التعليم واللغات > اللغويات

هل يحفِّز سماعُ الأطفال لمناغاتهم لغتَهم؟

"دادا" هي الكلمة الأولى لكثيرٍ من الأطفال؛ إذ إن أصوات المناغاة ذات المقاطع الصوتية والساكنة المتكررة (مثل "دادا") شائعةٌ بين الأطفال حال بلوغهم سنَّ ثمانية أشهر، ولكن هذه الأصوات ليست شائعة بين الأطفال الذين يعانون ضعف السمع الشديد الذي يستمر حتى يركِّبوا أدوات تقوية سمع مزروعة. يُظهر بحث أُجري في جامعة ميزوري University of Missouri أن قدرة الأطفال على سماع أنفسهم تحفِّز بصورة رئيسية مناغاتهم المتكررة، بالإضافة إلى ذلك فإن الأطفال الذين يعانون ضعف السمع الشديد ويضعون أدوات سمع مزروعة من أجل تحسين سمعهم سرعان ما يناغون مثل أقرانهم، الأمر الذي يسمح لهم بالتعويض عمَّا فاتهم من الناحية التنموية.

تقول (ماري فاغان)، الأستاذة المساعدة في علوم التواصل واضطراباته في كلية جامعة ميزوري للمهن الصحية: "السمع جانبٌ حاسم في تحفيز الأطفال على تشكيل الأصوات الأولى، ويبين لنا تعلُّمُ الأطفال من سلوكياتهم -خاصة الكلام- كيف تساعدُ تجاربُ الأطفال الذاتية على تطوير لغتهم وتطوُّرهم المعرفي والاجتماعي، ولذلك لا يقلل هذا البحث من أهمية الكلام الذي يسمعه الأطفال من الآخرين -إذ نعلم أنهم بحاجة إلى أن يسمعوا الآخرين- ولكنه يزيد من وعينا بأن الأطفال ليسوا فقط متلقين سلبيين لما يقوله الآخرون لهم، بل هم منخرطون في عمليتهم التنموية الخاصة".

درست (فاغان) مناغاة 27 طفلًا سليمي السمع ومناغاة 16 طفلًا يعانون ضعف سمع شديد قبل زرع أدوات السمع وبعد زرعها لهم، وهي أدوات إلكترونية صغيرة تُوضع في العظمة خلف الأذن وتستبدل بعضًا من وظائف الأذن الداخلية المتضررة. قبل زرع أدوات السمع، كان الأطفال الذين يعانون ضعف السمع نادرًا ما يُصدرون ألفاظًا متكررة مثل "دا-دا" أو "با-با"، ولكن بعد أشهرٍ قليلة من الزرع، ازداد عدد الأطفال الذين يُصدرون ألفاظًا متكررة، وازداد أيضًا عدد الألفاظ المحتوية على مقاطع صوتية متكررة وعدد التكرارات الفعلية مثل "با-با-با-با-با".

وتقول (فاغان): "يبين لنا البحث أن الأطفال يتحفزون عن طريق سماعهم لما يصدرون من أصوات؛ ومن ثمَّ فإن هذه الأصوات لها وظيفة بطريقةٍ ما"، وتضيف: "إن البحث الذي أجراه الآخرون يدعم الفكرة القائلة بأن الأطفال يشكلون تصويرًا عقليًا لمناغاتهم الخاصة، من مثل هذه السلاسل من المقاطع الصوتية، التي قد تكون السبب في كون الأطفال يميلون إلى استخدام الأصوات التي ناغوها في كلماتهم الأولى أكثر من الأصوات الشائعة في الكلام الذي يستخدمه البالغون معهم".

تقول (فاغان) إن على الأهل الذين لديهم أطفال يعانون ضعف سمع شديد أن يكونوا على معرفة جيدة بأدوات السمع المزروعة قبل اتخاذهم القرار في استخدامها على أطفالهم، وتكمل: "يختار كثيرٌ من الأهالي أن يمتلك أطفالهم ذوو ضعف السمع الشديد أدوات السمع المزروعة، وهذا قرار يجب أن يتخذه الأهل وحدهم"، وتضيف قائلةً: "أيًّا يكن القرار الذي يتخذه الأهل، فإن البيانات تُظهر وبقوة أنه إذا كان الأهل سيختارون أدوات السمع المزروعة، فكلما اتخذوا القرار أسرع كان ذلك أفضل؛ إذ تُظهر الدراسات مثل دراستي مدى سرعة الأطفال الذين يعانون ضعف السمع الشديد في الاستجابة إلى أدوات السمع المزروعة، الأمر الذي يقلل غالبًا من تأثير ضعف السمع في كلامهم ولغتهم وتطور مفرداتهم".

المصادر: 

هنا

هنا