الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية

الكركديه .. شايٌ بنكهة التوت البرِّي

يُزرَع نبات الكركديه Hibiscus في أنحاءٍ مختلفة من العالم؛ وقد لفَتت أزهاره الكبيرة الزاهية الأنظار منذ القدم، فهي ذات ألوانٍ متنوعة تتفاوت بين الأحمر والأصفر والأبيض والمشمشيّ. ومن بين مئات أنواع جنس الـ Hibiscus؛ يتفرد نوع H.sabdariffa بخصائص علاجية مميزة وطعمٍ فريد، مما دفع الباحثين لسبر أغواره والكشف عن مكوناته. 

يُحضَّر شاي الكركديه عن طريق نقع بعض أجزاء النبات؛ مثل الأوراق والأزهار الحمراء الداكنة، في الماء المغلي. ويعود هذا المنقوع بفوائد متعددة على الجسم، وقد يكون أبرزها تأثيره في ضغط الدم؛ فحسب دراسة أجريت في جامعة Tufts في مدينة بوسطن الأمريكية، يمكن لمستخلص الكركديه خفض ضغط الدم بمعدل 7.2 مم زئبقي بعد تناوله بمعدل ثلاثة أكواب يوميًا وعلى مدى ستة أسابيع، وقد تراوح الضغط الانقباضي لدى معظم المشتركين بين 120 و150 مم زئبقي، أما الضغط الانبساطي فكان بحدود الـ 95 مم زئبقي. ويمكن لهذه القيمة البسيطة أن تؤثر إيجابيًا في تقليل خطر الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية [1،3،6،9]. وقد توصلت دراسة مراجعة أجريت عام 2015 إلى نتائج مشابهة لما سبق.

وتُقدَّر الجرعة المثالية لإحداث فرق عند مريض ضغط الدم بـ 1.25-10غ، أو 150 مغ/كغ من الكركديه المضافة إلى 150-500 مل من الماء المغليّ، ويُنقَع مدة 10-30 دقيقة ومن ثم يُشرب بمعدل 1-3 أكواب يوميًا على مدى 2-6 أسابيع.

وقد أظهرت بعض الأبحاث فوائد محتمَلة ومتنوعة لتناول مشروب الكركديه، نستعرضها فيما يأتي: 

1 - غني بمضادات الأكسدة: 

مضادات الأكسدة هي جزيئات تحارب الجذور الحرة التي تسبب تدمير الخلايا والإصابة بالأمراض، وقد تحدثنا في مقال سابق عن مضادات الأكسدة هنا. ويعدُّ شاي الكركديه مصدرًا غنيًا بتلك الجزيئات، لكنَّ الجرعات المستخدمة في الدراسات تكون مركّزةً عادةً وتفوق تلك المستهلكة من قبلنا، لذا فإن تحديد الكمية التي يمكن أن تؤثر في الإنسان يحتاج مزيدًا من الأبحاث.

2 - تقليل شحوم الدم: 

أظهرت الأبحاث نتائج متضاربة في هذا السياق، لكن إحدى الدراسات بيَّنت ارتفاع الكوليسترول الجيد HDL وانخفاض الكوليسترول الكلي والضار LDL والشحوم الثلاثية لدى المشتركين المصابين بالسكري. ولوحظت نتائج مشابهة لدى أشخاص مصابين بالمتلازمة الاستقلابية إثر تناولهم 100 مغ من مُستخلَص الكركديه.

3 - الحفاظ على صحة الكبد: 

يمكن لتناول مستخلص الكركديه مدة 12 أسبوعًا أن يقلل تشحم الكبد لدى المصابين بالبدانة. كذلك بينت الدراسات على فئران التجارب إسهامه في رفع تركيز الأنزيمات الكبدية المزيلة للسموم الناتجة من الأدوية بنسبة وصلت إلى 65%.

4 - المساعدة على خسارة الوزن:

يمكن للمواظبة على تناول مستخلص الكركديه مدة 12 أسبوعًا أن تساعد على خسارة الوزن وخفض نسبة الدهون ومؤشر كتلة الجسم (BMI) ونسبة الخصر إلى الورك.

