية كلهم في هذه المشافي، ووُجِد أنّ التحديثات في نظام العمل القائم في 2003 لم تؤثر في جودة تدريب الأطباء. علمًا أنه أُخِذ عدد الوفيات ومدة بقاء المريض في المشفى بعين النظر.

ومن المهم أن ندرك أنّ تطور الممارسة الطبية عما كانت عليه قبل قرابة 20-30 عامًا يقلل دور الطبيب الواحد في تحسين نتائج المريض؛ أي إنه في وقتنا الحالي يمكن للمتدرب الطبيب أن يتلقى ساعات تدريب أقل من 80 ساعة في الأسبوع ويكون كفئًا لممارسة العمل الطبي على نحو مستقل.

إن هذا الموضوع يتطلب التركيز على كيفية قضاء ساعات العمل وليس على عددها فقط، إضافة إلى التشديد على أنه من أهم المتغيرات التي يجب تقييمها هو إنهاك الطبيب وتأثير ساعات العمل في صحته، ومن المتغيرات المهمة أيضًا احترافيته ومهارات التواصل بين الطبيب والمريض والمهارات السريرية.

وقد طُرِحت دراسات مشابهة للدراسة السابقة في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر نيسان (أبريل) من هذا العام (2019) للوقوف عند المخاوف نفسها، وكان الاختلاف فيها أنها ركزت على نتائج عمل أطباء الاختصاصات الباطنية على المدى الطويل؛ أي بعد الانتهاء من الاختصاص، وذلك بعكس الدراسات السابقة التي أُجرِيت والتي ركزت على النتائج الفورية لتغيير ساعات العمل وجودة الرعاية المقدمة من الأطباء.

وخلصت أيضًا لعدم وجود أي ارتباط بين تغيير ساعات عمل الأطباء وتغير معدل وفيات المرضى أو إعادة قبولهم أو تكاليف الرعاية الصحية المقدمة لهم.

 وفي مواجهة المشكلة ذاتها في أوروبا، طُوِّر قانون أوقات العمل الأوروبي الذي حدد ساعات العمل الكلي وساعات العمل الليلي وفترات الراحة لكل الموظفين العوام، وحدَّ أوقات عمل الموظفين -بما في ذلك الأطباء- لتصل إلى 48 ساعة عمل في الأسبوع حدًّا أقصى. 

ويبقى الموضوع مثارَ جدل دائم بين مؤيد ومعارض لتقليل ساعات العمل الأسبوعية للأطباء؛ مما يستدعي إجراء دراسات أخرى على نحو أوسع وأعمق لتقييم آثار هذه التغييرات في برامج التدريب الطبية.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا