البيولوجيا والتطوّر > علم الأعصاب

ماذا لو نقلنا مورثة من خلايا الدماغ البشري إلى القردة؟ (الجزء الأول)

كيف زاد العلماء الصينيون من ذكاء القردة؟ 

بكلمات بسيطة؛ حاول العلماء في جنوب الصين تضييق الفجوة التطوريَّة بين البشر والقردة، فأجروا تعديلات وراثية على عديد من قرود المكّاك، وذلك عن طريق وضع نسخ لمورثات يُعتَقد بأنها تؤدي دورًا في تشكيل الذكاء البشري.

لكن لنتعمق أكثر في الموضوع:

تشير المعلومات المتوفرة إلى أن أدمغة أسلافنا قد نمت من حيث الحجم والأداء؛ مما ميّزنا عن غيرنا من الرئيسيات كالشمبانزي، ولذا قرر العلماء البحث عن المورثات المختلفة بين البشر والشمبانزي -علمًا أنّ نسبة التشابه الوراثي بين الإنسان والشمبانزي تصل إلى قرابة 98%- بهدف تحديد موقع مادتنا الوراثية التي تجعلنا مميزين -نحن البشر- من حيث الذكاء.

يقول Bing Su (بينج سو)؛ عالم الوراثة في معهد Kunming لعلوم الحيوان ومدير البحث: "هذه هي   المحاولة الأولى لفهم تطور الإدراك البشري باستخدام قردة مُعدَّلة وراثيًّا". وتبعًا للنتائج التي توصّلوا إليها، كان أداء القرود المُعدَّلة وراثيًّا أفضل في اختبارات الذاكرة التي تحتوي على ألوان وصور.

وعلى الرغم من ذلك؛ لا تزال التجارب التي وُصِفت في 27 آذار/مارس في مجلة ( Beijing National Science Review) بعيدةً عن تحديد أسرار العقل البشري أو الوصول إلى ظهور رئيسيات ذكية، فقد توقع الفريق الصيني -بناءً على التجارب التي أجراها- أنه يمكن للقرود المعدًّلة وراثيًّا أن تصبح في النهاية أكثر ذكاءً وسيزداد حجم الدماغ عندها، ولهذا السبب فُحِصت هذه القردة بواسطة أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس حجم المادة البيضاء في الدماغ، كذلك استُخدِمت الحواسيب لإجراء اختبارات الذاكرة عليهم. ووفقًا لتقرير الفريق؛ لم يكن لدى القرود المعدَّلة وراثيًّا أدمغة أكبر، لكنّ أداءها في اختبارات الذاكرة كان جيدًا، وقد عدّ الفريق هذا الاكتشاف ملفتًا.

المورثات وذكاء البشر:

يختص بحث Su (سو) في "الانتقاء الدارويني" الذي يتلخص بانتشار المورثات لأنها ناجحة، ويشمل مواضيع مثل تكيف الثيران في جبال الهيمالايا للعيش على ارتفاعات عالية وتطور لون بشرة الإنسان استجابةً للشتاءات الباردة. 

ومن المورثات التي تُعدّ موضع اهتمام: المورثة (FOXP2) التي تُدعَى بلغة الصحافة "مورثة اللغة" الشهيرة بصلتها المحتملة بالتكلم عند الإنسان؛ إذ إنّ هناك عائلة بريطانية ورث أفرادها نسخة غير طبيعية من هذه المورثة فأصبحوا يعانون مشكلة في التحدث، وسرعان ما حوّر العلماء في أنحاء العالم  هذه المورثة في الفئران واستمعوا عن طريق مكبرات الصوت إلى الموجات فوق الصوتية لمعرفة ما إذا تغيّر صرير الفئران.

أما المورثة التي اهتم بها Su (سو)؛ فهي مورثة (MCPH1) أو (microcephalin)، وهي المورثة المسؤولة عن صغر حجم الرأس؛ إذ لم يقتصر الأمر على اختلاف تسلسل المورثة بين البشر والقردة فحسب، ولكنّ الأطفال الذين يعانون خللًا في هذه المورثة يولدون برؤوس صغيرة؛ مما يجعلنا نجد رابطًا لحجم الدماغ. وقد استخدم Su (سو) مع طلابه أدوات لقياس قياسات رؤوس 867 من الرجال والنساء الصينيين لمعرفة ما إذا كان يمكن ربط النتائج بالاختلافات الموجودة في المورثة.

وبحلول عام 2010م، سنحت الفرصة لـ SU (سو) بإجراء تجربة أكثر تحديدًا؛ إذ أضاف مورثة صغر الرأس البشري إلى القردة، ولإجراء ذلك عرّض Su (سو) والمتعاونون معه في مختبر Yunnan Key للأبحاث الطبية الحيوية أجنةَ القرود لفيروس يحمل النسخة البشرية من مورثة صغر الرأس، فولد 11 قردًا يملك كل منهم ما بين 2-9 نسخ من المورثة البشرية في أجسامهم؛ نجى منهم خمسة خضعوا لمجموعة من قياسات الدماغ.

المصدر:

هنا