الطب > زراعة الأعضاء

زرع القلب

زرع القلب عملية كبرى يُستبدَل فيها قلب المريض بقلب متبرع مُتوفَّى مناسب.

أجرى الدكتور كريستيان بارنارد  Christian Barnard من جنوب إفريقيا أولَ عملية زرع قلب عام 1967م، تلتها أول عملية في الولايات المتحدة في جامعة ستانفورد عام 1968م.

ولكن؛ كانت نتائج العمليات الأولى متواضعة بسبب مضاعفات ما بعد العمل الجراحي كالإنتان ورفض القلب المزروع؛ مما أدى إلى انخفاض عدد حالات زرع القلب.

ولكن قد حسّن دخول المثبطات المناعية المعتمدة على السيكلوسبورين عام 1980م من معدلات النجاة، حتى أصبحت -تدريجيًّا- عملياتُ زرع القلب العلاجَ المعتمد للمرحلة النهائية من القصور القلبي؛ إذ تُجرَى سنويًّا عملية زرع القلب لقرابة 1% من المرضى الذين يعانون قصور القلب (أي من المرضى جميعهم الذين يعانون قصورًا قلبيًّا بغض النظر إن كانوا مرشحين ملائمين للخضوع لعملية زرع القلب أم لا). 

يحدث القصور القلبي المتقدّم عندما يفشل القلب في ضخ الكمية الكافية من الدم التي تلبي احتياجات أعضاء الجسم وأنسجته، وغالبًا ما يسبب القصور الشديد أعراضًا كالتعب الشديد وتورم القدمين وضيقٍ في التنفس.

وتشمل الأسباب المُحتمَلة للقصور القلبي:

·         داء الأوعية الإكليلية (الداء القلبي الإكليلي).

·         أمراض الدسامات (الصمامات).

·         أمراض القلب الخلقية.

·         اضطرابات النظم.

·         اعتلال العضلة القلبية. 

استطبابات زرع القلب:

يُعدّ زرع القلب العلاجَ المُختار للعديد من مرضى المرحلة النهائية من قصور القلب، وللذين يعانون الأعراضَ على الرغم من حصولهم على العلاج الطبي الأمثل؛ إذ تزداد نسبة البقيا وتتحسن نوعية الحياة لدى المرضى الذين اُختيروا بعناية لإجراء الزرع، ويتجاوز عدد المرشحين المناسبين لتلقي قلب جديد عددَ المتبرعين، ولهذا يُختار المرشحون الأكثر ترجيحًا للاستفادة.

تختلف استطبابات زرع القلب وأهلية المرضى ما بين المؤسسات (المنشآت)، وغالبًا ما يُجري فريق طبي متعدد الاختصاصات تقييمًا كاملًا لضمان توزيع أعضاء المتبرعين المحدودة العدد جيدًا.

يعاني معظم المرضى المرشحين للزراعة قصورًا قلبًّا مزمنًا استمر عدة سنوات، ولكن؛ قد تكون عملية زراعة القلب الاحتمال الوحيد لضمان نجاة عدد محدد من المرضى الذين يعانون قصورًا قلبيًّا حادًّا. 

وقد تشمل الاستطبابات المحددة لإجراء الزرع ما يأتي:

·         اعتلال العضلة القلبية التوسعي.

·         اعتلال العضلة القلبية الإقفاري.

·         أمراض القلب الخلقية التي لا يمكن علاجها بطريقة أخرى، أو عندما تفشل محاولات العلاج الموجودة جميعها.

·         أن يكون الكسر القذفي EF أقل من 20%.

·         أن تكون مقاومة الأوعية الرئوية أقل من وحدتي وود.

·         أن يكون عمر المريض أقل من 65 عامًا.

·         أن يملك المريض القدرة والإمكانية للخضوع للعناية الطبية والمراجعات اللازمة بعد الخضوع للعمل الجراحي. 

مضادات الاستطباب:

قد تُقصي عدة عوامل الشخصَ من الخضوع لزرع القلب، سواءً أكان لاحتمال الوفاة العالي نتيجةً للعمل الجراحي أم لانخفاض احتمالية التعافي بعد العمل الجراحي.

ومن هذه العوامل: السرطان الفعّال، والسكري، والبدانة، والإنتان، وعدم القدرة على الالتزام بالعلاج الدوائي أو إعادة التأهيل بعد العمل الجراحي.

وتشمل مضادات الاستطباب المطلقة ما يأتي:

1-  القصور الكلوي المتقدّم غير القابل للعكس، مع كرياتينين أكبر من 2 أو معدل تصفية الكرياتينين أقل من 30-50 مل/دقيقة، دون وجود خطة لدى المريض للخضوع لزرع كلية.

2-  القصور الكبدي المتقدم غير القابل للعكس.

3-  ارتفاع الضغط الرئوي غير القابل للعكس، ويعود هذا إلى خطورة حدوث قصور حاد في البطين الأيمن (لقلب المتبرع) بعد إجراء عملية الزرع بوقت قصير والناجم عن عدم قدرة قلب المتبرع على مواءمة الضغط الرئوي المرتفع.

