منوعات علمية > منوعات

اللحوم النيئة خطرٌ عليك وعلى حيوانك الأليف!

يعتقد بعض الناس أن إطعام الحيوانات الأليفة وجبات نيئة تتكون على نحو أساسي من لحوم العضلات النيئة ولحوم الأعضاء الداخلية للحيوانات واللحوم غير منزوعة العظام وما إلى ذلك أمرٌ طبيعي وصحي وأفضل من الوجبات الغذائية المصنعة والمتوفرة تجاريًا. إذ تشير بعض الادعاءات إلى أن هذه الوجبات تؤثر إيجابًا في حيوية الكلاب وجهازها الهضمي والمناعي، لكن لا توجد أيَّة أدلة علمية تثبت صحة ذلك.

وعلى العكس فقط أثبتت الدراسات بأن اللحوم النيئة تنقل البكتيريا إلى الحيوانات مما قد يعرِّض البشر لخطر الإصابة بالعدوى ويزيد احتمال تطور سلالاتٍ مقاومةٍ للصادات الحيوية أيضًا. واتضح ذلك من خلال الأدلة المستندة إلى حالاتٍ مسجلةٍ لإصابة القطط والكلاب بداء اليرسينيات Yersiniosis والسالمونيلا Salmonellosis؛ وهي أمراض تصيب الجهاز الهضمي، إثر تناول منتجات اللحوم النيئة، وإصابة كلبٍ بالحمى المالطية Brucellosis بعد تناوله لحم أرنبٍ نيئ.

وعلى الرغم من كونها نواتج ثانوية من عمليات ذبح الحيوانات المعدَّة للاستهلاك البشر، لكنها لا تحوي مواد أخرى مثل المواد الحافظة والمثبتات والعوامل المهلمة والمحليات والمنكهات والفيتامينات والعناصر المعدنية، مما يعني أنها قد تشكل خطرًا على التوازن الغذائي، مسببة عوزًا في العناصر الغذائية التي ترتبط بمشكلات الجلد والغدة الدرقية.

أجرت عالمة الأحياء الدقيقة ماجدالينا نويش-إندربنن Magdalena Nüesch-Inderbinen وزملاؤها دراسةً في معهد الأغذية والصحة في جامعة زيورخ في سويسرا؛ تضمنت 51 نوعًا من وجبات اللحم النيئ الخاصة بالكلاب فقط والمُنتَجة من قبل ثمانية شركاتٍ مختلفة، وشملت عدة أنواع من اللحوم مثل لحم الدجاج والبقر والحصان والخروف والسمك؛ جميعها كانت مستوردةً من ألمانيا وسويسرا وغيرَ مطهيةٍ أو خاضعةٍ لعمليات البسترة والتجفيف.

أُخِذَت عينات من كل وجبة بهدف تقييم حمولتها من البكتيريا الهوائية المحبة للحرارة المعتدلة Aerobic Mesophilic Bacteria-AMB، والبكتيريا المعوية أو المعويَّات Enterobacteria؛ ومنها السالمونيلا Salmonella sp. والإشريكية القولونية Escherichia coli والشيغيلا Shigella sp. وغيرها من البكتيريا الضارة التي يمكن أن تتوافر في عينات اللحوم النيئة، وقُورنت النتائج بمعايير السلامة الميكروبيولوجية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والخاصة بأطعمة الحيوانات الأليفة.

وبعد إجراء التحاليل اللازمة على مجمل العينات، أظهرت النتائج أن 28 صنفًا من تلك المنتجات؛ أي ما نسبته 55%، قد سجلت تعدادًا للبكتيريا الهوائية AMB أعلى من 5*106 وحدة مكونة للمستعمرات cfu/غ، وتراوحت القيمة بين 8.2*104 وحدة مكونة للمستعمرات/غ و7.4*108 وحدة مكونة للمستعمرات/غ.

أما المعويَّات فقد كانت أعدادها أعلى من الحد الأعظمي المسموح به؛ وهو 5*103 وحدة مكونة للمستعمرات/غ، وذلك في 37 نوعًا من المنتجات؛ أي ما يعادل 72.5% من العينات. وبلغت أعلى قيمة للمعويَّات 2.2*107 وحدة مكونة للمستعمرات/غ.

في حين لم يُلحظ وجود السالمونيلا إلا في عينتين فقط؛ أي ما يعادل 3.9% من مجمل العينات، وكان ذلك في لحم الخروف ولحم الديك الهندي.

عمومًا، كانت النتائج غير مقبولة في 72.5% من العينات المدروسة، إذ كانت مخالفةً للمواصفات الجرثومية الخاصة بالمعويَّات والتي وضعت ضمن إطار تشريعات الاتحاد الأوروبي الخاصة بنواتج المنتجات الحيوانية الثانوية والمخصصة لإطعام الحيوانات، فضلًا عما أبدته كثيرٌ من السلالات المعزولة من مقاومة للصادات الحيوية؛ وهو أمر خطير يستدعي اتخاذ إجراءات صارمة، خصوصًا في ظل سهولة انتقال بعض العوامل الممرضة إلى حيوانات أخرى أو إلى الأشخاص الذين يتشاركون السكن مع تلك الحيوانات، ويعد ذلك خطرًا على صحة بعض الفئات العمرية على نحو خاص؛ مثل الأطفال وكبار السن والسيدات الحوامل والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.

يُذكر أن إجراء تقييمٍ قاطعٍ لجودة المنتجات وسلامتها يتطلب مزيدًا من البيانات ومزيدًا من المقارنات مع دول أخرى، ولكن هذا لا يقلل من خطر المشكلة؛ فانتشار العوامل الممرضة عن طريق الحيوانات يعد خطرًا كبيرًا على البيئة والبشر والصحة العامة أيضًا، ولا بد من تزويد أصحاب الحيوانات الأليفة بالمعلومات الصحيحة بما يتعلق بالوجبات الغذائية التي يمكن أن يخصِّصوها لحيواناتهم لضمان صحتها وصحة أفراد عائلاتهم.

المصدر:

هنا