5 - الوقاية من السرطان: 

تقترح بعض الأبحاث المخبرية وجود تأثيرٍ مُحتَملٍ لمُستخلَص الكركديه في تقليل انتشار خلايا سرطانات الفم وبلازما الدم والبروستات من مناطق الإصابة إلى مناطق أخرى في الجسم، فضلًا عن قدرته على تثبيط خلايا سرطان المعدة، وترجع تلك الخصائص إلى محتواه من البوليفينولات وخصوصًا مجموعة الأنثوسيانينات.

6 - الفعالية المضادة للبكتيريا: 

ينت الدراسات المخبرية فعالية مستخلص الكركديه في تثبيط جراثيم الإشريكية القولونية Escherichia coli المسببة للاضطرابات الهضمية، إضافةً إلى سلالات بكتيرية أخرى.

كذلك لوحظ انخفاض في حالات التهاب المثانة والمسالك البولية لدى الأشخاص الذين يحتاجون القثاطير (القساطر) البولية ويخضعون لرعاية طويلة الأمد، وذلك نتيجة استهلاك شاي الكركديه وبنسبة 36٪.

وتقترح بعض الدراسات؛ وجود فعالية محتمَلة للكركديه في علاج الإمساك، والغازات، وفقدان الشهية، وتشنجات المعدة والأمعاء والرحم، ونزلات البرد، واحتباس السوائل، وأمراض القلب والأعصاب.

بعض التداخلات والمحاذير:

يعد تناول شاي الكركديه آمنًا عمومًا عند تناوله بكميات معتدلة، ولكن لا بد من بعض التدابير الوقائية في بعض الحالات الخاصة التي نستعرضها فيما يأتي: 

1 - التداخل مع بعض الأدوية: مثل الأدوية المضادة للملاريا، وبعض أدوية السكري، كذلك يُنصح بتجنبه من قبل مرضى ارتفاع ضغط الدم الذين يتعاطون عقار Hydrochlorothiazide ذي التأثير المدرّ البول. ويمكن أن يزيد سرعة طرح الجسم لعقار Acetaminophen المسكِّن للألم، أو أحد منتجاته التجارية مثل Tylenol، لذا يُفضَّل تجنُّب تناوله قبل تناول أحد تلك الأدوية.

2 - خفض السكر والضغط: نظرًا لتأثيراته الخافضة لسكر الدم، يُنصح مرضى السكري بمراجعة الطبيب المعالج لتعديل جرعات الأدوية الموصوفة، كذلك يُنصح هؤلاء المرضى بالامتناع عن تناوله قبل العمليات الجراحية حرصًا على تسهيل التحكم بسكر الدم في أثناء العمليات الجراحية وبعدها. كذلك يُنصح الأشخاص الذين يعانون من انخفاضٍ دائمٍ في الضغط بالامتناع عنه أيضًا.

3 - الحمل والإرضاع الطبيعي: قد يسبب شاي الكركديه آثارًا جانبية مثل الاضطرابات المعدية والغثيان والغازات والإمساك والألم عند التبول وآلام الرأس والرعشة وطنين الأذنين، لذا تُنصح الحوامل والمرضعات بتناوله بكميات قليلة.

4 - الحساسية: قد يعاني بعض الأشخاص من حساسية تجاه إحدى نباتات الفصيلة الخبازية Malvaceae، لذا يُنصح هؤلاء بالامتناع عن تناول شاي الكركديه. 

قد تقتصر الفوائد الآنفة الذكر على الجرعات المركّزة المستخدمة في الدراسات، لكنها بالتأكيد تَعِدُ بالمزيد من الخصائص التي تقبع بانتظار اكتشافها! يمكنكم الاستعاضة عن المشروبات الغازية والمصنعَّة بتجرية منقوع الكركديه الذي يعد بديلًا لذيذًا ومفيدًا للصحة.

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4-هنا

5- هنا

6- هنا

7- هنا

8- هنا

9- هنا