4-  وجود مرض رئوي برانشيمي متقدم وغير قابل للعكس أو أن يكون FEV1 < 1 L/min.

5-  وجود قصة لسرطان -سواء أكان ورمًا صلبًا أم ورمًا دمويًّا- في السنوات الخمس السابقة (لاحتمال عودة الإصابة). 

وبعد أن يقرر الفريق الطبي أنّ المريض مرشحٌ ملائمٌ للخضوع لعملية الزرع، يُسجَّل المريض على لائحة الانتظار ويبقى مُتابَعًا من قبل الفريق الطبي بالطبع. علمًا أنه يوجد قرابة 3000 مريض على لائحة الانتظار في الولايات المتحدة. 

الاستقصاءات:

تتطلب عملية زرع القلب إجراء استقصاءات وتقييم لكل من المتبرع والمتلقي قبل إجراء العمل الجراحي.

يتضمن تقييم المتلقي المُحتمَل فحوصًا مخبرية مثل اختبارات الدم، وتحري الفيروسات كالتهاب الكبد وفيروس HIV وفيروس ابشتاين بار EBV، إضافة إلى اختبارات السل، والفطور، والتنميط النسيجي لمعرفة التوافق المناعي بين المتبرع والمتلقي، كذلك يُقيَّم كل من القلب والرئة والثدي. 

أما فيما يخص تقييم المتبرع، فيشمل الاختبارات التي تضمن فعالية الوظيفة القلبية، وتحرّي وجود الأمراض الإنتانية كالـHIV والتهاب الكبد B وC، إضافة إلى تحري وجود إصابة سرطانية فعالة. 

ومن العوامل الأخرى المؤثرة في التوافق ما بين المتبرع و المتلقي: العمر، وحجم القلب، والتطابق المناعي.

الإجراء الجراحي:

يتطلب إجراء العمل الجراحي إجراءَ شق عبر القص، واستعمال المجازة القلبية الرئوية (الجهاز الذي يعمل بديلًا لقلب المريض ورئتيه في أثناء العمل الجراحي)، ومن ثم يستأصل الفريق الجراحي قلبَ المتبرع.

ومن المهم معرفة أنّ عملية الزرع يجب أن تحصل في الساعات الأربع التالية لاستئصال القلب من المتبرع؛ إذ يستأصل الجراح بطينات قلب المريض المتلقي، ولكن يترك كل من الأوعية الكبيرة والأذينتين اليمنى واليسرى، ثم يُخاط قلب المتبرع إلى هذه المناطق. 

العناية بعد العمل الجراحي:

يُنقَل المريض بعد العمل الجراحي إلى وحدة العناية المشددة، وبعد أن يخرج المريض من المشفى سيحتاج إلى إجراء مراجعات دورية للتأكد من عدم حدوث رفض للعضو المزروع، كذلك سيخضع المريض لفحوص دورية كفحوص الدم والإيكو وتخطيط القلب والخزعات.

إضافة إلى ذلك، يحتاج المريض بعد الخضوع للعمل الجراحي إلى أدوية مثبطة للمناعة مدى الحياة، وذلك

لمنع الجهاز المناعي للمتلقي -الذي يتعرف إلى القلب بكونه غريبًا (أجنبيًّا)- من رفض قلب المتبرع. 

يبلغ معدل نجاة المرضى قرابة 85% في العام الأول التالي للعمل الجراحي، ويمكن أن تتحسن أعراض القصور القلبي وتتحسن نوعية الحياة لدى هؤلاء المرضى، كذلك يمكن أن يطيل زرع القلب حياةَ المرضى الذين يعانون المرحلةَ النهائية من القصور القلبي مدةً قد تصل إلى 10 سنوات. 

المخاطر:

تمتلك عملية زرع القلب مخاطر محتملة كباقي عمليات القلب الجراحية الكبرى، ومن هذه المخاطر: النزف، والإنتان، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، والخثرات الدموية، والوفاة.

ويمكن أن تسبب الأدوية المثبطة للمناعة زيادةً في خطر حدوث الإنتانات والسرطانات.

يُعدّ كلٌّ من فشل الزرع، ورفضه، والإنتانات من أشيع الاختلاطات التي تحدث في العام الأول التالي للعمل الجراحي. في حين تضم أكثر المضاعفات شيوعًا بعد انقضاء العام الأول كلًّا من السرطانات، واعتلال الأوعية الناتج عن زرع القلب (cardiac allograft vasculopathy). 

وفي الختام؛ بعد أن أصبح زرع القلب العلاج الأساسي لمرضى المرحلة النهائية من القصور القلبي، فإن التطور الذي طرأ على كل من المثبطات المناعية والتكنيك الجراحي والعناية الطبية التالية للزرع قد أدّى إلى انخفاض حدوث الرفض الحاد للقلب المزروع. ولكن؛ قد تساهم الموازنة على نحو حذر ما بين العلاج المثبط للمناعة والمراقبة الحذرة لأي من المضاعفات في مزيدٍ من التحسن في نتائج زرع القلب على المدى البعيد. 

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا