الكيمياء والصيدلة > الآثار الجانبية

العلاج الكيميائي وخطورته على مقدِّمي الرعاية الطبية

أشارت أدلة عديدة مؤخرًا إلى ترافق التعرض المهني للعلاج الكيميائي مع حالات صحية خطيرة عدة؛ تتراوح من الأمراض التنفسية إلى الإجهاض!

وعلى الرغم من أنَّ تعامل الطاقم الطبي من أطباء وممرضين وصيادلة مع العلاج الكيميائي يعرضهم إلى مخاطر عديدة لسُمِّيته العالية، فالمُعدات اللازمة لحمايتهم وضمان سلامتهم في العمل لا تزال غير متوفرة في عديد من المراكز الصحية حتى الآن، إضافة إلى أنَّ بعض العاملين في تلك المراكز لا يستخدمون مُعدات الحماية؛ إمَّا لعدم وجودها في المكان المناسب أو لأنَّها غير مريحة.

وتُعد توعية الطاقم الطبي المستمرة عن مخاطر التعامل مع هذه المواد وحثهم على استخدام تجهيزات الحماية دائمًا أمرًا شديد الأهمية؛ إذ إنَّها تشكل خطرًا غير مرئي أو محسوس، يُظهر نتائجه الصحية على الطاقم الطبي دون أي إنذار.

وتتضمن أدوات الحماية الشخصية ارتداء زوجين من القفازات، وثوبًا مصنوعًا من مادة قليلة النفاذية يُستخدم مرة واحدة فحسب ويُغلق من الخلف، ويُنصح بحماية العينين والوجه أيضًا في الحالات التي يكون العلاج فيها إرذاذيًّا .

وقد يكون لتصميم العيادة وطبيعة الأشخاص العاملين فيها ومدى التزامهم بقواعد السلامة دور مهم في مدى تعرضهم لهذه المواد الخطرة.

وفي تقرير كُتِب بناءً على طلب سرِّي من أحد العاملين في عيادة للأورام؛ نتيجة معاناته من أعراض تنفسية علوية وطفح جلدي وإسهال وصداع، التقطت لجنة من المختصين صورًا بيَّنت وجود تجهيزات الحماية قرب مكان تخزين عبوات العلاج الكيميائي -أي قرب مصدر التلوث- دون وجود حاجز بينهما، وشوهدت موظفة تحمل عبوة الدواء وتستخدم القفازات ولكنَّها تستخدم يدها لتبعد شعرها عن عينيها، إضافة إلى وجود عبوات دواء متروكة على الأسطح في العيادة؛ ممَّا يدل على عدم الالتزام بأصول العمل وقواعد السلامة في العيادة.

وهنا يأتي السؤال، هل يُهمَل كادر التمريض أم هم من يهملون أنفسهم؟

إنَّ السبب الأساسي في الحقيقة هو إهمال الممرضين لأنفسهم وعدم التزامهم بممارسات السلامة في عملهم، إضافة إلى وجود تقصير في التوعية وقلة تشديدٍ على معايير الأمان عند استخدام هذه الأدوية، فغالبًا لا يعي الكادر المخاطر الصحية الطويلة الأمد الناتجة عن التعرض للعلاج الكيميائي تمامًا، والخطر الذي قد يكون أكبر من ذلك هو عدم نسْب المشكلات التي قد يعانيها الممرض أو الممرضة مُستقبلًا إلى التعرض المُسبق للعلاج الكيميائي!

وبسبب الخطورة العالية على الحامل خاصة، أُُضيفت معايير حماية جديدة تخص الممرضات الحوامل والمرضعات أو اللاتي يفكرن في الحمل حتى.

فالتعرض إلى أدوية الأورام قد يضاعف خطر الإجهاض؛  قبل إتمام الأسبوع الثاني عشر من الحمل على وجه الخصوص، ويزيد خطر عدم القدرة على الحمل ثلاثة أضعاف ونصف، وبيَّنت دراسة أُجريت على 8461 ممرضة أنَّ 10% من النساء في الدراسة أجهضن قبل الأسبوع الـ20 من الحمل.

ومع كل التحذيرات السابقة، أشارت دراسة حديثة أُجريت على 40,000 ممرضة -36% منهنَّ يتعاملن مع الأدوية الكيميائية- إلى أنَّ 12% من الممرضات غير الحوامل و9% من الممرضات الحوامل لم يرتدين قفازات لدى تقديمهن الأدوية المضادة للسرطان للمرضى، و42% من الممرضات غير الحوامل، و38% من الحوامل لم يرتدين ثوب الحماية أبدًا.

وتبدأ المشكلة من عدم إحاطة كادر التمريض بآلية عمل العلاج الكيميائي، ما يسبب عدم انتباههم للخطر الذي قد يتعرضون له بالنتيجة؛ الخطر الذي قد يصل إلى السرطانات أو الطفرات أو التشوه في الأجنة.

وقد وُجِد أنَّ قرابة نصف ممرضي المملكة المتحدة يعانون أعراضًا مرتبطة بالتعرض للعلاج الكيميائي، وذلك حسب دراسة أُجريت على 200 ممرض عام 2017.

وأظهرت هذه الدراسة أيضًا أنَّ قرابة نصف المشاركين (46%) قد عانوا من التأثيرات الجانبية للتعرض الكيميائي سابقًا، والتي تمثلت بألم الرأس و/أو دوار و/أو غثيان، إضافة إلى مشكلات أخرى؛ كتساقط الشعر والإجهاض ومشكلات الخصوبة.

وقد نُشرت تحذيرات كثيرة بهدف زيادة توعية طاقم التمريض، نبهت إلى أنَّ التعامل مع الأدوية الخطرة قد يعرِّض مُقدِّم الرعاية الصحية إلى الطفح الجلدي والعقم والإجهاض والعيوب الخلقية لدى الأجنة واحتمالية الإصابة بسرطان الدم أو سرطانات أخرى.

وعلى الرغم من أنَّ استخدام تجهيزات الأمان يقلل خطر التعرض المهني لهذه المواد؛ فلا يمكن ضمان منع هذا التعرض منعًا مطلقًا، ولايوجد دليل من المرتبة الأولى يُثبت أنَّ التعرُّض  للعلاج الكيميائي يتسبب بمرض محدد لدى الممرضات حتى الآن.

وبسبب قلة ممولين الدراسات المختصة بإصابات العمل؛ فمن الممكن اقتراح إنشاء هيئة تسجيل يلجأ إليها العاملون للتبليغ عن المخاطر الصحية التي يتعرضون إليها عند تعاملهم مع الأدوية، وعن الأعراض الصحية البعيدة المدى والمُحدثة نتيجةً لذلك.

ومن المقترحات أيضًا:

المصادر:

هنا