الطب > مقالات طبية

(الجوكر) والسرُّ القابع خلف ضحكاته وبكائه

أدّى واكين فينيكس Joaquin Phoenix شخصية "الجوكر" التي لاحظ المشاهدون عن طريقها ظاهرةً غريبة، وهي إطلاقه ضحكات هيستيرية في أوقات التوتر أو الخوف، وذلك ليس مستحيلًا أو محض نسج من خيال الكاتب، بل هي أعراض مرض عدم الثبات الانفعالي أو التأثير البصلي الكاذب (pseudobulbar affect)؛ وهو اضطرابٌ عصبي يسبب البكاء أو الضحك المفاجئ الذي لا يمكن السيطرة عليه ويحصل في أوقات مختلفة؛ إذ يمكن أن يجهش المريض بالبكاء في حين أنه لا يشعر بالحزن، وقد يضحك بشدة وهو ليس سعيدًا، أو تغمره سعادة بسيطة لا تدعو إلى الضحك. 

قد يحدث تأثير PBA بالاقتران مع عديدٍ من الأمراض العصبية مثل: التصلب الجانبي الضموري، والتصلب المتعدد، وإصابات خارج هرمية، وألزهايمر، وإصابات المخيخ والأذيات الدماغية سواءً أكانت صدمات أم أورامًا أم سكتات دماغية، وقد يختلط تشخيص المرض أحيانًا بالاضطرابات النفسية كالاكتئاب أو الاضطراب الثنائي القطب، لكنه يشكّل متلازمة إزالة التثبيط؛ إذ تتعطل مسارات مستقبلات الغلوتامات والسيروتونين.

يسبب المرض إحراجًا للمريض ولعائلته ولمقدمي الرعاية الصحية أيضًا، وعلى الرغم من أنه لا يُصنَّف مرضًا نفسيًّا؛ فهو يؤدي إلى اضطرابات نفسية بسبب الإحراج الذي يتعرض له المريض؛ إذ يعاني 30-35% من مرضى PBA الاكتئاب، كذلك يؤثر في العلاقات الاجتماعية ويؤدي إلى حياة أقل جودة، وينبغي أن نأخذ بعين النظر الأمراض العصبية المرافقة التي قد تشكل عبئًا على الحياة، ولكنّ الفهم الصحيح للمتلازمة يساهم على نحو كبير في حل المشكلة وإيجاد العلاج المناسب.

يؤدي المخيخ دورًا مهمًّا في المرض وعلى نحو أكبر مما كان مفترضًا قبل عدة سنوات؛ إذ توجد سبل تسير من قشر المخ (الجبهي) الذي يتحكم بالعواطف إلى الجسر ثم المخيخ، ولا تقتصر وظيفتها في إيصال معلومات حركية، بل تملك وظيفة إدراكية وعاطفية أيضًا.

وتتحدث إحدى الفرضيات عن أنّ المخيخ قد يكون مسؤولًا عن تنظيم الاستجابات العاطفية لتتناسب مع الموقف والحالة الاجتماعية، وذلك بأساس من المُدخَلات الواردة من القشر الدماغي. 

يمكن أن تكون المدة الزمنية عاملًا مفيدًا في التمييز بين الاكتئاب وعدم الثبات الانفعالي PBA؛ إذ يستمر الاكتئاب أسابيع أو أشهرًا، في حين يظهر PBA خلال مدة وجيزة يُبدي فيها المريض استجابةً عاطفية مبالغًا فيها، وذلك لا يظهر لدى مرضى الاكتئاب الذين يعانون نقصَ شهية واضطراباتٍ في النوم.

ومن الملفت للنظر أنّ إحدى الدراسات وجدت أن 41% فقط من المرضى وُضِع تشخيصٌ دقيق للمرض لديهم، وتلقى 52% منهم فقط العلاجَ بوصفة طبية.

كذلك يستخدم الأطباء أسئلة محددة لكشف المرض بدقة وتتطلب إجابات دقيقة وصريحة من المريض، وهي كما يأتي:

1. هل تبكي بسهولة؟

2. هل تضحك بسهولة على أشياء قد تكون غير مضحكة؟

3. هل يتحول الضحك في كثير من الأحيان إلى بكاء؟

4. هل أنت قادر على كبح انفعالاتك العاطفية من ضحك أو بكاء أم تواجه صعوبة في ذلك؟

5. هل تواجه ردودًا عاطفية مبالغًا فيها أو غير مناسبة للموقف؟

6. هل تعكس انفعالاتك العاطفية ما تشعر به فعلًا في ذلك الوقت؟

7. هل تتجنب الجلوس مع الآخرين خوفًا من جيشان عاطفي؟

8. هل تعاني علامات أو أعراضَ اضطرابات في المزاج؟ 

ويمكن أن يجهّز المريض مسبقًا معلومات عن حالته عن طريق تدوين الأعراض التي يعانيها مع جميع تفاصيلها لعرضها على الطبيب.

يجدر بالذكر أنّ المرض يرتبط في 10% من الحالات مع التصلب المتعدد، ويصيب كلا الجنسين من ذكور وإناث على نحو متساوٍ.

المعالجة:

تهدف المعالجة إلى الحد من نوبات الانفعال العاطفي، وتشمل مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات ومثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية للحد من شدة النوبات، أما الدواء الوحيد المُعتمَد من إدارة الغذاء والدواء والذي يستهدف خصيصًا PBA فهو هيدروبروميد ديكستروميتورفان وكبريتات الكينيدين (Nuedexta)؛ إذ أظهرت الدراسات أنّ المرضى الذين يستخدمون هذا العلاج تحصل لديهم نصف عدد النوبات الانفعالية مقارنةً بأولئك الذين يعتمدون على الدواء الوهمي [Placebo[3، ومن التأثيرات الجانبية الشائعة له: الدوار والصداع والإسهال والغثيان والتعب والتهاب البلعوم الأنفي وعسر البلع. 

كيفية مواجهة النوبات:

• يجب إعلام المحيط بالمرض حتى لا يصاب الأشخاص بالدهشة.

• الانشغال بالتفكير في أمر مختلف في أثناء النوبة للتخفيف من حدتها.

• التنفس ببطء وعمق.

• الاسترخاء.

• تغيير وضعية الجلوس أو الوقوف. 

أخيرًا، على الرغم من صعوبة تشخيص المرض؛ فهو ليس مستحيلَ الحل ومن الممكن تجاوزه كأيّ مرض آخر، وذلك بالتعاون بين الطبيب والمريض والالتزام بالعلاج للوصول إلى نوعية حياة أكثر راحة وصحة.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-   هنا

4- هنا

5- هنا