علم النفس > الصحة النفسية

هل يؤثر ذكاؤنا العاطفي في اتجاهاتنا الفكرية؟

لطالما أثار الأداء المعرفي للأفراد المؤيدين بقوة للمواقف اليمينية والمواقف المتعصبة كثيرًا من الاهتمام العلمي، وكشفت الدراسات التي بحثت في الموضوع أن انخفاض القدرات الإدراكية له ارتباطٌ قويٌّ بالمواقف اليمينية والتعصب، ومع ذلك فقد ظلت هذه العلاقة غيرَ معترف بها على نطاق واسع.

بالمقابل؛ لم تكن القدرات العاطفية أقل ارتباطًا، على الرغم من إمكانية توقع ذلك استنادًا إلى الأدب الكلاسيكي والحديث، فقد كشفت نتائج دراسة -كان هدفها البحث في القدرات العاطفية والمواقف اليمينية وكشف تأثيرات القدرات العاطفية والإدراكية في هذه المواقف- أن هذه القدرات ترتبط ارتباطًا ملحوظًا وسلبيًّا بالمواقف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية اليمينية وكذلك التعصب العرقي.

فهل حقًّا توجد علاقة بين اتجاهاتنا الفكرية وذكائنا العاطفي والإدراكي؟

على الرغم من آثارها المهمة في السلوكيات والعلاقات الشخصية؛ فقد تجاهلوا القدراتِ المعرفية إلى حد كبير بوصفها تفسيرًا للتعصب، وفي تحليل لمجموعتَي بيانات من المملكة المتحدة، وجد الباحثون أن انخفاض الذكاء العام في الطفولة يتنبأ بمزيدٍ من العنصرية في مرحلة البلوغ، ويظهر ذلك لدى ذوي الفكر المحافظ أيضًا.

إن الأشخاص ذوي الذكاء العام المنخفض أقلُّ ثقة بالآخرين وأقل دقة في فهم سلوكيات الأشخاص ونواياهم، وأن المنتمين للحزب المحافظ لديهم خوف أكبر وقلق من كون الآخرين سببًا في انحلال المعايير المجتمعية والأخلاقية والتقاليد.

وأكد تحليلٌ لبيانات أمريكية وجودَ ارتباطٍ بين مهارات التفكير التجريدي الضعيفة والتحيز ضد المثليين جنسيًّا، وتشير النتائج إلى أن القدرات الإدراكية تؤدي دورًا مهمًا في التحيز وإن كان غير مُقدّر. 

وفي بحث آخر سُئل فيه المشاركون: "تخيل أننا ألقينا عملةً واحدة 1000 مرة؛ ما تخمينك الأفضل عن ظهور النقش في الألف مرة؟"، عندها أخذ المشاركون الذين أجابوا إجابةً صحيحة نقطةً، في حين لم يحصل الذين أجابوا إجابةً خاطئة على أيَّة نقاط.

ثم أجاب المشاركون عن ثلاثة أسئلة من اختبار الإدراك المعرفي بحيث أُعطوا للإجابة الصحيحة نقطةٌ وللخاطئة صفر، وطُرح سؤال "إذا استغرقت 5 آلاتٍ 5 دقائقٍ لعمل 5 قطع، فكم يستغرق 100 جهازٍ لإنشاء 100 قطعة؟" وأُخذت كلٌّ من النقاط والمتوسط الحسابي للعينتَين ووُضعا في جدولين.

ثم طُلب منهم تحديد قدرتهم بالتعامل مع الكسور على مقياس من (1) "لست جيدًا على الإطلاق" إلى (6) "جيد للغاية".

وكان الهدف من الاسئلة معرفةَ المستوى الحسابي، وقد عدّوا أنفسهم ماهرين بالحساب، بعدها طُلب منهم تحديد انتمائهم للجناح اليميني على مقياس من (1) "لا أوافق بشدة" إلى (7) "أوافق بشدة"، ومقياس من (1) "ليبرالي بشدة" إلى (9) "متحفظ بشدة".

وخَلُصت النتائج إلى وجود ارتباط سلبي بين القدرات الحسابية والانتماء للجناح اليميني وكذلك التحفظ الاجتماعي.

في النهاية، نستنتج أن القدرات الإدراكية هي عامل مهم في نشأة المواقف الفكرية، وأن دراسة القدرات العاطفية لديها القدرة التنبئية على فهم التحيز والتعصب، ولكنّ فكرة وجود اتجاهات فكرية معينة متعلقة بقدرات عاطفية وإدراكية منخفضة أو مرتفعة لا تعني أن ذلك صحيحٌ تحت كل الظروف.

مصادر المقال:

هنا

هنا

هنا

هنا;